صدقت التوقعات وبعد أن كانت الأيام الماضية جدلًا لمسرح كثيف استباقًا لخطوة حكومية في مسيرة تحسين واقع حقوق الإنسان في مصر، أطلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
وقال السيسي: "تؤكد الدولة المصرية التزامها الاحترام بالحق في السلامة الجسدية والحرية الشخصية والممارسة السياسية وحرية التعبير وتكوين الجمعيات الأهلية والحق في التقاضي".
وأضاف: "يأتي المجتمع المدني كشريك مهم في عملية تعزيز وحماية حقوق الإنسان بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة ونشر الوعي بحقوق الإنسان في المجتمع وتشجيع ثقافة العمل التطوعي".
وتابع السيسي: "إذا أراد أحد أن يتصور أن لديه تميزًا في قدراته الثقافية ويريد فرضها على المجتمعات الأخرى فأنا أقول له إن هذا مسار دكتاتوري".
وختم: "الثورة كانت في تقديري شهادة وفاة لدولة والإعلان عن وفاتها عام 2011 كان الإعلان لشهادة الدولة المصرية".
الاستراتيجية مستوحاة من الدستور
وشارك رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات في إعداد الاستراتيجية موضحًا أن وزارتي الخارجية والعدل وعدد آخر من الوزارات أشرف عليها وأسهم في إعدادها.
ولفت السادات في حديث إلى "العربي" من القاهرة إلى مشاركة منظمات المجتمع المدني وخبراء حقوق الإنسان من فروع مختلفة.
وأوضح أن الاستراتيجية قائمة على الدستور المصري الذي يقر بنودًا "محترمة جدًا" في ما يخص الحقوق والحريات وكل ما هو متعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحقوق المرأة والطفل وتحدي الإعاقة.
ورأى أن هذه الاستراتيجية هي الوثيقة الأولى التي يتعهد رئيس الدولة بالتزامها، معتبرًا أنها مبادرة حسن نيّات من قبل الدولة.
وأكد ضرورة عدم رفض هذه المبادرة من قبل المشككين مشيرًا إلى أنه يعذر من يمتلك الهواجس تجاه مبادرات السلطة.
وقال إنه ينبغي الترحيب بهذه الخطوة مع المتابعة والرصد على مدى السنوات الخمس. وأضاف أن العام المقبل الذي أعلن عنه السيسي بأنه سيكون عام المجتمع المدني مسألة تحتاج إلى جهد وأن الكل خاسر من جو التشكيك وعدم الثقة.
ودعا السادات إلى بناء جسور للتفاهم والحوار مؤكدًا أنه السبيل للقيام بالتحسين كل الملفات المتعلقة بالحبس الاحتياطي وحجب المواقع الصحافية وقمع الصحافيين والكتّاب.
وأشار السادات إلى أن المدة المقترحة لتنفيذ الاستراتيجية ليست طويلة، موضحًا أن الإجراءات باعتبارها العقوبات السالبة للحرية على سبيل المثال تحتاج إلى تشريعات وقوانين وتسبقها مشاريع اقتراحات وأفكار وتمر في أكثر من قناة لإنضاجها.
نتيجة لضغوط دولية خارجية؟
واعتبر السادات أن الضغوط الخارجية لم تفلح في كثير من الملفات داعيًا إلى عدم التقليل من أهمية جهود المصريين الوطنية من مفكرين وقانونيين على مدى سنوات ماضية.
وأكد السادات الحرص على العلاقات مع الشركاء الدوليين وضرورة التعلّم من تجاربهم والتعاون، مشددًا على أن التلويح بتقليل المعونات التي يتحدثون عنها لم يعد الرقم الذي يقلق مصر.
وفي ما خصّ السجناء في السجون المصرية على خلفية حرية الرأي والتعبير كشف السادات أن الرئيس السيسي أرسل توجيهاته إلى اللجنة بأن تتعامل مباشرة مع ملفات المسجونين احتياطًا والمواقع المحجوبة.
دعوات إلى المشاركة بدلًا من الانتقاد
بدوره رأى المحامي والناشط الحقوقي نجاد البرعي أن المجتمع المدني ليس مقيدًا، مشددًا على ضرورة أن تكون خطوة السيسي بداية لا تفاؤلًا فحسب.
وأشار البرعي في حديث إلى "العربي" من القاهرة إلى أن هذه المبادرة هي ثمرة لجهد جماعي ينبغي التفاخر به لا التقليل من شأنه، داعيًا الحقوقيين إلى المشاركة الفعلية مباشرة واجتناب القول إنها مبادرة الدولة فقط.
ودعا برعي أيضًا المنظمات الحقوقية إلى تقديم مشاريع قانونية وممارسة الدور الرقابي، لافتًا إلى أن عليها أن تكون شريكة في التنفيذ والتطبيق والرصد والمتابعة وتقديم الأفكار والخطة التنفيذية لهذه الاستراتيجية.