استدعى الرئيس اللبناني ميشال عون، صباح اليوم الخميس، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد القرار الذي أصدره ليل أمس، وقضى بـ"رفع الدعم" عن المحروقات.
ورفض عدد من السياسيّين القرار الذي وصفوه بـ"الأحاديّ"، بينهم رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل، المحسوب على عون، الذي تحدّث عن "انقلاب"، وذهب إلى حدّ دعوة مناصريه إلى "الاستعداد للتحرّك".
وأصدر المصرف المركزي، ليل الأربعاء-الخميس، بيانًا أعلن فيه أنه "اعتبارًا من تاريخ 12/8/2021، سيقوم مصرف لبنان بتأمين الاعتمادات اللازمة المتعلقة بالمحروقات، ولكن باحتساب سعر الدولار على الليرة اللبنانية تبعًا لأسعار السوق".
ووفق جدول للأسعار نشره مركز "الدولية للمعلومات"، فإن سعر صفيحة البنزين (20 ليتر) سيصبح 336 ألف ليرة، بعد أن كان 75 ألف ليرة تقريبًا.
وينتظر أصحاب محطات المحروقات قرار وزارة الطاقة والمياه الذي بموجبه ستُحدّد سعر مبيع المحروقات على اعتبار أنها الجهة الوحيدة المخوّلة تحديد الأسعار.
وقال عضو نقابة أصحاب المحروقات جورج البراكس: "إن المحطات لا تتقيّد إلّا بالأسعار التي تصدر عن وزارة الطاقة، وننتظر صدور الآلية التي اعتُمدت لتحديد الاسعار وكيف حدّدت جعالة المحطات في هذا الجدول".
إلى ذلك، توقّف عدد من المخابز في مختلف المناطق اللبنانية عن العمل بعد نفاد مادة المازوت. وأعلن نقيب أصحاب الأفران علي إبراهيم أنّ سعر ربطة الخبز سيتراوح بين 6 و7 آلاف ليرة بعد رفع الدعم عن المحروقات وارتفاع سعر صفيحة المازوت، داعيًا إلى إيجاد حل دائم للخروج من الأزمة.
ومنذ صباح اليوم، عمد عدد من اللبنانيين إلى قطع بعض الطرقات في بيروت والشمال والجنوب، احتجاجًا على الأوضاع الاقتصادية المتردّية.
وتشهد مراكز تعبئة الغاز "طوابير" حيث يصطف المواطنين لساعاتٍ تحسّبًا من انقطاع المادة بشكل كامل.
كما تشهد المناطق انقطاعًا شبه تام للتيار الكهربائي، مع إقدام أصحاب المولدات الخاصة على إطفاء مولداتهم لنفاد مادة المازوت.
سياسيون يرفضن قرار الحاكم
وأثار قرار حاكم مصرف لبنان ردود فعل سلبية من عدد من النواب، الذين اعتبروا أن الحاكم تصرّف بشكل مخالف لقرار الحكومة، محمّلين إياه مسؤولية تبعات قراره.
ووصف الوزير جبران باسيل قرار سلامة بأنه "انقلاب جديد"، داعيًا الناس للاستعداد للتحرّك.
مصرف لبنان هيئة عامة مستقلّة خاضعة للحكومة وقراراتها. الحكومة قررت خطة رفع دعم تدريجي وصدر من ضمنها قانون البطاقة التمويلية وبدأت آلية اصدارها.قرار الحاكم الأحادي برفع الدعم فجأة بشكل كامل مخالف لقرارالحكومة ولقانون البرلمان.هيدا انقلاب جديد.أدعو التيار والناس للاستعداد للتحرك GB
— Gebran Bassil (@Gebran_Bassil) August 12, 2021
كما اعتبر وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال عماد حب الله أن "قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس كان غير مسؤول لا بل سيكون مسؤولًا عن أشياء كثيرة ستحصل في البلد"، على حدّ قوله.
تظاهرة لأهالي ضحايا المرفأ
في غضون ذلك، دعا عدد من منظمات المجتمع المدني إلى تظاهرة احتجاجية أمام قصر الأونيسكو، حيث من المقرّر أن يعقد البرلمان جلسة للنظر في قرار اتهام قدّمه نواب بشأن تفجير مرفأ بيروت.
وأعلنت جمعية "أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت" رفضها لجلسة البرلمان، مطالبة بـ"رفع الحصانات عن المشتبه بهم، وليس اختلاق تحقيق برلماني موازٍ معروفة نتائجه سلفًا".
واعتدى حرس مجلس النواب على أهالي ضحايا المرفأ والصحافيين المواكبين للوقفة الاحتجاجية في محيط عين التينة، مساء الأربعاء، ما أدّى إلى سقوط عدد من الجرحى.
وبسبب أزمة اقتصادية حادة مستمرة منذ أواخر 2019، يعاني لبنان من انهيار مالي، أدى إلى صعوبة في توفير النقد الأجنبي المخصص للاستيراد، ما تسبب بشح في الوقود والأدوية والمستلزمات الطبية، وسلع أخرى.
وفي الأشهر الأخيرة ازدادت حدة أزمة الوقود بالبلاد، الأمر الذي يؤدي إلى اصطفاف السيارات لساعات أمام المحطات ويتسبب ذلك بانقطاع الكهرباء عن المنازل لساعات طويلة، إضافة لتأثيرها على عمل المستشفيات والمخابز.
وتأتي هذه الأزمة في وقت يجري فيه رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي مشاورات لتشكيل حكومة جديدة، لتوقف الانهيار الاقتصادي، ولتخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة التي استقالت بعد 6 أيام من انفجار كارثي هز مرفأ بيروت في 4 أغسطس/ آب 2020.