الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

الحرب على غزة.. هل تستطيع إسرائيل القضاء على المقاومة الفلسطينية؟

الحرب على غزة.. هل تستطيع إسرائيل القضاء على المقاومة الفلسطينية؟

شارك القصة

تواصل إسرائيل الحرب على غزة رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورًا
تواصل إسرائيل الحرب على غزة رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورًا - غيتي
تشهد الساحة الإسرائيلية انتقادات حول جدوى استمرار الحرب على غزة، مع إصرار نتنياهو وفريقه على المضي بها، ورفض قبول صفقة التهدئة.

للمرة الثانية منذ بدء الحرب على غزة، يشن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية في جباليا شمالي القطاع، تزامنًا مع القصف المستمر على رفح جنوبًا.

ويأتي هذا التطور العسكري في وقت تشهد فيه الساحة الإسرائيلية انتقادات حول جدوى العمليات العسكرية مع إصرار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وفريقه على المضي بها، ورفض قبول صفقة التهدئة.

من جهتها، أعلنت حركة حماس عبر ذراعها العسكري كتائب القسام، استهداف آليات عسكرية وجنودًا إسرائيليين في جباليا شمالًا ورفح جنوبًا، بينما قالت سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي إنها تخوض اشتباكات ضارية مع جنود العدو وآلياته في محيط مخيم جباليا.

وبعد ذلك، أكد سلاح الجو الإسرائيلي نقل عدد من الجنود المصابين في معارك غزة إلى المستشفيات، في مشهد عسكري متسارع يعيد الأيام الأولى التي تلت السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وبدء العدوان على قطاع غزة من قتل وتهجير وتدمير وقطع للاتصالات.

ويرافق هذا التطور تصريحات من وكالة "الأونروا" تحذر من نقص المساعدات، وأن تقييد وصولها إلى المحتاجين مسألة حياة أو موت، في حين تخبر القاهرة واشنطن أن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح مسار ينطوي على مخاطر أمنية جسيمة.

تشن إسرائيل عدوانًا على غزة منذ 7 أكتوبر أسفر عن عشرات آلاف الشهداء والجرحى
تشن إسرائيل عدوانًا على غزة منذ 7 أكتوبر أسفر عن عشرات آلاف الشهداء والجرحى - غيتي

ما هي مآلات الحرب على غزة؟

وفي هذا السياق، أوضح الخبير بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، أن ما يحكم سلوك الجيش الإسرائيلي في عدوانه على غزة، هو ما عبر عنه قائد جيش الاحتلال حين قال إن ما يقوم به الجيش الآن هو العودة إلى مناطق سبق أن كان فيها وقام بعدة أعمال تدمير وتحطيم وتصفية، لكن بمجرد انسحابه عادت حركة المقاومة إلى تنظيم صفوفها، لذلك يعود الجيش إلى هذه المناطق من جديد، ويحاول أيضًا تدمير حركة حماس.

وفي حديث لـ"العربي" من عكا، أضاف أنه كان هناك نوع من الانتقاد في لهجة قائد الجيش الإسرائيلي، لأنه كان يطالب الحكومة الإسرائيلية بأن تطرح خطة سياسية لما يوصف بـ"اليوم التالي" للحرب.

وفيما أشار إلى أن الحرب في غزة مستمرة لأجل الحرب، أوضح أنطوان شلحت أن ما يقوم به الجيش الإسرائيلي هو المزيد من القتل والتدمير، لافتًا إلى أنه في الفترة الأخيرة تمت زيادة الفرق العسكرية الإسرائيلية التي تعمل في قطاع غزة.

وبشأن مآلات الحرب على غزة، أشار أنطوان شلحت إلى نتنياهو يريد إطالة أمد الحرب التي تحفظ له البقاء في سدة الحكم، لافتًا إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية مهددًا من حلفائه من اليمين المتطرف بأنه في حال ذهابه إلى وقف الحرب، فإن هذه الحكومة الأصلية، لن يكون لها حق في الوجود، وستسقط ما يعني نهاية حياة نتنياهو السياسية.

خلافات بين المؤسستين الأمنية والعسكرية

ولفت إلى أن هناك الكثير من الإشارات القوية في الأيام القليلة الفائتة تشير إلى وجود معارضة، ربما داخلية لاستمرار الحرب، وإلى تعالي المزيد من الأصوات التي كانت تقول إنه إذا في الأشهر الثلاثة الأولى، كان هناك شبه تناغم بين الهدفين اللذين وضعتهما الحكومة الإسرائيلية لهذه الحرب، وهو القضاء على حركة حماس وإطلاق المخطوفين والرهائن، فإن هذين الهدفين أصبحا متناقضين، لأن الضغط العسكري لا يمكنه القضاء على حماس، ولا إلى إطلاق المخطوفين.

ونقطة الخلاف الأخرى التي برزت على السطح في الآونة الأخيرة، حسب أنطوان شلحت هي وجود خلافات توصف أحيانًا بأنها حادة بين المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بمن في ذلك حتى وزير الأمن الإسرائيلي المحسوب على حزب نتنياهو، يوآف غالانت، ورئيس هيئة الأركان وقادة جهاز الشاباك والمؤسسة السياسية.

تشهد فيه الساحة الإسرائيلية انتقادات حول جدوى العمليات العسكرية في غزة
تشهد فيه الساحة الإسرائيلية انتقادات حول جدوى العمليات العسكرية في غزة - غيتي

وأوضح أن نقطة الخلاف الرئيسية هي أن الحرب من وجهة نظر المؤسسة الأمنية لا يمكن أن تكون غاية بحد ذاتها، بل هي وسيلة من أجل الوصول إلى غاية تكون في نهاية المطاف سياسية، مشيرًا إلى أنه لم يتم تحديد ما هي الغاية السياسية لهذه الحرب حتى الآن، لذلك فإن هذه الخلافات آخذة في الاحتدام في الآونة الأخيرة.

