حتى هذه اللحظة، لم يتبلور الموقف الأميركي تجاه أحداث تونس؛ حيث تلتزم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "الحذر وعدم الوضوح" في توصيف قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد.
ويتمثّل ذلك في إصدار بيانات جرت صياغتها بعناية لـ"تجنّب الانحياز" إلى أي طرف، رغم الدعوات إلى دور أميركي أقوى "بما يتماشى مع المبادئ الديمقراطية".
يأتي ذلك بينما تسود حالة من الترقّب الحذر في الشارع التونسي، بانتظار المهلة التي منحتها القوى السياسية للرئيس قيس سعيّد من أجل وضع "خارطة طريق تشاركية" للخروج من الأزمة.
الديك: قرار أميركي خلال أيام
وأشار الدبلوماسي الأميركي السابق مفيد الديك إلى أن الولايات المتحدة "قلقة ومُرتبكة" إزاء ما يحصل في تونس، ولم تصل بعد إلى مرحلة وصف الأحداث بـ"الانقلاب".
وقال الديك، في حديث إلى "العربي" من عمّان: إن الولايات المتحدة ستُصدر خلال أيام قرارها حول أحداث تونس، وذلك بعد الإطلاع على حيثيات ما حصل في المشهد التونسي.
وأضاف: إن واشنطن لا تُريد استعجال الأمور، وهي على اتصال بكل الأطراف السياسية في البلد، للوصول إلى قرارها النهائي.
وإذ أشار إلى أن إدارة بايدن تؤيد الديمقراطية في تونس، أكد أنه إذا توصّلت واشنطن إلى دلائل بأن ما حصل هو "انقلاب"، فإن ذلك سيؤدي إلى تغيير جذري في العلاقات الأميركية-التونسية على مختلف القطاعات السياسية والاقتصادية والأمنية، ومنها وقف المساعدات الأميركية للبلد.
الشلل يصيب المؤسسات الحكومية
وفي ساحة القصبة، تبدو المؤسسات الحكومية "مشلولة" بعد قرار إيقاف العمل بكل الإدارات والمؤسسات الإدارية.
وعلى أبواب المدينة العتيقة، تبدو الحياة أقلّ تأثرّا بكواليس السياسة، حيث يشكّل الهمّ الاقتصادي والصحي الهاجس الأكبر لدى التونسيين.
وينسحب الهدوء الحذر على المشهد السياسي بانتظار ما ستؤول إليه الأمور في الفترة المقبلة، وسط دعوات على المستوى السياسي إلى الرئيس قيس سعيّد للتراجع عن إجراءات الاستئثار بالسلطة التي اتخذها ومن ضمنها إيقاف العمل في المؤسسات الإدارية لمدة يومين، وتمديد حظر التجول الليلي ابتداءً من الساعة السابعة مساء بدلًا من الساعة الثامنة، وتعطيل البرلمان وإقالة الحكومة.
وأشار مراسل "العربي" إلى وجود مخاوف من تأثير هذه التطورات على مكتسبات الثورة خلال الفترة الماضية، وخصوصًا فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير وبمؤسسات الدولة الديمقراطية.
مهلة للإجراءات
في السياق نفسه، حذّرت منظمات المجتمع المدني الرئيسية في تونس، ومنها الاتحاد العام للشغل، الرئيس قيس سعيّد من تمديد الإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها يوم الأحد الماضي لأكثر من شهر.
وفي بيان دعت المنظمات، ومنها نقابتا الصحافيين والمحامين والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، الرئيس إلى وضع "خارطة طريق تشاركية" للخروج من الأزمة.
كما أعفى الرئيس التونسي قيس سعيّد أمس الثلاثاء، مسؤولين في مناصب عليا بالدولة من مهامهم، في حزمة جديدة من الإقالات بدأت الأحد الماضي.
وشملت الإعفاءات كلًا من المعز لدين الله المقدم، مدير ديوان رئيس الحكومة المُقال (هشام المشيشي)، وكاتب عام الحكومة وليد الذهبي، وكل مستشاري رئيس الحكومة المُقال: رشاد بن رمضان وسليم التّيساوي ومفدي المسدي، ورئيس الهيئة العامة لشهداء وجرحى الثّورة والعمليات الإرهابية عبد الرزاق الكيلاني.
كما ضمت حزمة الإعفاءات 8 مستشارين لدى رئيس الحكومة المُقال، و8 مكلفين آخرين بمهام في الديوان نفسه.