السبت 16 نوفمبر / November 2024

أمير دولة قطر: لا نسعى إلى التنافس مع أحد وإنما إلى شق طريقنا الخاص

أمير دولة قطر: لا نسعى إلى التنافس مع أحد وإنما إلى شق طريقنا الخاص

شارك القصة

أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني (غيتي)
قال أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني: "حظينا بتقدير دولي بسبب دورنا في أفغانستان وتمسكنا بالحوار بدل الحروب والوساطة في حل النزاعات".

أكد أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أنّ دولة قطر خطت خطوات كبيرة في الاكتفاء الذاتي، وتواكب باهتمام التطور في مجال الطاقات النظيفة.

وفي كلمة له في افتتاح أعمال دورة الانعقاد العادي لمجلس الشورى، أشار إلى أنّ دولة قطر حافظت على تصنيفها الائتماني المرتفع لدى المؤسسات المالية الدولية وعلى النظرة المستقبلية المستقرة لاقتصادها.

وأكد العمل على مواكبة الاستعدادات لاستضافة كأس العالم مع الحاجيات التنموية للبلاد. وقال: "حظينا بتقدير دولي بسبب دورنا في أفغانستان وتمسكنا بالحوار بدل الحروب والوساطة في حل النزاعات".

وفيما أكد "الحرص على تجاوز الخلافات في مجلس التعاون الخليجي بالحوار"، لفت إلى أنّ دولة قطر تعمل على التوصل إلى علاقات جيدة مع جميع دول العالم، مضيفًا: "لا نسعى إلى التنافس مع أحد ولا إلى محاكاة أحد بل إلى شق طريقنا الخاص".

لحظة تاريخية

في مستهلّ كلمته، تطرّق أمير قطر إلى انتخابات مجلس الشورى التي شهدتها الدولة أخيرًا، فقال: "ندرك أهمية هذه اللحظة التاريخية التي نشهد فيها اكتمال المؤسسات التي نصّ عليها الدستور بإنشاء السلطة التشريعية المنتخبة إلى جانب السلطتين التنفيذية والقضائية".

ونوّه بالدور الذي قام به مجلس الشورى السابق والتجربة التي راكمها بما في ذلك تجسيده لشكل من المشاركة الشعبية في التشريع وفي إبداء الرأي المسؤول والمشورة الصادقة، وكان بذلك خير عون للحكومة في القيام بمهامها في مختلف المجالات.

كما نوّه أيضًا بحسن سير العملية الانتخابية والتنظيم المحكم المتميّز والأجواء الحضارية التي سادت فيها.

أهداف نجحت قطر بتحقيقها

وقال الشيخ تميم إنّ دولة قطر نجحت في العامين الماضيين في تحقيق عدد من الأهداف، "ففي الأمن الغذائي خطونا خطوات كبيرة نحو الاكتفاء الذاتي في عدد من السلع الغذائية نتيجة للمبادرات التي تقوم بها الدولة لدعم إنتاج هذه السلع وتسويقها".

وفي مجال التنويع الاقتصادي، لفت إلى إجراء التعديلات التشريعية لتسهيل المعاملات التجارية وتعزيز المنافسة وحماية المستهلك والتشجيع على الاستثمار الصناعي وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالسماح للمستثمرين الأجانب بالتملك مئة في المئة من رأسمال بعض الشركات ودعم تنافسية المنتجات الوطنية.

وقال: "ارتفعت مساهمة الصناعات المحلية إلى المرتبة الرابعة في الناتج المحلي الإجمالي، وما زال أمام الدولة الكثير لتقوم به في مجال تنويع مصادر الدخل، لكن المهمة لا تقتصر على الدولة إنما للقطاع الخاص دور في ذلك أيضًا".

القطاع المالي والمصرفي

وفي مجال القطاع المالي والمصرفي، أشار أمير دولة قطر إلى أنّه "رغم الهزات العالمية والإقليمية في السنوات الماضية، فقد أظهر هذا القطاع تماسكًا في مواجهتها، وتمكّن مصرف قطر المركزي من الحفاظ على نمو الاحتياطيات الدولية، والمحافظة على سعر صرف الريال القطري وحافظت قطر على ترتيبها الائتماني المرتفع لدى المؤسسات العالمية، وعلى النظرة المستقبلية المستقرة لاقتصادها".

ولفت إلى أنّ قطر "تحتل مكانة مرموقة ومراتب متقدمة في بعض المكونات الهامة ضمن مؤشرات التنافسية العالمية مثل نسبة البطالة المنخفضة ومعدل التضخم السنوي وفي تمويل التطور التقني والأمن السيبراني والتنمية المستدامة وغيرها".

قطاع الطاقة

أما في قطاع الطاقة، فأشار أمير دولة قطر إلى أنّ "تغيير اسم قطر للبترول إلى قطر للطاقة يعكس مواكبة قطرية فعلية للتحول نحو الطاقة النظيفة والمتجددة".

