مع انتعاش الإنتاج الدرامي التلفزيوني، تُطرَح تساؤلات عدّة بشأن واقعية المواضيع التي تتناولها سيناريوهات هذه المسلسلات، وما إذا كانت تعكس واقع المجتمعات بالفعل، أم تشكّل رؤية خياليّة إن جاز التعبير.
وفي ضوء ذلك، يتصاعد حجم الانتقادات الموجّهة لصنّاع الدراما العربية الذين يسوّقون وفق آراء بعض النقّاد لقضايا مجتمعية شائكة بعيدة عن اهتمامات الشعوب العربية سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.
أكثر من ذلك، سقطت بعض الأعمال في فخّ تشويه صورة المجتمعات العربية عبر استيراد واقتباس المخرجين وكتّاب السيناريو لأفكار غريبة عن الواقع المعاش، وهو ما أثار حفيظة جمعية مؤلّفي الدراما العربية.
وطالبت الجمعية باستحداث لجنة خبراء في شتى المجالات تختار الموضوعات التي يجب طرحها في الأعمال الدرامية وفقًا لاحتياجات المجتمع، مع تفعيل دور الرقابة على المصنّفات الفنية.
مسلسلات قائمة على الإثارة والتشويق
تميّز الناقدة وكاتبة السيناريو علا الشافي بين الأعمال التي تُعرَض في شهر رمضان، وبعضها يُكتَب على الهواء، وما يُعرَض خارج الموسم.
وتوضح الشافي، في حديث إلى "العربي" من القاهرة أنّ الأعمال تتفاوت في المستوى، لكنّها ترى أنّ ما يُعرَض خارج شهر رمضان يعطي مساحة أوسع للظواهر الاجتماعيّة.
وتشدّد على أنّ النص يجب أن يكون الأساس لضبط أي عملية إنتاجية، كما لا تنكر أنّ هناك مسلسلات كاملة قائمة على فكرة الإثارة والتشويق والدراما والعنف؛ وهو ما لا يعكس المجتمع.
إلا أنّها تعرب عن اعتقادها بأنّ الأمور بدأت تخضع في الآونة الأخيرة لما تصفه بـ"الفلترة"، لافتة إلى إعادة الاعتبار لأهمية النصّ. وتشير إلى أنّ النجم في السابق كان هو الذي يحرّك المشروع، لكن الأمر يشهد بعض التغييرات اليوم.
"تسطيح للفكر والمؤلف العربي"
من جهته، يتحدّث الكاتب والمخرج والممثل اللبناني طوني شمعون عن واقع الدراما اللبنانية التي يرى أنّها تشبه إلى حد بعيد تلك المصرية أو السورية.
ويلفت شمعون، في حديث إلى "العربي"، من بيروت، إلى أنّ الإنتاج في لبنان ضعيف، إلا أنّه يؤكد أنّه على المستوى الشخصي، يسعى لتخطي هذه المسألة، والاتكال على مجهوده وعلاقاته.
ويعرب عن اعتقاده بأنّ الاقتباس هو سيد الموقف في هذه المرحلة، حيث إنّ العملية أصبحت عملية استثمار ولم تعد عملية فكر، وهو ما أسهمت فيه كثرة المحطات التلفزيونية وساعات البث التي تستهلك البرامج والمسلسلات.
ويكشف أنّ هناك في لبنان من يأتي مثلاً بفيلم سينما عالميّ شاهده الملايين، ويطلب من المؤلّف تحويله إلى مسلسل من 30 حلقة ليُعرَض في شهر رمضان.
ويتحدّث في هذا السياق عن "تسطيح للفكر وللمؤلف العربي"، معتبرًا أنّ هذا الأمر يقضي على القيمة الفنية للعمل، ويوقعه في التطويل والتكرار والرتابة.