أزمة متفاقمة في تونس.. ماذا بعد حلّ المجلس الأعلى للقضاء؟
أكد رئيس المجلس الأعلى للقضاء في تونس يوسف بوزاخر أنه يرفض بشكل قاطع حلّ المجلس الأعلى للقضاء.
وشدد بوزاخر في تصريح إلى "العربي" على أنّ الرئيس قيس سعيّد لا يملك آليات قانونية ودستورية لتنفيذ هذا القرار.
وكان الرئيس التونسي قرر حلّ المجلس الأعلى للقضاء، مشيرًا إلى أنه سيصدر مرسومًا مؤقتًا للمجلس، فيما تمسك المجلس الأعلى للقضاء في بيان برفضه "المساس بالبنيان الدستوري للسلطة القضائية".
إرساء "سلطة استبدادية"
ويقول خصوم سعيّد إنه سعى إلى السيطرة على القضاء منذ ترؤسه جهاز النيابة العمومية قبل التراجع عنه عقب استئثاره بالسلطتين التنفيذية والتشريعية قبل نصف عام. ولم يمر خطاب للرئيس دون ذكر للقضاء، لكن دائمًا بالاتهام والنقد.
من جهته، يعتبر الناشط في المجتمع المدني أمان الله الجوهري أنّ "الانقلاب الذي نفذه قيس سعيّد لا يمكن له النجاح من دون السيطرة على القضاء".
ويقول في حديث إلى "العربي"، من تونس: "من الواضح أن قيس سعيّد يحاول أن يرسي سلطة استبدادية، ولا يمكن أن تكون موجودة هذه السلطة بوجود سلطة قضائية مستقلة".
"ضرب الدستور"
وفي وقت سابق، ألغى سعيّد امتيازات أعضاء المجلس الأعلى للقضاء تمهيدًا لحله، حيث رفع المجلس "الفيتو" ضد هذا القرار، مؤكدًا أنه "غير دستوري".
من جانبه، استنكر رئيس البرلمان التونسي المعلقة أعماله ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إجراءات الرئيس قيس سعيّد بحق القضاء.
ورأى الغنوشي أن تلك الإجراءات "تضرب في صميم الدستور ومبدأ الفصل بين السلطات".
فيما قال مستشار رئيس حركة النهضة رياض الشعيبي إنّ قرار سعيّد هو "استكمال لمسار الانقلاب وسعي للاستحواذ على السلطات كافة".
وأضاف الشعيبي في تصريحات خاصة لـ"العربي" أنّ الحركة ستدعو إلى مظاهرات يوم الأحد المقبل دفاعًا عن استقلالية القضاء.
بدوره، قال عميد المحامين التونسيين إبراهيم بودربالة لـ"العربي": إنّ الهيئة الوطنية للمحامين "لا تعارض قرار حلّ المجلس الأعلى للقضاء، وتطالب بإصلاحه والنظر في تركيبته".
"سقوط" مبدأ الفصل بين السلطات
وفي هذا الإطار، يؤكد الناطق الرسمي باسم حراك تونس الإرادة عمر السيفاوي أن "لا مجال للحديث الآن في تونس عن مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث"، مشيرًا إلى أن هذا المبدأ "سقط يوم 25 يوليو/ تموز" حين اتخذ سعيّد إجراءاته الاستثنائية وعطل العمل بالبرلمان وأزاح الحكومة.
ويوضح السفياوي في حديث إلى "العربي"، من تونس، أنّ قرار حلّ المجلس الأعلى للقضاء من قبل سعيّد "هو حلقة أخرى من حلقات ضرب مبدأ الفصل بين السلطات والاعتداء على الدستور، وتحطيم البناء الدستوري الذي تم إرساؤه بعد الثورة في إطار الانتقال الديمقراطي".
لا صلاحيات للرئيس
ويبين السيفاوي أنّ الرئيس "لا يملك الصلاحيات والسلطات التي تسمح له بحلّ المجلس الأعلى للقضاء"، مؤكدًا أنه "لا يمكن حلّ المجلس في إطار مرسوم خاص في ظل حالة الاستثناء".
ويشير إلى أن السلطة القضائية مثلها مثل سائر السلطات تحتاج إلى إصلاح، لكن "ليس عبر إرساء مشروع خاص بعيدًا كل البعد عن الديمقراطية وضمن انقلاب على المسار الدستوري".
ويخلص إلى أنّ سعيّد "يوظف ملف الفساد وملفي الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي في معركته مع القضاء"، معتبرًا أنه "توظيف في غير محله"، إضافة إلى أنه "لم يبادر في إصلاحات حقيقية" منذ استئثاره بالسلطة يوم 25 يوليو/ تموز الماضي.