وفي هذا المجال، قال: "إننا نعمل على صعيدين الأول زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال وتخفيض الانبعاثات الناجمة عن استهلاكه باستخدام أحدث التقنيات، والثاني المساهمة في تطوير واستخدام الطاقة الشمسية".

ولفت إلى أنّ الدولة تولي اهتمامًا خاصًا لحماية البيئة بإصدار التشريعات اللازمة في هذا الصدد وتعزيز الوعي بأهمية البيئة في حياتنا اليومية، وإعادة تدوير النفايات والمخلفات الضارة ورصد جودة الهواء ومياه البحر وتقديم الحوافز المالية للشركات التي تقدم مشروعات تحافظ على البيئة وتواجه التغيير المناخي.

رؤية قطر الوطنية 2030

وأكد أمير دولة قطر "المضيّ في جهودنا لتحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030 وإعداد الاستراتيجية الوطنية الثالثة لمدة خمس سنوات".

وفي هذا السياق، أكد على تحديد الأولويات في ضوء الاحتياجات الملحة للدولة، داعيًا جميع الجهات المعنية لإعداد استراتيجياتها القطاعية بالاستفادة من المرحلة السابقة بإخفاقاتها ونجاحاتها.

وقال: "الخبرة والمعرفة تتراكمان ضمن المؤسسات ومن هنا أهمية مأسسة العمل وعدم شخصنته، فلا تنشأ معرفة من تجاهل ذاكرة المؤسسة، والبدء من جديد في كل مرة مع تغيير الأشخاص".

وأضاف أن "إعداد الاستراتيجية الوطنية الثالثة يتطلب تقييم ما حققته الاستراتيجيات الوطنية السابقة، كما يجب أن يبيّن التقييم مدى التقديم الذي أحرز في تحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية وخصوصًا على مستوى كفاءة القوى العاملة والتنويع الاقتصادي ومدى مشاركة القطاع الخاص في المشاريع الكبرى وقدراته التنافسية".

منجزات.. وسلبيات

وفي سياق آخر، لفت أمير دولة قطر إلى أنّ "لا جدال حول التقدم الذي حققته بلادنا في مجال البنى التحتية وعلى مستوى المؤسسات التعليمية والصحية، ويمكن التدليل على ذلك بالأرقام المتعلقة بمعدل دخل الفرد ومستوى المعيشة وأعداد الخريجين وغيرها".

وقال: "من المهم أن ندرك أنّ الحفاظ على هذه المنجزات لا يقل أهمية عن التفكير بتحقيق مبادرات جديدة بل يفوقها أهمية، ولكن ثمة مهام كبرى تنتظرنا متعلقة بالتنمية البشرية وكل ما يرتبط بالثروة الحقيقية في أي بلد وهو الإنسان، فلا يمكن فصل أي رؤية أو استراتيجية وطنية عن هذه القضية، ولا الخوض في نجاحها أو فشلها دون التطرق بكل جدية إلى قضايا قيمية متعلقة بالهوية والانتماء".

وأضاف: "نحن نعيش في دولة مرّت بعملية تحديث سريع ومجتمع ارتفع مستوى معيشته بسرعة فائقة وتحسّنت صحة الناس ومستوى تعليمهم ودخلهم وظهرت موارد بشرية ماهرة وكفاءات قطرية، كما تمكنت الدولة من إنشاء شبكة أمان اجتماعي واسعة".

وتابع: "كل هذا حسن ونحن نعمل دون توقف على تحسينه، ولكن علينا من ناحية أخرى كمجتمع وكدولة أن ندرك التحديات التي يفرضها ذلك مثل مخاطر هيمنة قيم الحياة الاستهلاكية والاستخفاف بالجوانب غير المادية في الحياة وعدم تقدير العمل المنتج وعدم تمتع الفرد بما يتوفر لديه لأنه منشغل دائمًا بطلب المزيد من الاستهلاك واستسهال الاستدانة لأغراض آنية عابرة وغير ضرورة والاتكالية المبالغ فيها على الدولة".

ونبّه إلى أنّ "من شأن هذه السلبيات أن تهدد ما أنجزناه إذا لم تواجَه بتعميق قيم المواطنة والمسؤولية المجتمعية وهذه مهمة لا تنجز بالوعظ والخطابات فهنا يأتي دور الدولة عبر التربية والتعليم والخدمة الوطنية وغيرها وهنا تبرز أهمية دور الإعلام والأسرة والتواصل التربوي التهذيبي المباشر بني الأهل وأبنائها وعدم الاعتماد على الغير في مهمة تربية الأطفال".

