يخشى الروس المشتركون في تطبيق "تلغرام"، من حجب خدمة الرسائل المشفّرة، التي أصبحت بالنسبة إليهم المصدر الرئيسي للمعلومات غير الخاضعة للرقابة.
ويُلاحَق مؤسس التطبيق بافيل دوروف قضائيًا في فرنسا، بتهمة عدم اتخاذ تدابير للحد من إساءة استخدام مشتركين لتطبيق المراسلة، خصوصًا عدم اعتماد آلية للحد من المحتوى المتطرف والتعاون مع المحققين.
وأثار توقيفه ضجة كبيرة داخل الكرملين وبين القوى الليبرالية الروسية المعارضة للهجوم في أوكرانيا.
وقال أليكسي فينيديكتوف، رئيس إذاعة "صدى موسكو" التي حُظرت في روسيا بعد انتقادها الحرب على أوكرانيا، إن "تلغرام هو تطبيق مراسلة عملي وموثوق للغاية للروس، بغض النظر عن آرائهم السياسية".
وقال فينيديكتوف لوكالة فرانس برس، إنّ التطبيق "يُعرف بأنّه مستقلّ عن الدولة" الروسية.
وفينيديكتوف مدرج في قائمة "العملاء الأجانب" في روسيا، ويملك قناة إخبارية على "تلغرام" يتابعها أكثر من 200 ألف مشترك.
وبالتالي، سيكون حظر محتمل للتطبيق بمثابة "إجراء رقابي" بالنسبة إليه، إذ يخضع جزء كبير من المواضيع التي تغطيها قناته والعديد من القنوات الإخبارية الأخرى مثل الحرب على أوكرانيا، والمحاكمات السياسية للمعارضين، وسبل تجنّب الالتحاق بالجيش، لرقابة صارمة في وسائل الإعلام الحكومية.
نمو شعبية "تلغرام" في ظل غياب الرقابة
ونمت شعبية تطبيق "تلغرام" في البلاد بشكل مطرد، بعد حظر موسكو شبكات اجتماعية غربية مثل "إنستغرام" و"فيسبوك" و"إكس" في مارس/ آذار 2022، والعديد من وسائل الإعلام المعارضة التي لا يُمكن الوصول إليها الآن إلا عبر شبكة خصوصية افتراضية.
ووفقًا لدراسة أجرتها مجموعة "ميدياسكوب" للبحوث، يُعدّ "تلغرام" التطبيق الرابع الأكثر استخدامًا، متفوّقًا على "يوتيوب" وشبكة "فكونتاكتي" الروسية للتواصل الاجتماعي.
وأظهرت الدراسة التي نُشرت في يناير/ كانون الثاني الماضي، أنّ 67% من مستخدمي "تلغرام" في روسيا يُفضّلون قراءة القنوات السياسية والمستجدات، فيما يركز 6% فقط على القنوات المتخصّصة في الترفيه أو السينما.
وفي هذا الإطار، قالت الخبيرة في الشؤون السياسية تاتيانا ستانوفايا من مركز "كارنيغي روسيا أوراسيا": "ليس هناك بديل لتلغرام" في روسيا حيث "أصبح المصدر الرئيسي للمعلومات".
واعتبرت أنّ حظر "تلغرام" سيكون "أمرًا حرجًا" بالنسبة إلى الروس "الذين يعيشون في ظروف يتضاءل فيها إمكان الوصول إلى المعلومات عبر وسائل الإعلام التقليدية" التي تعمل تحت ضغط السلطات.
أداة للتواصل العسكري
وفي موسكو، حذّر الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف فرنسا من تحويل القضية إلى "ملاحقة سياسية"، مؤكدًا أنّ دوروف "مواطن روسي" و"سنُراقب ما سيحصل".
من جهته، قال المعارض الروسي إيليا ياشين الذي أُطلق سراحه أخيرًا من السجن ضمن عملية تبادل سجناء مع الغرب: "أنا لا أعتبر بافل دوروف مجرمًا، وآمل في أن يتمكن من إثبات براءته".
وأضاف أنّ لدوروف "الحقّ في عدم التعاون مع الأجهزة الخاصة إذا لم يكن ينتهك هو نفسه القانون".
ومنذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، أصبح "تلغرام" أداة للدعاية ومنصّة للعديد من السياسيين والناشطين من طرفَي النزاع، وصولًا إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي يستخدم هذه المنصة يوميًا، لنشر رسائله الليلية.
كما يستخدم الكرملين والوزارات وحكام المناطق الروسية التطبيق، خصوصًا لإبلاغ السكان بهجمات جوية أوكرانية، كما يفعل الأوكرانيون في ما يتعلّق بالهجمات الروسية.
وأصبح "تلغرام" وسيلة تواصل وتنسيق لكل من القوات الروسية والأوكرانية، وفق مدوّنين في روسيا.
واعتبر العسكري الروسي السابق ميخائيل زفينتشوك أنّ "تلغرام أصبح الوسيلة الرئيسية لقيادة الوحدات على جانبَي الجبهة".
ويتابع مدوّنته "Rybar" المتخصّصة في نشر آخر تطوّرات الوضع على الجبهة الأوكرانية، أكثر من 1.3 مليون مشترك.
من جهته، قال الصحافي الروسي الموالي للكرملين أندري ميدفيديف إنّ "تلغرام هو في الواقع تطبيق المراسلة الرئيسي لهذه الحرب. إنه بديل لنظام الاتصالات العسكرية السري".