وقال أنطوان شلحت: إن "هناك تلميحات تشير إلى أنه في حال استمرار هذه الخلافات بين المؤسسة الأمنية والمؤسسة العسكرية، فيمكن أن تقدم المؤسسة الأمنية على إيقاف الحرب.

ارتفاع منسوب المخاطر الأمنية أمام إسرائيل

وأشار شلحت إلى أن هناك ارتفاعًا في منسوب المخاطر الأمنية الماثلة أمام إسرائيل، سواء على الجبهة الشمالية أو على الجبهة الجنوبية في منطقة الحدود مع مصر.

وبالنسبة للجبهة الشمالية، قال أنطوان شلحت إن هناك استخدامًا من قبل حزب الله للمزيد من الأسلحة النوعية، أما فيما يخص مصر، فأشار إلى أن هناك الكثير من التحليلات الإسرائيلية، تحدثت عن أن العلاقات القائمة بين إسرائيل ومصر تتدهور من يوم لآخر على خلفية قيام الجيش الإسرائيلي باجتياح رفح واحتلال المعبر رفح.

وتابع أن اجتياح رفح واحتلال المعبر في مواجهة الجيش المصري أدى إلى تدهور العلاقة بين إسرائيل ومصر إلى درجة أنه كانت هناك تهديدات مصرية بأنه إذا ما استمر الحال على هذا المنوال فيمكن أن يكون هناك نزاع عسكري بين البلدين.

الحرب "ليست" في صالح إسرائيل

الخبير العسكري الأميركي سكوت ريتر بدوره، رأى أن عودة جيش الاحتلال إلى مناطق انسحب منها ومواجهته لمقاومة من قبل الفصائل، تعني أن الجيش الإسرائيلي لا يفهم طبيعة ما أسماه "العدو" الذي يقاتله.

وفي حديث لـ"العربي" من واشنطن، ذكر ريتر أن السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 فاجأ إسرائيل، حيث لم تكن مستعدة لهجوم قادم من غزة، بالإضافة إلى ذلك فإن أي هدف عسكري تم تحديده من قبلها كان مترافقًا مع أهداف سياسية، كتدمير حماس عسكريًا وسياسيًا.

ريتر أوضح أن هذا الأمر يُوجد نوعا من التوقعات غير الواقعية من قبل الجيش الذي لا يفهم حقيقة "العدو"، مشيرًا إلى أن إسرائيل التي تقاتل فوق الأرض لن تهزم حركة حماس التي تقاتل تحتها في إشارة إلى الأنفاق في القطاع، وهذا الأمر تبين بعد انسحابها من بعض المناطق، وعودة المقاومة بشكل سريع وتنظيم صفوفها.

وفيما أضاف ريتر أن هذا يدل على أن إسرائيل تفتقر إلى خطة متسقة، وأن هذا القتال لن يكون لصالحها، أردف أن الجيش الإسرائيلي الذي كان يتحضر لحرب على كل الجبهات خلال العامين الماضيين، لم يكن مستعدًا لهجوم حماس، لأن الجيش الإسرائيلي ليس مستعدًا للاستمرار في هذه الحرب مع حماس.

ومن منظور أمني، رأى الخبير العسكري سكوت ريتر أن أفضل ما يمكن القيام به الآن هو وقف الحرب في مكانها لتخفيف الخسائر.

فشل أمني وعسكري إسرائيلي

من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة مخيمر أبو سعدة أن إسرائيل وقعت في فشلين، الأول أمني في السابع من أكتوبر عندما لم تتوقع أجهزتها الأمنية المختلفة هذا الهجوم الكبير، بالإضافة إلى الفشل العسكري.

وفي حديث لـ"العربي" من القاهرة، أضاف أبو سعدة أن إسرائيل منذ ذلك الوقت قدرت بأن الحرب ضد حماس وقطاع غزة سوف تستمر عدة أسابيع أو عدة أشهر بسيطة، مشيرًا إلى أن إسرائيل لم تنجح في إخضاع وتدمير حماس كما أعلنت، فيما تدخل الحرب على غزة شهرها الثامن، كما لم تستطع إنقاذ الأسرى الإسرائيليين.

أما على مستوى المقاومة الفلسطينية، فيرى أبو سعدة أنها حضرت نفسها جيدًا لمقاومة العدوان الإسرائيلي، ومن الواضح بأن شبكة الأنفاق الكبيرة الموجودة في غزة ساعدت حركة حماس على مقاومة ومباغتة قوات الاحتلال.

وأضاف أن المقاومة تعرف أرضها وتعرف الميدان، وسط منطقة جغرافية عملت فيها عدة سنوات، وواجهت قوات الاحتلال الإسرائيلي مرات عدة في السابق، مشيرًا إلى أنها تأقلمت مع ظروف مثل هذه الاجتياحات سواء كانت الضربات الجوية أو الاجتياحات البرية.

وتابع أبو سعدة أن المقاومة ليس لديها خيار آخر سوى الصمود ومواجهة العدوان، وما يحصل في جباليا يدل على أن المقاومة على الرغم من مرور 7 أشهر، إلا أن إمكانياتها وأدواتها ما زالت جيدة وقادرة على مواجهة العدوان.

وبشأن الخيار الأنسب والأكثر واقعية لإنهاء الحرب، رأى أبو سعدة أن الحل يتمثل في وقف إطلاق نار، والذهاب إلى صفقة تبادل أسرى وترتيبات سياسية والذهاب إلى حل سياسي مع الفلسطينيين، لأن الضغط العسكري لم ينفع.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close