لا يقتصر أثر جنوح سفينة الحاويات العملاقة "إيفر غيفن" في قناة السويس في مصر على عرقلة حركة الملاحة في القناة، بل يضع المزيد من العراقيل والصعاب على تجار التجزئة لدى الأوروبيين والأميركيين فيما يتعلّق بتوفير المنتجات.
وتُعد أزمة السفينة، التي بدأت يوم الثلاثاء وقد تستمرّ لأسابيع، أحدث أزمة تتعرّض لها عمليات التوريد العالمية التي شهدت تحولًا كبيرًا، عندما دفعت عمليات الإغلاق الناجمة عن جائحة كوفيد-19 المستهلكين الذين لزموا منازلهم إلى تحديث كل ما يتعلّق من أثاث وأجهزة في تلك المنازل.
وفي هذا الصدد، قالت شركتا "إيكيا"، أكبر مجموعة لبيع الأثاث في العالم، و"ديكسونز كارفون" للأجهزة الكهربائية، ومقرها لندن، إنهما ضمن شركات التجزئة التي لها سلع على متن السفينة الجانحة.
وأكدت شركة "بلوكر" لبيع الأجهزة المنزلية، ومقرها أمستردام، أنها تواجه تأخيرًا في وصول السلع الخاصة بها، لكنها لم تذكر أي تفاصيل أكثر.
9.6 مليار دولار من البضائع
وأدت زيادة الواردات إلى أوروبا والولايات المتحدة بسبب الجائحة، إلى توقّف الحاويات الفارغة في المناطق الخاطئة تمامًا، ورفعت تكلفة الشحن وتسببّت في اختناقات في الموانئ البحرية، ما يؤثر على قطاع النقل ويُهدّد بالتفاقم.
وقال دوغلاس كينت، النائب التنفيذي لجمعية إدارة سلسلة التوريد "إيه.إس.سي.إم."، إن "السفن والحاويات والسلع كلها في الأماكن الخطأ".
وتُقدّر صحيفة "لويدز ليست"، المتخصّصة في شؤون الشحن البحري، أن حوالي 9.6 مليار دولار من البضائع المعبأة في حاويات تمرّ عبر قناة السويس يوميًا. وقال خبراء: إن آلاف الحاويات الفارغة عادت إلى المصانع الآسيوية عبر القناة.
ولدى شركة "إيكيا" للأثاث نحو 110 حاويات على السفينة الجانحة في قناة السويس، وتتحرّى عدد صناديق المنتجات الموجودة على السفن الأخرى التي تنتظر دخول القناة.
وقال هانس مارد، المتحدث باسم العلامة التجارية "إيكيا" و"إنتر إيكيا" المانحة لحقّ الامتياز: "اعتمادًا على كيفية استمرار هذا العمل (إعادة تعويم السفينة)، والوقت الذي يستغرقه إنهاء العملية، قد يؤدي ذلك إلى فرض قيود على سلسلة التوريد الخاصة بنا".
من جانبه، قال ريتشارد روش، رئيس اللجنة الفرعية في الجمعية الوطنية للجمارك وشركات وكلاء الشحن الأميركية: "هذا حدث مدمّر في سوق مشحونة بالفعل حيث تسبب ارتفاع الطلب في عمليات تأخير؛ ما حال دون وصول السلع المستوردة إلى رفوف المتاجر في الوقت المناسب".
تكدّس البضائع
وتتفاقم المشكلات المتعلّقة بشحن الحاويات في أوروبا، حيث تعاني موانئ رئيسية مثل "أنتويرب" في بلجيكا و"فيليكستو" في بريطانيا من التكدّس. لكن الولايات المتحدة مفتوحة على الشرق وسواحل الخليج، ويقول خبراء: إن نحو 45% من حجم البضائع في ميناء نيويورك ونيوجيرسي بالولايات المتحدة يمرّ عبر قناة السويس.
ولم يصدر أي تعليق على الفور من شركة "وول مارت"، التي تستخدم الموانئ البحرية في الجنوب الشرقي وأجزاء أخرى من البلاد، أو من منافستها على الإنترنت "أمازون".
وتصدّرت شركات أميركية مثل "نايك" و"بيلوتون" عناوين الأخبار بالمطالبة بملايين الدولارات من التكلفة المتعلقة بتأخير الشحن وتعطيل وصول المنتج.
وفي غضون أيام، يُمكن أن يبدأ السباق لإعادة توجيه البضائع، ما يضع تجّار التجزئة في التنافس مع صناعات أخرى للحصول على أماكن شحن بأسعار باهظة.
وأوضح أوليفر تشابمان، الشريك البريطاني للمشتريات في سلسلة التوريد "أو.سي.آي"، أن 134 حاوية من معدّات أدوات الحماية الشخصية، والتي تشمل قفازات وكمامات من المقرّر إرسالها في نهاية المطاف إلى منظمات مثل خدمة الصحة الوطنية في إنكلترا، ونورثويل هيلث في نيويورك، موجودة على متن تسع سفن عالقة خلف "إيفر غيفن".
وقال: إن خدمة السكك الحديدية البديلة من آسيا إلى أوروبا مزدحمة بالفعل، والشحن الجوي باهظ التكلفة. وتقوم مجموعته بالفعل بإعادة توجيه بعض الشحنات الأميركية إلى ميناء لوس أنجلوس الذي يرزح تحت وطأة فيض من السلع.