الدستور الدائم للبلاد

وفي مجال مختلف، قال أمير دولة قطر: إنّ إصدار الدستور الدائم للبلاد والعمل بأحكامه مرّ بمراحل عدة منذ إنشاء لجنة إعداد الدستور الدائم التي تولت صياغته، وقد توالى بعد ذلك صدور القوانين والأدوات التشريعية اللازمة للعمل بأحكام الدستور.

وقال: "التشريعات بما فيها التشريعات الدستورية الطابع هي نتاج مرحلتها التاريخية، وهي تتطور بتطور الحياة".

وأضاف: "من منطلق حرصنا على تعزيز المواطنة القطرية المتساوية وترجمتها عمليًا بوصفها علاقة مباشرة بين المواطن والدولة تقوم على الحقوق والواجبات، فقد أصدرت تعليماتي لمجلس الوزراء بالعمل على إعداد التعديلات القانونية اللازمة التي تضمن تحقيق هذه الغاية وعرضها على مجلس الشورى الذي بانتخابه وتشكيله يكتمل الإطار القانوني اللازم للنظر في إقرار هذا التعديلات".

بطولة كأس العالم

في موضوع كأس العالم، لفت أمير دولة قطر إلى أنّ "استضافة كأس العالم في بلادنا اقتربت، واستكملت التحضيرات على مستوى البنية التحتية أو تكاد، وقد عملنا على أن يندمج التحضير لها مع حاجات قطر بموجب خططها التنموية".

وقال: "مثلما سرّعت هذه الاستضافة في إنجاز العديد من المشاريع التي نحتاجها أصلاً، فإنها أيضًا تتداخل مع مهام وتحديات اجتماعية وثقافية نواجهها كدولة حديثة متشابكة العلاقات مع الاقتصاد والتجارة العالميين".

وشدّد على أنّ هذه البطولة مناسبة كبرى ليس فقط لتعزيز مكانة الدولة عالميًا وتعزيز التواصل والتعاون بين الشعوب وإظهار طاقات قطر التنظيمية وبناها التحتية المتطورة وقدراتها على مستوى الأمن بل أيضًا لإظهار قيم الشعب القطري المضياف وتسامحه وهي قيم نتميز بها ولإظهار الوجه الحقيقي الناصع لشعوب الخليج والعرب عمومًا.

الحوار بدل الحروب

من جهة ثانية، لفت الشيخ تميم إلى أنّ دولة قطر تُذكَر إيجابيًا في سياق الحديث عن الأزمة الأفغانية "وذلك بسبب تمسكنا بالحوار بديلًا عن الحروب وبخيار الوساطة في حل النزاعات الذي جعلنا نقبل طلب التوسّط بين الولايات المتحدة وحركة طالبان".

وقال: "مثلما نتطلع إلى مجتمع رفاهية يكون مجتمعًا منتجًا وإلى دولة مسالمة قادرة على الدفاع عن نفسها، نتطلع كذلك إلى سياسة خارجية تسهم في الحفاظ على هذا كله وفي تنميته وتتناسب مع حجم قطر وموقعها الجغرافي وثروتها".

وفيما تحدّث عن "تكامل بين تحول قطر إلى فضاء لتشجيع العلم والمعرفة والثقافة ومركز للحوار وحل الخلافات بالطرق السلمية وبين نوع السياسة الخارجية"، قال إنّ "علاقات الأخوة والتاريخ والجغرافيا تحتّم علينا المحافظة على مجلس التعاون والارتقاء بمؤسساته بما يتناسب مع طموحات شعوبنا".

وأضاف: "لقد حرصنا على تجاوز الخلافات داخله بالحوار كما نسعى إلى ترسيخ الوفاق الذي تحقق في قمة العلا وتطويره"، متابعًا: "نحن ننطلق من مبادئنا الراسخة فيما يتعلق بالعدالة في العلاقات الدولية ومن أننا جزء من العالمين العربي والإسلامي".

كورونا

وفي ختام كلمته، تطرّق أمير دولة قطر إلى جائحة كورونا، حيث قال: "ما زلنا نواجه جائحة كورونا التي لم يشهد العصر الحديث مثيلًا لها من قبل ونحمد الله أننا نجحنا بما اتخذنا من إجراءات في احتوائها والتقليل من آثارها الضارة إلى الحد الأدنى حتى الآن".

وأضاف: "كنا من الدول القليلة التي نجحت في ذلك بحمد الله ورعايته، وقد نجحت مؤسساتنا الصحية باختبار كورونا الصعب بجدارة مبيّنة درجة التطور الذي حققته كمًّا ونوعًا، وبهذه المناسبة نتوجه لهذه المؤسسات والعاملين فيها بالشكر والتقدير".

وأشار إلى أنّ دولة قطر حاولت أن توازن بين صحة الناس بصفتها أولوية وبين ضرورات الاقتصاد وأعتقد أننا قدمنا نموذجًا ناجحًا في هذه المرحلة الصعبة.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close