انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الإثنين السفير الصيني في باريس إثر تصريحاته التي شككت من خلالها في سيادة دول منبثقة عن الاتحاد السوفيتي السابق، وشدد على أن حدود تلك الدول "لا يمكن المساس بها".
وقال ماكرون للصحافيين على هامش مشاركته في قمة ببلجيكا: "أعتقد أنه لا يجب على دبلوماسي استخدام هذا النوع من العبارات".
من جانبها، أكدت الصين الإثنين أنها تعتبر كل الجمهوريات المنبثقة عن الاتحاد السوفيتي السابق "دولًا ذات سيادة"، وذلك بعد أن أثار كلام سفيرها في باريس شكك فيه بسيادة هذه البلدان، تنديدًا واسعًا في أوروبا.
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ لصحافيين: "تحترم الصين وضع دولة ذات سيادة في كل الجمهوريات المنبثقة عن تفكك الاتحاد السوفيتي".
تصريحات مثيرة للجدل
وكان السفير الصيني في فرنسا لو شاي اعتبر أن الجمهوريات السوفيتية السابقة لا تتمتع بالسيادة وذلك ردًا على سؤال لمحطة "أل سي إي" الاخبارية الفرنسية مساء الجمعة حول شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمتها موسكو في 2014.
وأضاف شاي: "إن هذه الدول ليس لها وضع فعلي في القانون الدولي لأنه لا يوجد أي اتفاق دولي يكرس وضعها كدول ذات سيادة".
وتسببت تصريحات الدبلوماسي الصيني بموجة انتقادات ليس فقط في أوكرانيا التي هاجمتها روسيا اعتبارًا من فبراير/ شباط 2022، بل أيضًا في الجمهوريات السوفيتية السابقة التي أصبحت دولًا مستقلة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991.
وأقر لو في السابق بأنه جزء من فئة من الدبلوماسيين الصينيين تعرف باسم "الذئاب المحاربة"، وهو لقب يطلق على الذين يردّون بشراسة على المنتقدين الذين يعتبرونهم معادين للصين.
الصين تحترم سيادة الدول
وقالت الناطقة ماو نينغ :"تحترم الصين سيادة كل الدول واستقلالها وسلامة أراضيها وتدعم أهداف ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه".
وأكّدت أنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي كانت الصين من بين أوائل الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الدول المعنية.
وقالت المتحدثة الصينية: "منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية، لطالما تمسكت الصين بمبدأ الاحترام المتبادل والمساواة في تطوير علاقات الصداقة والتعاون الثنائية".
كما اعتبرت أن بعض وسائل الإعلام تسيء تفسير موقف الصين بشأن المسألة الأوكرانية وتثير التباينات في العلاقات بين الصين والدول المعنية"، مشيرة إلى أن بكين "ستكون يقظة بشأن ذلك".
موجه انتقادات طالت تصريحات شاي
وقد تبع تصريحات السفير الصيني ردًا من وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي اعتبرها "غير مقبولة"، مؤكدًا أن "الاتحاد الأوروبي لا يمكنه أن يفترض أن هذه التصريحات تمثل موقف الصين الرسمي".
كما اعتبرت كييف أن رواية السفير الصيني عن شبه جزيرة القرم "عبثية". وقال مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك في تغريدة عبر تويتر: "من الغريب أن نسمع رواية عبثية عن تاريخ القرم من قبل ممثل دولة دقيقة جدًا بشأن تاريخها الألفي".
وأكّد بودولياك أن "جميع الدول السابقة في الاتحاد السوفيتي تتمتّع بوضع سيادي واضح مسجّل في القانون الدولي". ودعا السفير الصيني لدى باريس لعدم تكرار الدعاية الروسية.
ومن جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان أنها "تبلّغت بصدمة" تصريحات السفير الصيني، ودعت بكين إلى "توضيح ما إذا كانت تعكس موقفها"، مضيفة: "نأمل ألّا تكون كذلك". لكن أكّدت أن الاجتماع المقرر عقده مع لو في باريس الإثنين يشكل "فرصة لتوبيخ شديد".
دول البلطيق تستدعي مبعوثي الصين
وعلى خلفية تصريحات شاي أيضًا، استدعت دول البلطيق الثلاث (ليتوانيا واستونيا ولاتفيا) الإثنين مبعوثي الصين لديها.
وأوضح وزير خارجية ليتوانيا غابرييليوس لاندسبيرغيس في تغريدة عبر تويتر أنه سُيطلب من الدبلوماسيين تقديم تفسير حول ما إذا كان "الموقف الصيني بشأن الاستقلال تغيّر، ولتذكيرهم بأننا لسنا دولًا سوفياتية سابقة، إنما الدول التي كانت محتلة من الاتحاد السوفيتي بشكل غير قانوني".
وكتب لاندسبيرغيس: "إذا كنتم ما زلتم تتساءلون عن سبب عدم ثقة دول البلطيق بالصين كوسيط في عملية السلام في أوكرانيا ها هو سفير صيني يعتبر أن القرم روسية وأن حدود بلداننا ليس لها أي أساس قانوني".
أمّا نظيره الإستوني مارغوس تساكنا فهو يريد معرفة لماذا "تتخذ الصين موقفًا أو تدلي بتصريحات كهذه بشأن دول البلطيق".
وقد حرصت الصين على اتخاذ موقف محايد من الحرب الدائرة في أوكرانيا، لكن رئيسها شي جين بينغ لم يدن الهجوم الروسي على أوكرانيا ولم يتواصل مع الرئيس الأوكراني.