انتهاكات وجرائم بحق المدنيين.. من سيحاسب طرفي النزاع في السودان؟
"ليس لدينا سوى أسرى حرب يتلقون معاملة حسنة"، بهذه الكلمات ردت قوات الدعم السريع على الاتهامات الموجهة لها باحتجاز 5 آلاف شخص بظروف غامضة وغير إنسانية داخل العاصمة السودانية الخرطوم.
ولم تنف منظمات حقوقية وجود مقاتلين محتجزين، لكنها أكدت أن عدد المدنيين من نساء وأطفال ورعايا أجانب يقارب 3500 شخص.
اتهامات لقوات الدعم السريع
أصابع اتهام عديدة وجّهت إلى قوات الدعم السريع، أبرزها العثور على 87 جثة دُفنت في مقبرة جماعية بمدينة الجنينة مركز ولاية غرب دارفور السودانية، وقد حمّلت الأمم المتحدة قوات الدعم المسؤولية عنها.
والجيش السوداني هو الآخر لم يسلم من الاتهامات، بعد قصف مناطق سكنية بحجة استهداف عناصر الدعم السريع، إلا أنها أودت بحياة العشرات، ما يعرض المدنيين للعنف إضافة لحجب المساعدات ومنع وصولها للمناطق المتضررة.
ومع استمرار المعارك، تتهم القوات المسلحة الدعم السريع باستغلال الأطفال وتجنيدهم بالقوة ما يعرض حياتهم للخطر وينتهك حقوقهم، ناهيك عن فصلهم عن بيئة التعليم وإرغامهم على الانخراط في بيئة القتل والقتال.
بالمقابل، تتهم وزارة الصحة قوات الدعم السريع بقصف المستشفيات، وسط مصير مجهول لـ560 ألف تلميذ في هذا الوضع وسط نهب المدارس والاعتداء عليها.
جرائم حرب
وفي هذا الإطار، قال المستشار القانوني والحقوقي في الشبكة السودانية لحقوق الإنسان حيدر سيد أحمد: إن "رصد الانتهاكات في السودان بدأ عام 2003 في دارفور وهو مستمر اليوم خلال الصراع الحالي، والكثير منها يرقى ليصل إلى المحكمة الجنائية الدولية".
وأضاف سيد أحمد في حديث لـ"العربي" من أونتاريو، أن طرفي الصراع متهمان بارتكاب الانتهاكات بحق السودانين، إضافة لجرائم حرب أخرى.
ولفت سيد أحمد إلى أن "السودان يشهد إبادة جماعية أشبه بما وقع في رواندا، ولذلك مسألة توثيق الانتهاكات لا تحتاج لكثير من التعقيد، فالجيش يقصف مناطق المدنيين وهو يعلم أين تتمركز قوات الدعم السريع".
واستدرك قائلًا: "إن كل الذين يموتون هم رجال ونساء جرى محاصرتهم كونهم لم يتمكنوا من توفير مكان آمن لهم".
"الانتقال الديمقراطي"
بدوره، أشار رئيس هيئة الحكم الذاتي لجنوب دارفور صديق الغالي إلى أن قوات الدعم السريع هي صنيعة الجيش السوداني.
ولفت الغالي، في حديث إلى "العربي" من فيلاديلفيا، إلى أن "فظائع الانتهاكات حاليًا في مدينة الجنينة سببها أن الجيش سلّح مجموعات جديدة وظيفتها القتل فقط".
وأضاف الغالي أن "هجوم الجيش على أحياء شعبية هي طريقة للانتقام من قوات الدعم السريع التي تريد تحقيق الانتقال الديمقراطي".
وأشار الغالي إلى أن "كل المؤتمرات الدولية قالت إن قوات الدعم السريع كانت تريد الانتقال الديمقراطي، وذلك بشهادة الأمم المتحدة واللجنة الرباعية وإيغاد".
الأدلة متوفرة
من جانبه، اعتبر وزير ديوان الحكم الاتحادي السوداني السابق حامد ممتاز أن "قوات الدعم السريع حاولت الانقلاب على السلطة في منتصف أبريل/ نيسان مدعومًا من بعض الجهات الخارجية".
وأضاف ممتاز في حديث لـ"العربي" من إسطنبول أن "كل العالم شاهد كيف قامت قوات الدعم السريع باغتيال والي دارفور بحضور قائد الدعم غربي المنطقة، ثم قامت الميليشيا بالقتل على أساس عرقي".
ومضى قائلًا: "الأمر الذي يثير السخرية هو أن تجلب الديمقراطية عبر سلاح قوات الدعم السريع وخاصة أن محمد حمدان دقلو "حميدتي" خالف الأعراف والقانون والدستور".
واستدرك قائلًا: "يمكن محاسبة كل متورط من الجيش ومن له أدلة على ذلك فليقدمها".