التحقيقات في هجوم باريس.. هل باتت العنصرية واقعًا متصاعدًا في فرنسا؟
أعلنت المدعية العامة في العاصمة الفرنسية باريس، أن الشخص الذي اعترف بقتل 3 أكراد يوم الجمعة، كان ينوي قتل أجانب.
وأوضحت المدعية العامة أن المشتبه به توجه في البداية إلى إحدى الضواحي الشمالية لباريس بهدف قتل أجانب، لكنه تراجع نظرًا لقلة عدد الموجودين وبسبب ملابسه التي تمنعه من إعادة تعبئة سلاحه بسهولة.
وأشارت النيابة العامة إلى أنّ المشتبه به والبالغ من العمر 69 عامًا، وصف نفسه بأنه مكتئب يميل إلى الانتحار وكان دائم الرغبة في قتل المهاجرين والأجانب، منذ أن تعرض منزله للسطو قبل 6 سنوات.
تؤكد هذه المعلومات أن دوافع ارتكاب المشتبه به لجريمته هي عنصرية محضة، كما أكد هو ذاته عقب إلقاء القبض عليه.
وتتقاطع معلومات المسؤولة الفرنسية عن الدوافع العنصرية لارتكاب الجريمة كذلك مع ماضي المشتبه به، الذي يشهد على ارتكاب الرجل سوابق جنائية عدّة لأسباب عنصرية.
ظاهرة تتغلغل في المجتمع الفرنسي
ولا تُعتبَر العنصرية في فرنسا كلمة عابرة، بل ظاهرة متنامية لها جذورها السياسية والاجتماعية والاقتصادية بحسب الباحثين.
أكثر من ذلك، فإنّ العنصرية هي ظاهرة باتت متغلغلة في طبقات المجتمع الفرنسي كافة، حسب دراسة نشرتها قبل سنوات اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان.
وأوضحت هذه الدراسة أن العنصرية لم تعد حكرًا على مجموعات متطرفة بعينها في بلاد شعارها "حرية - مساواة - إخاء".
كما أن العنصرية في فرنسا متعدّدة الأشكال، جسدية ولفظية وعملية ومعنوية وإقصائية، وما أزمة الضواحي سوى مثال حي على ذلك.
عملية إرهابية؟
في هذا السياق، يشير مدير المركز العربي للأبحاث في باريس سلام الكواكبي إلى أنه فور وقوع الحادثة يوم الجمعة الماضي، سارعت وسائل إعلام فرنسية متطرفة إلى اتهام المسلمين بالواقعة، قبل أن تتبين حقيقة أن فرنسيًا هو من نفّذ العملية.
ويعتبر الكواكبي، في حديث إلى "العربي" من باريس، أن ما قامت به وسائل الإعلام لو حصل في السابق كانت ستحاسب، لكن اليوم رغم وجود القوانين، إلا أن أحدًا لن يحاسبها بسبب الجو العام في البلاد.
وحول موضوع وصف الجاني بالإرهابي من عدمه، يوضح الكواكبي أن "القانون الفرنسي واضح جدًا، وتسمية الجريمة لن تغير أي شيء في طبيعة الحكم".
ويلفت إلى أن "الأكراد يريدون وصم العمل بالإرهاب فقط لشكل القضية وليس لتغيير الحكم".
ويقول: "حكم الإرهاب يحتاج إلى عدة عوامل ودوافع، وأن تقف خلفه مجموعة منظمة".
ويضيف: "الخطورة لا تكمن في تسمية العملية بالإرهاب من عدمه، بل في إزالة الجريمة عن المشتبه به تحت حجة الاختلال العقلي".
دور تركي؟
من جهته، يعتبر الأكاديمي والباحث الفرنسي جان بيار ميلالي أن "الحادثة باتت في يد القضاء الفرنسي، وستبيّن التحقيقات أبعاد الموضوع".
ويشير ميلالي، في حديث إلى "العربي" من باريس، إلى أن "الشخص الذي نفذ العملية ليس هو بيت القصيد، بل يجب فهم أبعاد الموضوع".
ويقول: "المهم في الحادث هو وجود جو ساخن بين الحكومة التركية والمنظمات الكردية، وهذا واضح في شمالي سوريا، وبالتالي قد يكون لأنقرة دور فيها".
ويضيف: "ما يعزز هذه النظرية هو حصول إشكالات بين أتراك وأكراد في المظاهرة التي نظمها هؤلاء في باريس".
أزمة في الثقافة الغربية
بدوره، يعتبر الكاتب الألماني غونتر أورت أن هذه العمليات يجب أن تحمل صفة الإرهاب لو لم تقف وراءها مجموعة منظمة.
ويشير غونتر إلى أن "صعود اليمين المتطرف في أوروبا بدأ منذ سنوات عديدة، وهي متصلة بصعود أحزاب يمينية متطرفة".
ويقول: "اليمين المتطرف في صعود منذ عقود أوروبيًا، في أوروبا وإيطاليا وألمانيا والسويد".
ويضيف: هناك الكثير من المغالطات واستباق للأخبار، والأزمة أنه عند حصول العملية بدأ البعض بالتخمين واتهام المسلمين بالعملية، ما يدل على أزمة حقيقية في الثقافة الغربية.