اتّهمت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الإثنين، روسيا بتجنيد مرتزقة سوريين وأجانب آخرين، للقتال في أوكرانيا حيث يواجه هجوم الجيش الروسي لهذا البلد مقاومة شرسة.
وفي نيويورك، أعربت الأمم المتحدة والصين عن قلقهما من استقدام مزيد من المقاتلين إلى أوكرانيا، لكن من دون أن ينتقد أيّ منهما بصورة مباشرة روسيا.
وتشارك موسكو في النزاع بسوريا منذ 2015 إلى جانب نظام بشار الأسد، ويشهد هذا البلد قتالاً داخل المدن منذ أكثر من عقد.
وتتواصل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، التي أطلقتها موسكو فجر 24 فبراير/ شباط الماضي لليوم الـ13 على التوالي، وسط مخاوف من قصف مدينة أوديسا التي تضم ميناء إستراتيجيًا والواقعة على سواحل البحر الأسود، وفق ما حذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينيسكي.
البنتاغون يتّهم موسكو بتجنيد مرتزقة
وفي التفاصيل، قال جون كيربي المتحدّث باسم البنتاغون للصحافيين: "نعتقد أنّ المعلومات التي تفيد بأنّ الروس يجنّدون مقاتلين سوريين لتعزيز قواتهم في أوكرانيا صحيحة"، مضيفًا: "من المثير للاهتمام أن يكون بوتين مضطرًا لاستخدام مقاتلين أجانب".
كما أعلن البنتاغون، الإثنين، أنّ تقديراته تفيد بأنّ ما يقرب من 100% من القوات التي حشدتها روسيا على حدود أوكرانيا في الأشهر الأخيرة باتت اليوم داخل أوكرانيا، في حين أرسلت الولايات المتّحدة 500 جندي إضافي إلى أوروبا لتعزيز الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي "الناتو".
وأكد كيربي أنّ القوات الروسية "لم تحرز أي تقدم ملحوظ في الأيام الأخيرة" في أوكرانيا باستثناء المناطق التي سيطرت عليها في جنوب هذا البلد.
ومنذ مطلع العام نشرت واشنطن 12 ألف جندي في أوروبا، إضافة إلى أولئك المتمركزين بشكل اعتيادي في القارّة.
وأشار كيربي إلى أنّ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أمر في نهاية الأسبوع بنشر "500 عسكري في أنحاء عدة من أوروبا لتعزيز القوات المنتشرة هناك".
تعزيز الردع والقدرات الدفاعية للناتو
وأوضح المتحدث باسم البنتاغون أنّ "هذه القوات الإضافية ستكون مخوّلة لها الاستجابة إلى البيئة الأمنية الحالية في ضوء العدوان الروسي المتجدّد ضدّ أوكرانيا، وتعزيز الردع والقدرات الدفاعية للحلف الأطلسي خصوصا في جناحه الشرقي".
وسبق أن أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أن كل القوات المرسلة إلى أوروبا غير مفوّضة للانتشار في أوكرانيا ولا الانخراط في النزاع الدائر في هذا البلد. ووصف الانتشار العسكري بأنه وقائي لبلدان حلف شمال الأطلسي، علمًا بأن أوكرانيا غير منضوية في الحلف.
وقال كيربي إنّ التقديرات تفيد بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "أقحم في أوكرانيا عمليًا 100% من قواته القتالية" التي حشدها في الأشهر الأخيرة عند الحدود الروسية-الأوكرانية، والتي يتخطّى عديدها 150 ألف جندي وفق التقديرات الأميركية.
وأضاف: "لقد أرسلهم جميعهم إلى داخل" أوكرانيا.
وأشار المسؤول إلى اشتداد القصف على مدن عدة والذي "يطاول أهدافًا مدنية وبنى تحتية مدنية ومناطق سكنية".
ومن دون أن يوجّه اتّهامًا مباشرًا لموسكو بتعمّد استهداف المدنيين، اعتبر المسؤول أن هذه الضربات "تزداد وتيرتها ويتّسع نطاقها".
وتابع المتحدث: "نعتقد أنّ الروس يريدون السيطرة على أوديسا"، من دون أن يستبعد شن روسيا هجومًا برمائيًا بإسناد من قوات برية.
ولفت كيربي إلى أنّه ليس لدى واشنطن "في الوقت الراهن أيّ مؤشرات تدلّ على تحرّك محتمل" على هذه الجبهة.
