الثلاثاء 19 نوفمبر / November 2024

"الفكرة لا تموت".. إسرائيل تدمّر الثقافة في غزة

"الفكرة لا تموت".. إسرائيل تدمّر الثقافة في غزة

شارك القصة

سمير منصور أمام مكتبته التي دمرها العدوان الاسرائيلي على غزة.
سمير منصور أمام مكتبته التي دمرها العدوان الاسرائيلي على غزة (تويتر)
كشفت وزارة الثقافة الفلسطينية في بيان السبت، أنّ مجمل خسائر القطاع الثقافي خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بلغت 3.4 مليون دولار.

كانت مكتبة سمير منصور في قطاع غزة متنفسًا لكثير من السكان الذين كانوا يقصدونها بحثًا عن كتب متنوعة سواء مدرسية أو دينية أو روايات عالمية مترجمة إلى العربية، قبل أن تُحولها غارة إسرائيلية إلى ركام الثلاثاء الماضي.

في بداية ثمانينيات القرن الماضي، عندما كان منصور يبلغ من العمر 14 عامًا، بدأ بالعمل مع والده في المكتبة، قبل أن يستلم زمام الأمور، ويقوم بإنشاء دار نشر في عام 2000.

ولكن الثلاثاء، دمرت إسرائيل ما بناه في حياته. قرابة الساعة الخامسة صباحًا، كان الرجل الخمسيني يشاهد الأخبار في بيته، عندما علم بأن جيش الاحتلال حذّر بأنه سيُدمّر المبنى الذي تقع فيه مكتبته. هرع إلى مكتبته، ولكنه توقّف على بعد 200 متر.

وقف الرجل يتأمل ما تبقّى من المكتبة التي لم تعد سوى كراسٍ بلاستيكية محطّمة وأوراق متناثرة بالإضافة إلى كتل أسمنتية.

يقول منصور، وهو يُدخّن سيجارته: "أربعون عامًا من حياتي دُمّرت في أقل من ثانية. هناك 100 ألف كتاب تحت الركام".

ويذكر أن الكتب الأكثر مبيعًا لديه، بالإضافة إلى نسخ من القرآن الكريم، هي كتب إرشادية لتعلّم اللغات الأجنبية وكتب الأطفال وروايات عالمية مثل "الأخوة كارامازوف" للروائي الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي.

هجوم على الثقافة

ويوضح سمير: "لا تربطني أي علاقة مع أي جماعة مسلحة أو حزب سياسي. هذا هجوم على الثقافة. عشت انتفاضتين وثلاث حروب ضد قطاع غزة، ولكن الأمر لم يحدث لي من قبل. لم تدمر مكتبتي في السابق".

وقبل بدء العدوان، وصل زوج ابنته منتصر صالح إلى غزة من النروج لزيارة العائلة.

ويروي منتصر: "بينما كنا في المنزل نشاهد التلفاز، قالوا إنه تم إطلاق طلقة تحذيرية على المبنى فهرعنا إلى هناك. أراد سمير الدخول إلى هناك لإحضار بعض الأوراق بالإضافة إلى حاسوبه المحمول، ولكنه خاف من الدخول والتعرّض للقصف بصاروخ، ولهذا بقينا في الخارج".

الفكرة لا تموت

بالنسبة للشاعر ومؤسس مكتبة "إدوارد سعيد" في غزة مصعب أبو توهة "فقدت غزة أحد مواردها الثقافية الأساسية" بتدمير مكتبة المنصور.

ويتابع: "كانت مكتبة المنصور أكثر من مجرد مكتبة. كانت أيضًا دار نشر تقوم بالنشر لمؤلفين وكتّاب من غزة. كان يتم طباعة الكتب في مصر وإدخالها إلى غزة، بينما كان يتم توزيع نسخ في مصر وفي العالم العربي. كانت تسمح برفع الحصار عن غزة عن طريق الثقافة".

استمرّ العدوان  الإسرائيلي على غزة 11 يومًا، دُمّرت خلالها أيضًا مكتبة "اقرأ" التي كانت تضمّ كتبًا علمية وثقافية، وكان يقصدها آلاف من طلاب الجامعات.

كما تحوّلت مكتبة "النهضة"، التي كانت تبيع القرطاسية في مكان ليس ببعيد، إلى ركام أيضًا.

وأمام أنقاض هذه المكتبة، لم يبقَ سوى ملصق كبير كتب عليه باللغة العربية "الفكرة ما بتموت".

وكانت وزارة الثقافة الفلسطينية كشفت، في بيان السبت، أنّ مجمل خسائر القطاع الثقافي خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بلغت 3.4 مليون دولار.

وبحسب الوزارة، تشمل الخسائر: "خسائر المؤسسات والجمعيات والمراكز العاملة في قطاع الثقافة، باستثناء خسائر الفنانين الأفراد والمقتنيات الفنية والأماكن الخاصة بهم، كون البيانات حول ذلك غير متوافرة حتى اللحظة".

ويُحاول سكان قطاع غزة العودة ببطء إلى حياتهم الطبيعية رغم هول الدمار والركام، بعد العدوان.

تابع القراءة
المصادر:
العربي، أ ف ب، تويتر
تغطية خاصة
Close