تراجع منسوب التفاؤل الذي ساد في لبنان خلال اليومين الماضيين بإمكان وقف الحرب، بعدما اتّهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إسرائيل بـ"رفض" مساعي وقف إطلاق النار، بعد غارات إسرائيلية عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية فجرًا.
ونقل بيان صادر عن مكتب ميقاتي قوله إن "توسيع العدو الإسرائيلي مجددًا نطاق عدوانه على المناطق اللبنانية (...) واستهداف الضاحية الجنوبية لبيروت مجددًا بغارات تدميرية، كلها مؤشرات تؤكد رفض العدو الإسرائيلي كل المساعي التي تبذل لوقف اطلاق النار".
واستهدفت عشر غارات إسرائيلية على الأقل ضاحية بيروت الجنوبية فجر الجمعة، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية، بعد إنذارات بإخلاء مبان في المنطقة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي شن غارات على أهداف لحزب الله في منطقتَي بيروت والنبطية في الجنوب.
مطالب إسرائيل الأمنية
وفي منطقة "الكفاءات" الواقعة عند الطرف الجنوبي الشرقي للضاحية، لا تزال النيران مشتعلة في مبنى طالته الغارات فجرًا، ما أدى إلى دخان كثيف غطى المنطقة المحيطة.
واستشهد أكثر من 50 شخصًا وأصيب 72 في غارات إسرائيلية الجمعة على قرى في منطقة بعلبك في شرق لبنان، وهي غارات لم تسبقها إنذارات إسرائيلية بالإخلاء.
كما استهدفت غارة أخرى مبنى في مدينة صور الساحلية في جنوب البلاد.
إلى ذلك، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر حكومية أن الخطة التي أعدها الموفدان الأميركيان بريت ماكغورك وآموس هوكستين تنص على انسحاب حزب الله من المناطق الحدودية مع شمال إسرائيل في جنوب لبنان فضلًا عن انسحاب الجيش الإسرائيلي من هذه المنطقة التي ينبغي أن ينتشر فيها الجيش اللبناني والقوة الدولية.
وجاء في هذه الخطة أيضًا أن الجيش اللبناني سيكون مسؤولًا عن منع حزب الله من إعادة تسليح نفسه على أن تحتفظ إسرائيل بحق الدفاع عن نفسها ضمن احترام القانون الدولي.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن الجنود المشاركين في الهجوم البري الإسرائيلي منذ نهاية سبتمبر/ أيلول لن ينسحبوا قبل التوصل إلى اتفاق يلبي مطالب إسرائيل الأمنية.
وأجرى الموفدان الأميركيان محادثات مع المسؤولين الإسرائيليين الخميس، فيما توجه هوكستين بعدها إلى واشنطن ولم يعرج على بيروت ما اعتبره البعض دليلًا على عدم نضوج اتفاق التهدئة.
ضمانات لبنانية لتنفيذ القرار 1701
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي استقبل الخميس الموفدين الأميركيين إنه "يقدر" دعم واشنطن رافضًا في الوقت نفسه الخضوع لضغوط حليفته الكبرى.
والأربعاء لفت نعيم قاسم الأمين العام الجديد لحزب الله إلى أنه مستعد لوقف لإطلاق النار لكن بشروط يراها "مناسبة" من دون أن يحدد هذه الشروط.
في غضون ذلك، ذكرت مصادر مطلعة للتلفزيون العربي أن لبنان أعطى كل الضمانات اللازمة لتنفيذ القرار 1701 وجعل جنوب الليطاني منطقة منزوعة السلاح.
من جهتها، أشارت القناة 12 الإسرائيلية إلى أن التقديرات الإسرائيلية بأن الاتفاق بين إسرائيل ولبنان سيحدث بعد الانتخابات الأميركية.
ويقول الكاتب الصحافي منير الربيع في هذا الإطار، إن لا خيار للبنان إلا التفاوض مع الأميركيين في ظل الظرف الذي تعيشه البلاد.
ويضيف رئيس القسم السياسي في جريدة المدن في حديث إلى التلفزيون العربي من بيروت أن حزب الله أعلن أنه مستعد لتطبيق القرار 1701 من دون تعديلات وبشروطه.
ماذا يريد نتنياهو؟
وشرح أن هناك تمايزًا بسيطًا بين الحزب والدولة اللبنانية التي تريد أن يدخل الجيش وقوات اليونيفيل إلى الجنوب بكامل تعزيزاتها وعتادها وكامل الصلاحيات، مقابل أن تضمن الدولة عدم وجود سلاح لحزب الله.
لكن السؤال، وفق الربيع، يبقى عن مصير سلاح حزب الله، لافتًا إلى نقاشين في هذا الإطار، أولهما يقول بانسحاب الحزب شمال الليطاني وهذا غير مقبول بالنسبة له، وثانيهما أن يعمل على إخفاء أسلحته تحت الأرض جنوب الليطاني والعمل وفق القرار 1701.
ويقول إن نتنياهو لن يقبل بكل هذه الاتفاقات قبل تحقيق هدفه الكبير المتمثل بإيران ويسعى إلى استدراج واشنطن إلى حرب ضد طهران.
ورأى أن نتنياهو لو أراد إعادة سكان مستوطنات الشمال لكان هذا الأمر متاحًا من خلال اتفاق دبلوماسي وسياسي، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يقول إنه يعمل على توجيه ضربات قاسية لحزب الله لإضعافه أو لتدمير صواريخه الإستراتيجية لكي لا يكون الحزب قادرًا على توجيه ضربات بحال مهاجمة إسرائيل لإيران.