الخميس 21 نوفمبر / November 2024

الدهيشة.. مخيم فلسطيني يسعى للحصول على مكانة في التراث العالمي لليونسكو

الدهيشة.. مخيم فلسطيني يسعى للحصول على مكانة في التراث العالمي لليونسكو

شارك القصة

أزقة جذابة في عالم بعيد عن الصور المعتادة لمخيمات اللاجئين (تويتر)
أزقة جذابة في عالم بعيد عن الصور المعتادة لمخيمات اللاجئين (تويتر)
يتصدّر المعرض مجموعة من الصناديق الضوئية الكبيرة، تحمل صورًا ساحرة التقطها المصوّر الإيطالي لوكا كابوانو، الذي جرى تكليفه مرات عدة من قبل منظمة اليونسكو.

منذ 70 عامًا، كان مخيم الدهيشة للاجئين المتداعي بالقرب من بيت لحم "موقعًا للنزوح". لكنّه بالنسبة لبعض الخبراء والفنانين فإنه لا يقلّ أهمية عن بلدة ماتشو بيتشو الأثرية المذهلة في البيرو، كما يضاهي في الروعة تاج محل في الهند. وهذا الأمر جعلهم يطالبون بوضعه على قائمة منظمة اليونسكو للتراث العالمي.

بالنسبة لصحيفة "الغارديان" البريطانية، لا يشبه مخيم الدهيشة للاجئين إلى حد كبير مواقع التراث العالمي التي اعتادت اليونسكو على تصنيفها. لا توجد فيه أكشاك للهدايا التذكارية أو أسراب من الباعة المتجولين. وبدلاً من ذلك، فإن الجدران الخرسانية المتشقّقة المغطاة بالكتابات العربية تؤطر مدخل متجر الزاوية، حيث توجد آلة قديمة لتصوير المستندات بجوار بضعة رفوف هزيلة من المؤن. هناك تتسكع سيارة أجرة في شارع مليء بالحفر بين أكوام من الكتل المكسورة، بينما تتدلى كابلات الكهرباء وأسلاك الهاتف بشكل غير مستقر فوقها.

غرف الفسيفساء

لكن على هامش معرض فني في العاصمة البريطانية لندن بعنوان "غرف الفسيفساء" (Mosaic Rooms)، يعتبر منظم المعرض الفنان التشكيلي أليساندور بيتي، والباحثة الأكاديمية الفلسطينية ساندي هلال، أن هذا المخيم يستحق أن يدخل القائمة ويحصل على وضع حماية كموقع تراثي باعتباره يُعبّر عن "تراث عديمي الجنسية".

يقول أليساندرو بيتي: "نريد تغيير المفاهيم الغربية التقليدية للتراث، وكيفية تسجيل تراث ثقافة المنفى". ويتساءل: "عندما لا يمكن تسمية مواقع التراث العالمي إلا من قبل الدول القومية، كيف يُمكن أن نقدّر تراث السكان عديمي الجنسية؟".

ومنذ عام 2007، يعمل بيتي وهلال، وهي من مؤسسي مشروع "تطويع عمارة الاستيطان"، مع اللاجئين الفلسطينيين في مخيم الدهيشة لتجميع ملف لتقديمه إلى اليونسكو، يدعون فيه إلى "القيمة العالمية المتميّزة" للمخيم باعتباره موقعًا لأطول عملية تهجير في العالم وأكبرها.

 

صور ساحرة

ويتصدّر المعرض مجموعة من الصناديق الضوئية الكبيرة، تحمل صورًا ساحرة التقطها المصوّر الإيطالي لوكا كابوانو، الذي جرى تكليفه مرات عدة من قبل منظمة اليونسكو لتوثيق مواقع التراث العالمية.

واعتمد كابوانو على التقاط صور للمخيم في الليل، ومع تسليط إضاءات ساحرة عليها تضفي عليها أجواء من الرومانسية.

كما تتمتع المشاهد بجودة أفلام مغرية، حيث تتسرب برك من الضوء من المداخل التي تُركت مواربة، ومن الأزقة الجذابة، في عالم بعيد عن الصور المعتادة لمخيمات اللاجئين، والتي تُصوّر دائمًا على أنها أماكن يائسة.

