قبل مئة عام، بدّد الاستعمار الفرنسي حلم أول دولة عربية ديمقراطية في العصر الحديث بعد أن أسقط "الحكومة العربية في دمشق" بقيادة الأمير فيصل بن الحسين.
وفي ذكرى مرور مئة عام على هذا الحدث التاريخي بثّ "التلفزيون العربي" وثائقيّا روى أحداث عامين مفصليين في التاريخ العربي الحديث، شهدا محاولة تأسيس أول حكومة عربية مدنية، قبل أن تجهض فرنسا المحاولة في أعقاب معركة ميسلون الشهيرة.
يروي الوثائقي كيف كانت دمشق آنذاك عاصمة لحراك عربي وقبلة لرموز سياسية من كافة المشارب والأقطار، وتكلل نضالهم بتأسيس الحكومة العربية التي ضمت في عناصرها رموزاً سياسية وفكرية من بلاد عدة.
ويكشف الفيلم كيف كانت الحكومة العربية نواة لدولة عربية مدنية موحّدة متحررة من التقسيمات العرقية والطائفية، وصدر دستورها في يوليو تموز عام 1920، ومن بين نصوصه ما يؤكد على مدنية الدولة وعدم جواز تكليف أي شخصٍ من الأسرة المالكة تولّي الوزارة، ومساواة المواطنين امام القانون، وعدم التعرض للحريات وحرية العبادة.
ويتحدث الوثائقي عن صدور دستور لم يتحدث عن دين الدولة، بل اكتفى بذكر دين رئيس الدولة، وبهذا يكون الدستور الاول الذي اقترب من العلمانية من دون أن يسميها بالاسم.
ويستضيف الفيلم الثري باللقطات الأرشيفية عددّا من الخبراء المتخصصين، من بينهم المؤرخة الأميركية إليزابيث ف تومبسون، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط الحديث في "الجامعة الأميركية" بواشنطن ومؤلفة كتاب "كيف سلب الغرب الديمقراطية من العرب". وتشرح تومبسون كيف أدى التنوّع في الأفكار، في نهاية المطاف، الى دستور متقدم، وكيف أجهض الاوروبيين إجهاض هذا العمل تحت حجّة أن العرب لا يستطعون حكم أنفسهم.
وتحدّث في الوثائقي الباحث والكاتب صقر ابو فخر عن كيفية تقبّل السوريين حكمهم من أمير حجازي، وعن قناعة وحدة الارض في سوريا الطبيعية وطموح إنشاء وطن على أساس المواطنة القومية وليس على أساس الطوائف والعشائر قبل القومية.
اما الكاتب خالد زيادة فتناول نجاح ثورة الامير فيصل في صهر كافة التيارات في بلاد الشام بغية قيام دولة غير طائفية ومدنية.
وشرح الكاتب الفرنسي هنري لورانس، كيف حاصرت فرنسا الامير فيصل، وأجبرته على توقيع اتفاقية تلزمه الحكم تحت الانتداب الفرنسي وكيف انحاز للقوميين العرب. وفي شهادة للمؤرخ افي شلايم، يشير الى اشتراط الملك قبوله بوعد بلفور بقبول الشعب الفلسطيني للاتفاق، وهو سجّل تحفّظه قبل التوقيع.
ويتضمن الفيلم خطابات الامير فيصل، وكيف قدّم مفهوماً لحكم الدولة لم تعهده الدول العربية، كتأسيس مجلس للشورى في سوريا عام 1918، ومؤتمر تأسيسي عام سنة 1919 يقع على عاتقه اعلان الاستقلال واعلان الدولة.