إذا كان عالم التكنولوجيا حافلًا بالوعود خلال عام 2021، من السيارات الذاتية القيادة إلى عالم "ميتافيرس" الموازي، فإن هذه الرؤى والمسارات المستقبلية لن تصبح ملموسة في الحياة اليومية إلا بعد وقت طويل.
وهذه لمحة عن أبرز المسارات المستقبلية التي ستُتواصل الجهود في إطارها خلال سنة 2022.
اللحوم والأجبان المعدلة وراثيًا
يتوقّع رئيس شركة الاستشارات في الولايات المتحدة "Fabernovel" ديفيد بشيري أن تكون 2022 "سنة ظهور الأطعمة المُصنّعة من البروتينات النباتية".
ويتوقّع أن يبلغ حجم سوق اللحوم النباتية العالمية 35 مليار دولار بحلول عام 2027، بعدما كان يقتصر على 13,5 مليار دولار عام 2020. ويعود الفضل الأساسي في ذلك إلى التوسع خارج الولايات المتحدة، بحسب تقرير صادر عن "Research and Markets".
ويؤكد بشيري أن "المنتجات ناضجة وجيدة"، وأن المجموعات العاملة في قطاع الأغذية الزراعية ستستحوذ على علامات تجارية بدأت تبرز، مرجّحًا "الانتقال من مرحلة الابتكار إلى مرحلة التصنيع".
الويب اللامركزي
شهدت المرحلة الأولى من تاريخ شبكة الإنترنت إنشاء المدونات والمواقع الإلكترونية، مثل "ياهو" أو إي باي" أو "أمازون". أما مرحلة الويب 2.0، أي الحالية، فتطغى عليها الشبكات الاجتماعية ومشاركة المحتوى.
ويلاحظ المحلل المستقل المتخصص في "سيليكون" فالي بنديكت إيفانز أن المنصات من مثل "فيسبوك" و"يوتيوب" هي التي تتحكّم بهذه المواقع و"تحصّل العائدات الإعلانية".
أما في مرحلة الويب 3.0، "فالمستخدمون والمبتكرون والمطورون يمتلكون حصصًا (في الموقع) ويمكنهم التصويت"، كما هي الحال في الجمعيات العمومية للمساهمين في التعاونيات.
وتقوم هذه المرحلة الجديدة على تقنية "بلوك تشين" التي أتاحت بروز العملات المشفّرة (كالبيتكوين والإيثيريوم وسواهما) واتساع مبيعات شهادات الأصالة لمواد رقمية ("ان اف تي").
ويرى ديفيد بشيري أن سنة 2022 ستشهد مزيدًا من حالات "التمويل اللامركزي" الذي سيصبح جزءًا "من الحياة اليومية".
وجمعت مدينة ميامي بولاية فلوريدا أكثر من 20 مليون دولار من خلال عملتها المشفّرة التي ابتُكرت بالتعاون مع "CityCoins"، وهو بروتوكول مفتوح المصدر مصمم خصيصًا للبلديات التي تبحث عن طرق بديلة لجمع الأموال. واعتمدت نيويورك أيضًا هذه التقنية في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
لكنّ لهذه التقنيات أثرًا بيئيًا سلبيًا كبيرًا، نظرًا إلى الاحتياجات الكهربائية الهائلة لشبكات الكمبيوتر ومراكز البيانات التي تشكّل وصلات "بلوك تشين".
الحدّ من الاحتكارات
أثارت القوة الهائلة لشركات التكنولوجيا العملاقة المعروفة بـ"جافا" (GAFA) (أي "غوغل" و"آبل" و"فيسبوك" و"أمازون") غضب السلطات لسنوات. فأوروبا تتخذ إجراءات، وروسيا والصين تعملان على تأطير أنشطتها أو فرض الرقابة عليها. وعام 2021، أصبحت الولايات المتحدة تملك ما يلزم لخوض المعركة.
وترتكز السلطات الأميركية في ذلك على قانون المنافسة. ويجري النظر في عدد كبير من التحقيقات والدعاوى القضائية في حق هذه الشركات المتهمة بإساءة استخدام مركز مهيمن.
وترى هيئة المنافسة الأميركية مثلًا أن "فيسبوك" اشترت "إنستغرام" و"واتساب" لسحق أي خطر منافسة في المستقبل.
وتواجه مجموعة مارك زوكربرغ موقفًا صعبًا جدًا بعد تسريب مسؤولة سابقة وثائق داخلية تبيّن أن المديرين التنفيذيين للشركة يعلمون بالضرر الذي تسببه تطبيقاتها للصغار وللديمقراطية.
أما النواب الأميركيون فوافقوا بدورهم على مستوى اللجان على مشاريع قوانين تحدّ من هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى.
كما أن الاتساع الكبير في استخدام العملات المشّفرة يقلق الجهات المشرّعة والناظمة. ففي سبتمبر/ أيلول، اعتبر البنك المركزي الصيني أن كل المعاملات المالية التي تنطوي على العملات المشفرة غير قانونية.
برامج الفدية الإلكترونية وسرقة البيانات
من المتوقّع أن تستمرّ هجمات برامج الفدية وسرقة البيانات السرية على نطاق واسع خلال العام المقبل.
ويساهم ارتفاع قيمة العملات المشفرة والصعوبة التي تواجهها السلطات في مواجهة قراصنة الكمبيوتر، في ازدهار الابتزاز الرقمي.
وتشير شركة "SonicWall" للأمن السيبراني إلى "تسجيل 495 مليون هجوم فدية" حتى أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي، مما جعل 2021 قبل شهرين من نهايتها "السنة الأكثر تكلفة والأكثر خطورة" في هذا المجال.
وكتبت كبيرة مسؤولي الاستعلام في شركة "مانديانت" للأمن السيبراني ساندرا جويس: "في عام 2022، سيكون الموضوع الرئيس بالنسبة لي ولزملائي هو برنامج الفدية. إنه أمر مربح للغاية".
وتتوقّع منظمة "Identity Theft Resource Center" الأميركية غير الحكومية أن تسجَّل أرقام قياسية في مجال تسرّب البيانات.