اقترب رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك من الإقدام على الاستقالة فعليًا، وذلك بعد مد وجزر وتلويح ثم نفي الأسبوع الماضي.
وأفادت وسائل إعلام سودانية الإثنين أن حمدوك طلب من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمود حمدان دقلو البحث عن رئيس وزراء جديد لعدم رغبته في الاستمرار بمنصبه.
في هذا الإطار، أفاد مراسل "العربي" وائل محمد حسن، بأن هذه هي المرة الثانية في أقل من أسبوع التي يلوح فيها حمدوك بالاستقالة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن رئيس الوزراء اشترط في اجتماعه مع البرهان ودقلو إيجاد توافق سياسي حتى يستمر رئيسًا للوزراء.
ولفت مراسلنا من الخرطوم، إلى أنه في حال عدم التوصل لهذا التوافق سيقدم حمدوك استقالته.
وأضاف حسن، أن مصادر من مكتب حمدوك أكدت أنه لم يداوم في مكتبه بمجلس الوزراء منذ عدة أيام.
وفي هذا الإطار، ذكرت مصادر خاصة لـ "العربي" بأن حمدوك تلقى اتصالًا من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لثنيه عن الاستقالة.
أسباب الاستقالة
ويشرح الأكاديمي والكاتب السياسي عصام داكين أسباب رئيس الوزراء التي تدفعه نحو الإقدام على الاستقالة، مشيرًا إلى أن هناك خلافًا كبيرًا دبّ بين حمدوك ومجلس السيادة حول تشكيل الحكومة القادمة وفق الاتفاق السياسي المعلن في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي الذي يؤكد على حكومة كفاءات وطنية غير حزبية مع الاحتفاظ بحصة الحركات المسلحة التي وقعت على اتفاق جوبا.
ويضيف داكين، في حديث إلى "العربي" من الخرطوم، أن حمدوك يريد تكوين حكومة خالية تمامًا من أي توجهات سياسية حتى من الحركات المسلحة التي وقعت اتفاق جوبا للسلام، لكن الرفض الشعبي وفقدان التأييد يشكل سببًا أيضًا لإقدام حمدوك على الاستقالة المرتقبة، وفقًا للأكاديمي السوداني.
ورأى أن "حمدوك فشل فشلًا ذريعًا في إدارة المرحلة الانتقالية، وهذا متفق عليه بين جميع الأطراف سواء تلك التي معه في السلطة أو خارج السلطة".
الدور الخارجي
من جهة أخرى، اعتبر داكين أن المشهد الخارجي والدولي حاضر في قضية السودان، ويعول حمدوك على الدور الخارجي الذي تمكن من إرجاعه عن استقالته بداية.
ورجح الكاتب السياسي أن يقبل البرهان "فورًا" استقالة حمدوك حال وصولها إليها، وتعيين خلف له على جناح السرعة وبمهام مماثلة لتلك التي نص عليها الاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك.
ويشهد السودان، منذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، احتجاجات رافضة لإجراءات اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، تضمنت إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وعزل رئيس الحكومة عبد الله حمدوك، عقب اعتقال قيادات حزبية ومسؤولين، ضمن إجراءات وصفتها قوى سياسية بأنها "انقلاب عسكري".
ويوم 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وقعّ البرهان وحمدوك، اتفاقًا سياسيًا يتضمن عودة الأخير لمنصبه، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفان بالعمل سويًا لاستكمال المسار الديمقراطي.
إلّا أن قوى سياسية ومدنية عبّرت عن رفضها للاتفاق باعتباره "محاولة لشرعنة الانقلاب"، متعهدة بمواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق الحكم المدني الكامل.