قصف بصواريخ روسية يطال مستودعا للنفط في مدينة جيتومير الأوكرانية #أوكرانيا #روسيا #الحرب_الروسية_الأوكرانية pic.twitter.com/TyDE2IOSGI
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) March 8, 2022
"حرب بين قوى عظمى"
وفي سياق متصل، طلب رئيس الأركان الأميركي الجنرال مارك ميلي، الإثنين، من القوات الأميركية المتمركزة في أوروبا إبداء تصميمها على منع اندلاع "حرب بين قوى عظمى".
ويجري ميلي جولة في أوروبا للتأكيد على "عزم" واشنطن الدفاع عن الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في مواجهة الهجوم الروسي.
وسارعت دول الحلف بقيادة واشنطن لنشر آلاف الجنود في الدول الأقرب إلى روسيا في ظل القتال في أوكرانيا، غير المنضوية في الناتو.
وقال ميلي للجنود الأميركيين المنتشرين في قاعدة جوية قرب كونستانتسا في جنوب رومانيا: "علينا التأكد من قدرتنا على الاستجابة السريعة، وإظهار قوتنا وتصميمنا ودعمنا للحلف (الناتو) لمنع أي عدوان إضافي من الروس ومنع اندلاع حرب بين القوى العظمى".
وأضاف: "منذ عام 1914، منذ بداية الحرب العالمية الأولى وحتى عام 1945، أي نهاية الحرب العالمية الثانية.. قتل 150 مليون شخص.. لا نريد أن يتكرر ذلك إطلاقًا".
وقال لـ"فرانس برس": "الواضح بالنسبة إليّ هو وحدة الصف وتصميم حلف شمال الأطلسي في مواجهة تهديد غير مسبوق وأكبر نزاع على أراض في قارة أوروبا منذ عام 1945".
عدم صبّ الزيت على النار
وردًا على سؤال بشأن التقارير المتعلّقة بتجنيد روسيا مقاتلين سوريين للقتال في أوكرانيا، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك خلال مؤتمره الصحافي اليومي إنّه غير قادر على تأكيد صحّة هذه المعلومات.
لكنّ المتحدّث الأممي شدّد على أنّ "هذا النزاع ليس بحاجة لأن يأتي مزيد من الناس من الخارج لينخرطوا فيه".
وخلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي، جدّد السفير الصيني تشانغ جون الدعوة لعدم صبّ الزيت على النار في النزاع الدائر في أوكرانيا بين القوات الروسية والجيش الأوكراني.
وبعد أن تطرّق إلى العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو، حذّر تشانغ من أنّ "إرسال مرتزقة أو أسلحة هجومية إلى أوكرانيا يمكن أن يجعل الوضع أسوأ".
وتؤكد تقارير إعلامية أنّ شركة فاغنر شبه العسكرية الروسية أرسلت إلى أوكرانيا مقاتلين لمساندة الجيش الروسي.
وكان مرتزقة من هذه الشركة الروسية الخاصة قاتلوا في السنوات الأخيرة في ليبيا. كذلك فإنّ كلا المعسكرين المتحاربين في ليبيا استقدم مرتزقة سوريين للقتال في صفوفه.
تجنيد مقاتلين سوريين
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلت الأحد الماضي عن أربعة مسؤولين أميركيين قولهم إنّ موسكو، التي بدأت هجومها على أوكرانيا في 24 فبراير، باشرت في الأيام الأخيرة تجنيد مقاتلين سوريين لاستخدامهم في السيطرة على مناطق حضرية في أوكرانيا.
وصرّح أحد هؤلاء المسؤولين للصحيفة بأنّ بعض المقاتلين السوريين موجودون بالفعل في روسيا ويستعدّون للانضمام إلى المعارك في أوكرانيا، من دون مزيد من التفاصيل. وهناك مقاتلون أجانب على طرفي الجبهة في أوكرانيا.
ونشر رجل الشيشان القوي رمضان قديروف، المتمرّد السابق الذي تحوّل حليفًا للكرملين، مقاطع فيديو لمقاتلين شيشانيين في أوكرانيا، وقال إنّ بعضهم قُتلوا في المعارك.
وعلى الجانب الآخر من الجبهة، سافر عشرات آلاف المتطوعين إلى أوكرانيا للانضمام إلى قواتها، وفقًا لوزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا.
حظر واردات النفط الروسية
وعلى الصعيد السياسي، أكد المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، الإثنين، أن "الرئيس الأميركي لم يتخذ قرارًا بعد بشأن حظر واردات النفط الروسية".
وأوضحت المتحدثة، في مؤتمر صحافي، أن الرئيس بايدن لم يتخذ أي قرار في هذه المرحلة بشأن فرض حظر محتمل على واردات النفط والغاز الروسي ردًا على التدخل العسكري بأوكرانيا.
وأطلقت روسيا فجر 24 فبراير الماضي عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية "مشددة" على موسكو.