الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

أكثر القصص مأساوية.. الهدف الذي قتل فارس كرة القدم الكولومبية

أكثر القصص مأساوية.. الهدف الذي قتل فارس كرة القدم الكولومبية

شارك القصة

"أنا العربي" يرصد حياة أندرياس إسكوبار اللاعب الكولومبي الذي دفع حياته ثمن هدف في شباك فريقه (الصورة: غيتي)
تتجسّد واحدة من أكثر قصص كرة القدم مأساوية ورعبًا، في مقتل اللاعب الكولومبي أندرياس إسكوبار، الذي دفع حياته ثمن رهانات رجال العصابات وتجار المخدرات.

خلف بريق كأس العالم، جانب مظلم لعالم كرة القدم. وتتجسّد واحدة من أكثر قصص كرة القدم مأساوية ورعبًا، في مقتل اللاعب الكولومبي أندرياس إسكوبار، الذي دفع حياته ثمن رهانات رجال العصابات وتجار المخدرات.

ففي وسط مجتمع يحكمه تجار المخدرات والجريمة في كولومبيا، نشأ اللاعب أندرياس إسكوبار في مدينة ميديلين، ثاني أكبر مدن كولومبيا، التي وُصفت يومًا بـ"عاصمة القتل في العالم"، و"أخطر مدينة على وجه الأرض".

نشأ اللاعب أندرياس إسكوبار في مدينة ميديلين، ثاني أكبر مدن كولومبيا
نشأ اللاعب أندرياس إسكوبار في مدينة ميديلين، ثاني أكبر مدن كولومبيا- غيتي

مدينة تحوّل كثير من سكانها الفقراء إلى دمى يحرّكها رجال العصابات، حيث كانت موطنًا لأخطر رجال المخدرات خلال الثمانينيات والتسعينيات، على رأسهم قطب المخدرات الأشهر في العالم بابلو إسكوبار.

ورغم أنه عُرف بقسوته وتعطّشه للدماء، إلا أن بابلو إسكوبار لُقّب بـ"نصير الفقراء"، بينما أطلق عليه البعض لقب "روبن هود" كولومبيا.

بابلو اسكوبار بارون المخدرات
بابلو إسكوبار بارون المخدرات- غيتي

وكان بابلو إسكوبار محبوبًا لدى فئة كبيرة من أبناء شعبه، حيث أمّن لهم فرص العمل والسكن، وبنى المستشفيات والكثير من ملاعب كرة القدم، واستثمر في العديد من الأندية المحلية ما ساهم في انتعاش كرة القدم الكولومبية.

لكنه في المقابل، أغرق أميركا في مستنقع المخدرات، فجنّدت مختلف أجهزتها الأمنية والاستخباراتية للتخلّص منه، بالتعاون مع السلطات الكولومبية.

وفي عالم مواز لعالم إسكوبار، بارون المخدرات، عاش أندرياس إسكوبار الذي يحمل للمفارقة الاسم نفسه. لكن خلافًا لكثير من أبناء جيله، وجد أندرياس إسكوبار ملاذه في كرة القدم بعيدًا عن عالم الجريمة. فكان واحدًا من أبرز لاعبي الجيل الذهبي في كولومبيا الذين قادوا الفريق إلى مونديال أميركا عام 1994.

أندرياس إسكوبار كان واحدًا من أبرز لاعبي الجيل الذهبي في كولومبيا
أندرياس إسكوبار كان واحدًا من أبرز لاعبي الجيل الذهبي في كولومبيا- غيتي

وبعد أداء فاق التوقّعات في تصفيات كأس العالم، جعل لاعب كرة القدم توقّعات الأسطورة البرازيلية بيليه بوصول المنتخب الكولومبي إلى الدور نصف النهائي في المونديال، حلمًا أقرب إلى الحقيقة.

هذا الأمر دفع تجار المخدرات ورجال العصابات في البلاد إلى ضخّ أموال طائلة كرهانات على فوز المنتخب الكولومبي بقيادة المدافع إسكوبار الملقّب بـ"فارس كرة القدم الكولومبية".