وعام 1949، أُنشِئ مخيم الدهيشة لإيواء أكثر من 3 آلاف فلسطيني طردتهم الميليشيات اليهودية من قراهم في بداية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. ومنذ ذلك الحين، تضخّم المخيم ليستوعب 15 ألف شخص.

في البداية، كان مخيمًا من الخيام على أرض استأجرتها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا) من قبل الحكومة الأردنية (التي لا تزال تمتلك الأرض من الناحية الفنية). وفي الخمسينيات من القرن الماضي، بدأت الأونروا ببناء غرف إيواء خرسانية صغيرة لكل أسرة، مع قاعدة متر مربع واحد للفرد، وحمام مشترك بين كل 15 مأوى. مع مرور الوقت، أضافت العائلات مزيدًا من الغرف والأراضي وتوسيعها وبنائها حسب الحاجة.

"المؤقت الدائم" وحقّ العودة

وبعد مرور أكثر من 70 عامًا، اختلف المشهد في مخيم الدهيشة. فلم تعد هناك خيام، بل منازل خرسانية متعددة الطوابق متعرّجة بين شوارع وأزقة ضيقة. كما أصبح هناك متاجر ومدارس ومساجد، بُنيت على مساحة تقلّ عن نصف كيلومتر مربع. وتبرز قضبان التسليح الفولاذية من معظم أسطح المنازل، ولكن هناك سبب وجيه يجعل كل شيء يبدو غير مكتمل.

وفقًا للصحيفة، مخيم الدهيشة هو نتاج إجبار اللاجئين على العيش في طيّ النسيان الدائم، مع الأمل الأبدي بالعودة يومًا ما، في حالة يسميها بيتي وهلال حالة "المؤقت الدائم".

وتتشبث العائلات بحلم العودة إلى أراضي أجدادهم- التي تقع على بعد بضعة كيلومترات فقط، خلف الجدار الخرساني ​​الإسرائيلي.

تقول هلال، التي نشأت في بلدة بيت ساحور القريبة: "هناك شعور واسع الانتشار بين اللاجئين الفلسطينيين بأنك إذا اعتبرت المخيم موطنًا لك، فسوف تعرض حق العودة للخطر". وتضيف أن الناس "يحاولون تحسين مبانيهم وظروفهم المعيشية، لكنهم في الوقت نفسه يخجلون من تحوّل المبنى إلى ملكيتهم الخاصّة".

معرض غرف الفسيفساء

موقع للإنتاج

في معرض لندن، قاموا بتحويل غرفة واحدة إلى غرفة معيشة، حيث يعقد عمر حميدات اجتماعات أسبوعية عبر تطبيق "زوم". وتضمّ الغرفة مجموعة من الأشرطة الموسيقية وبساطًا منسوجًا من غزة.

يقول بيتي: "نريد أن يكون المعرض موقعًا نشطًا للتجمّع والإنتاج".

كما تسلّط غرفة ثالثة في الطابق السفلي الضوء بشكل حاد على حق الفلسطينيين في العودة، مع عرض قوي حول إجبار سكان الدهيشة على الفرار من 44 قرية بالقرب من القدس والخليل.

وفي السنوات السبعين منذ نزوح العائلات الفلسطينية، لم يعد بالإمكان التعرّف على قراهم. بعضها الآن عبارة عن حدائق إسرائيلية، حيث سبق وقامت منازل الفلسطينيين. تم تحويل البعض الآخر إلى مواقع صناعية، مع صوامع خرسانية فوق الحقول والأشجار المثمرة.

تجاوز الحدود الوطنية

ويعتبر الثنائي أن القرى هي موقع تراثي موازٍ للمخيم، أحدهما موجود كنتاج مباشر لعدم القدرة على الوصول إلى الآخر.

وأشارا إلى أن القيمة العالمية البارزة لممتلكات التراث العالمي تعتمد على قدرتها على "تجاوز الحدود الوطنية".

ولا يرى بيتي أو هلال أن هناك أمل بالاعتراف بالمخيم ضمن قائمة التراث العالمي لأسباب سياسية، وعدم وجود دولة قادرة على تقديم الملف بشكل رسمي.

تابع القراءة
المصادر:
صحافة أجنبية
تغطية خاصة
Close