تتفاقم أزمة المحروقات في لبنان، على وقع "التسوية المؤقتة" التي تمّ التوصّل إليها، وقوامها رفع الأسعار، والتي سيكون لها الكثير من التداعيات على مختلف الجوانب الرئيسية في البلاد، في ظلّ الأزمات التي تتوالى منذ أشهر طويلة.
فقد أعلنت الحكومة اللبنانية رفع أسعار بعض أنواع الوقود، لا سيما البنزين والغاز المنزلي، تطبيقًا لمقرّرات الاجتماع الذي عقد أمس بين رئيس الجمهورية ميشال عون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب.
وتمّ الاتفاق خلال هذا الاجتماع على إيداع 225 مليون دولار في حساب لوزارة المالية في المصرف المركزي بهدف سدّ العجز بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق الموازية، لحين انطلاق عمل البطاقة التمويلية مطلع أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وأتت قرارات الاجتماع قبل كلمة للرئيس اللبناني أشار فيها إلى استخدامه كامل صلاحياته الدستورية لمعالجة أزمة الوقود، مشيرًا إلى أنّ قرار حاكم مصرف لبنان بوقف الدعم من دون العودة إلى الحكومة، وقبل صدور البطاقة التمويلية، هو ما أزّم الوضع.
الأسعار رُفِعت.. أين البديل؟
ويرى عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان جورج البراكس أنّ القرار الذي أصدرته السلطات برفع أسعار الوقود "لن يحلّ المشكلة"، معربًا عن اعتقاده بأنّ الأزمة "لا تزال تراوح مكانها".
ويقول البراكس في حديث إلى "العربي"، من بيروت: "ساعد الله الشعب اللبناني، فهو واقع بين فكي كماشة، بين الذل الذي يتعرض له للحصول على المحروقات، وأسعار الوقود في ظل انهيار قدرته الشرائية مع ارتفاع سعر الدولار عشر أضعاف إذا لم يكن أكثر خلال سنة ونصف".
ويشير إلى أنّ القرار الذي اتخذته الحكومة رفع سعر البنزين لكنه لم يقدّم بديلًا للمواطن، معربًا عن اعتقاده بأنّ "طالما نتشبث بسياسة دعم السلعة وليس دعم المواطن لن يتغير شيء وستبقى السوق السوداء موجودة وكذلك الاحتكار".
كيف تختفي الطوابير والسوق السوداء؟
ويشدّد البراكس، في حديثه إلى "العربي"، على وجوب قلب المعادلة على المستوى التجاري في السوق من خلال تحرير الاستيراد بما يتيح جعل العرض أكثر من الطلب تفاديًا لاستمرار النقص وبالتالي السوق السوداء.
ويوضح أنّه "يجب أن تكون هناك كميات متوافرة في السوق توزّع على المحطات بحسب حاجة السوق"، لافتًا إلى أنّ محطات المحروقات تخفّف حاليًا ساعات العمل، أو تقنّنها، من أجل الحفاظ على الكميات المتوافرة لديها، ولإدارة المخزون، لكن في الحالات الطبيعية، يفترض أن تكون مفتوحة أمام المواطن 24 ساعة على 24.
ويضيف: "يجب تأمين الكميات لذلك، لكن طالما أن مصرف لبنان يسيطر على كميات الاستيراد، فإنّ ذلك قد لا يكون ميسَّرًا".
ويطالب بتحرير السعر، "وبعد ذلك تستطيع الشركات المستوردة أن تستورد قدر ما تشاء وبالنتيجة تختفي الطوابير وكذلك السوق السوداء".