الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

إقرار التعديل الدستوري في ليبيا وسط تباينات.. خطوة نحو الحل أم مزيد من التعقيد؟

إقرار التعديل الدستوري في ليبيا وسط تباينات.. خطوة نحو الحل أم مزيد من التعقيد؟

شارك القصة

حلقة من برنامج "للخبر بقية" تناقش دلالات وأبعاد إعلان المجلس الأعلى للدولة في ليبيا موافقته على التعديل الدستوري الثالث عشر الذي أقرّه مجلس النواب (الصورة: أناضول)
في ظل الأوضاع المستجدة، تبرز مبادرة أممية جديدة طرحها المبعوث عبد الله باتيلي الذي سبق أن وصف التعديل الدستوري بأنه مثير للجدل بين الأوساط السياسية.

بعد محاولات عدة، صوّت المجلس الأعلى للدولة في ليبيا بالموافقة على تعديل دستوري أقره مجلس النواب بحسب ما نشر المكتب الإعلامي لمجلس الدولة على صفحته على فيسبوك.

هذا الإعلان دفع بمقرر المجلس إلى نفي صحة هذه الأنباء في بيان مضاد لافتًا إلى أن الجلسة افتقدت للنصاب القانوني، ومتهمًا رئيس المجلس بخرق القانون من خلال المضي بعقد الجلسة.

ولفت إلى أن موضوع الجلسة نفسها هو خرق آخر وأن كل ذلك لا جدوى منه ما دام مجلس النواب قد نشر التعديل في الجريدة الرسمية قبل أيام متجاوزًا مجلس الدولة وفق تعبيره.

التضارب في الأنباء وحالة الانقسام بين أعضاء المجلس الأعلى للدولة يؤكدان حالة التباين الشديدة تجاه التعديل الدستوري الثالث عشر الذي أقره مجلس النواب في طبرق قبل أيام وسط حالة من الغموض.

يأتي ذلك وسط الجدل المثار حول التعديل كونه لم يعالج معايير الترشح للرئاسة كما لم يضع جدولًا زمنيًا للانتخابات.

في غضون ذلك، تبرز مبادرة أممية جديدة طرحها المبعوث عبدالله باتيلي الذي سبق أن وصف التعديل الدستوري بأنه مثير للجدل بين الأوساط السياسية، معتبرًا أنه سبب كافٍ لإزاحة المجلسين وتوفير الوقت بدلًا من هدره بانتظار ما سيفرزانه.

وأعلن باتيلي في مبادرته تشكيل لجنة لإعداد الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات تشارك فيها كل الأطراف، الأمر الذي دفع بمجلس النواب للاحتجاج قائلًا إن ذلك من اختصاصاته هو مع المجلس الأعلى للدولة فقط.

"القوة القاهرة"

وفي هذا الإطار، اعتبر الكاتب السياسي علي أبو زيد أن ما يحدث داخل المجلس الأعلى للدولة يشكل انعكاسًا لحالة الاستقطاب التي تحصل خارجه خاصة في غرب ليبيا.

وأسف في حديث إلى "العربي" من مصراتة لأن الخلافات والانعكاسات أصبحت صفة لصيقة بالمجالس التشريعية نتيجة لقلة التكتلات داخل هذه المجالس على حد تعبيره.

أبو زيد ذكّر بأن جلسة المجلس تم تأجيلها 3 مرات بسبب غياب التأمين الجيد لها واقتحام متظاهرين لها أو عدم وجود الحالة الأمنية المناسبة لعقدها، معتبرًا أن المجلس الأعلى للدولة يعمل حاليًا تحت ما يشبه القوة القاهرة.

وانتقد "حكومة طرابلس" بسبب "غياب التأمين الجيد لجلسات سلطة تشريعية في ظل تكرار الانتهاكات الأمنية مرات عدة"، معتبرًا أن هناك غيابًا للمناخ الجيد لعمل مجلس الدولة بشكل طبيعي.

وأكد أن ما حصل اليوم يعكس الخلافات داخل المجلس، وقال: "لا أحد يدعي وجود إجماع داخل هذا المجلس الذي يضم تيارات عدة أحدها يسعى لعبور الأزمة وإيجاد حل والبحث عن حالة من التوافق، وآخر يتمسك بمعادلة "كل شيء مرة واحدة أو لا شيء"، مشددًا على أن هذا الخلاف تغذيه أطراف من خارج المجلس.

"مؤشر خطير"

من جهته، رأى الأكاديمي والباحث السياسي مجدي الشعباني أن ما حصل في جلسة المجلس الأعلى للدولة مؤشر خطير خصوصًا وأن المجلس كان يتميز بالانضباط حيث كانت تصدر قرارات جلساته بشكل من الشفافية على حد تعبيره.

وأكد لـ"العربي" من العاصمة طرابلس أن تمرير التعديل الدستوري الثالث عشر بهذا الاستعجال مؤشر خطير ويدل على انهيار الثقة بالمجلس كمؤسسة من المؤسسات التشريعية، وخصوصًا وأن البعض كان يعول على هذا المجلس وعلى مصداقيته ومهنيته.

الشعباني طرح تساؤلًا حول ما إذا كان هذا التعديل الدستوري قادرًا على إخراج البلاد مما هي فيه حاليًا وإقامة انتخابات في نوفمبر 2023.

واعتبر أن هذا التعديل مليء بالأفخاخ في ظل غياب أي موعد لإجراء الانتخابات ولم يقم بحل المسائل الجدلية في القاعدة الدستورية وأهمها شروط الترشح للرئاسة.

وأشار إلى أن التعديل الدستوري الـ13 "قلب الموازين بعدما اقتبس نصوصًا من مشروع الدستور وقام بتحويرها وإدخال التعديلات عليها مما أثر على نظام التوازن بين السلطات".

أزمة معقدة

الباحث المتخصص في الشأن الليبي بشير الجويني شدد على أن ما يحصل في ليبيا معقد بشكل أكبر من أن يحل بتعديل دستوري.

الجويني قال في حديث إلى "العربي" من تونس: إن الانتخابات ليست مجرد ورقة توضع في صندوق بل هي مناخ كامل ورضا حول النتائج التي ستسفر عنها، معتبرًا أنه لا يمكن المرور إلى الانتخابات بدون وجود حالة من التوافق تجمع أوسع طيف ممكن من الليبيين.

ولفت إلى أن ما يعمق الأزمة الليبية هو غياب التوافق الخارجي، وخصوصًا ما ظهر في الردود على إحاطة المبعوث الأممي باتيلي التي تنوعت بين تململ فرنسي وتحفظ روسي وإشارات صينية محددة.

ورأى أن مبادرة باتيلي فيها من العوامل ما قد يساعدها على تحريك سواكن الساحة الليبية السياسية، مشيرًا إلى أن توصلها إلى شيء ملموس رهن الأيام والأسابيع المقبلة.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close