لقّب أندرياس إسكوبار بـ "فارس كرة القدم الكولومبية"
لقّب أندرياس إسكوبار بـ "فارس كرة القدم الكولومبية"- غيتي

لكن المباراة الأولى ضد رومانيا كانت مخيبة للآمال، حيث انهزم الفريق الكولومبي بنتيجة 3-1، لتتحوّل رسائل تمجيد لاعبي الفريق إلى رسائل وعيد وتهديد بالقتل؛ فدبّ الرعب في نفوس لاعبي المنتخب، الأمر الذي أثّر سلبًا على أدائهم في مباراتهم الثانية ضد أميركا التي سجّل فيها إسكوبار هدفًا قاتلًا في مرمى بلاده.

سجّل إسكوبار هدفًا قاتلًا في مرمى بلاده
سجّل إسكوبار هدفًا قاتلًا في مرمى بلاده- غيتي

يومها، عكس المدافع إسكوبار الكرة عن طريق الخطأ في شباك فريقه، ليفوز المنتخب الأميركي بالمباراة بنتيجة هدفين لهدف، ويُقصى المنتخب الكولومبي من المسابقة.

عن غير قصد، حطّم إسكوبار أحلام بعض أبناء شعبه بالثأر من أميركا، التي ساهمت قبل أشهر في الإطاحة ببارون المخدرات الشهير بابلو إسكوبار وقتله.

عن غير قصد، حطّم إسكوبار أحلام بعض أبناء شعبه بالثأر من أميركا
عن غير قصد، حطّم إسكوبار أحلام بعض أبناء شعبه بالثأر من أميركا- غيتي

وفي لحظة تسجيل الهدف، كان ابن شقيقة إسكوبار يُشاهد المباراة. وقال حينها الطفل: "سيُقتل إسكوبار لا محالة"، لكن والدته ردّت: "لا أحد يُقتل من أجل خطأ".

لكنها أخطأت وصدق الطفل.

بعد أن خسروا أموال الرهانات، لم يتحمّل بارونات المخدرات في البلاد الهزيمة؛ فقرّروا الثأر، بحسب تقارير عدة.

تمثال تذكاري لاندرياس إسكوبار في مدينة ميديلين الكولومبية
تمثال تذكاري لاندرياس إسكوبار في مدينة ميديلين الكولومبية- غيتي

وبعد 10 أيام كانت المأساة. كان حينها إسكوبار وحيدًا في موقف سيارات، بعد قضائه الليلة في حانة رفقة أصدقائه في مدينة ميديلين. فأطلق عليه مجموعة من الأشخاص النار، لتستقرّ 6 رصاصات في جسده، فأردته قتيلًا.

نبأ صادم تلقاه عشاق كرة القدم في كولومبيا. وقد حضر جنازته نحو 120 ألف شخص، على رأسهم الرئيس الكولومبي سيزار جافاريا.

صدمت وفاة أندرياس إسكوبار عشاق كرة القدم في كولومبيا
صدمت وفاة أندرياس إسكوبار عشاق كرة القدم في كولومبيا- غيتي

لاحقًا، اعترف قاتل أندرياس بجريمته، وحُكم عليه بالسجن 43 عامًا.

لكن أُفرج عنه بعد 11 عامًا فقط "لحُسن السلوك"، فيما فقد أندرياس حياته للأبد، بعد أن قال معلّقًا على الهدف في تصريحات إعلامية: "الحياة لا تنتهي هنا، علينا الاستمرار. لدينا خياران فقط: إما أن نسمح للغضب أن يشلنا ويستمر العنف، أو نتغلّب ونبذل قصارى جهدنا لمساعدة الآخرين. لقد كانت تجربة مدهشة ونادرة للغاية. سنرى بعضنا البعض مرة أخرى قريبًا لأن الحياة لا تنتهي هنا".

ليتبّن أن ذلك كان خطاب الوداع للشعب الكولومبي.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close