أخلت المديرية العامة لأمن الدولة في لبنان عصر اليوم السبت سبيل وليام نون أحد أبرز المتحدثين باسم عائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت، الذي خسر شقيقه عنصر فوج الإطفاء جو نون في انفجار الرابع من أغسطس/ آب الضخم الذي دمّر جزءًا كبيرًا من العاصمة عام 2020.
فقد جاء احتجاز نون عقب تصريحات أدلى بها بسبب تعليق التحقيق بانفجار المرفأ منذ أكثر من عام، في خطوة أثارت نقمة واسعة أدت إلى احتجاجات شعبية أدت إلى إطلاق سراحه، واعتصام مفتوح نفذه العشرات من أهالي الضحايا بمشاركة نواب وناشطين، أمام مقر المديرية في بيروت منذ مساء أمس.
وفي كلمة مقتضبة بعد إطلاق سراحه، قال وليام: "نحن أبناء قضية 4 آب أغسطس وليس لدينا أمر شخصي ضد أي أحد، نريد فقط الحقيقة والعدالة"، متعهدًا بمواصلة النضال من أجل استكمال التحقيق.
بدوره، أوضح وكيل نون المحامي رالف طنوس للصحافيين أنّ موكّله "وقّع تعهدًا بألا يرمي حجارة على قصر العدل ولا يتوجه بشتائم إلى القضاة".
يأتي ذلك، في وقت لا تزال التحقيقات في ملف المرفأ معلّقة منذ نهاية 2021، جراء تدخلات سياسية ودعاوى رفعها تباعًا مدعى عليهم، بينهم نواب حاليون ووزراء سابقون لكفّ يد المحقق العدلي القاضي طارق بيطار.
استدعاء أهالي الضحايا
وتم توقيف وليام نون بعد أيام قليلة من مشاركته في اعتصام نظم يوم الثلاثاء الفائت أمام قصر العدل للمطالبة بإعادة إطلاق التحقيقات في قضيتهم.
فقد ظهر نون على شاشات التلفزة وهو يرمي حجارة على نوافذ عدد من مكاتب قصر العدل، كما ظهر يوم الخميس الماضي في عداد الأهالي الذين نظموا اعتصامًا أمام قصر العدل، احتجاجًا على محاولة تعيين قاض رديف مكان بيطار تزامنًا مع انعقاد جلسة لمجلس القضاء الأعلى لبحث مقتضيات سير التحقيق في القضية.
وانفعل نون في تصريحات خلال الاعتصام، قال فيها إنهم قد يقدمون على "تكسير" أو "تفجير" قصر العدل فيما لو جرى ذلك.
بعدها، تبلّغ نون مع أكثر من 10 أشخاص من عائلات الضحايا يوم الخميس الفائت، استدعاءهم إلى التحقيق الإثنين المقبل لدى قوى الأمن الداخلي، قبل أن يتم الجمعة استدعاء وليام من قبل جهاز أمن الدولة ومن ثم توقيفه بناء على إشارة من القاضي زاهر حمادة.
"ابني ليس إرهابيًا"
وقبل تبلغها إخلاء سبيله، صرّحت زينة نون والدة وليام التي أمضت ليلة أمس داخل مقر أمن الدولة: "ماذا فعل وليام؟ يطالب بأن يحاسب من قتل شقيقه؟ وليام ليس إرهابيًا".
وخسرت زينة ابنها جو أحد العناصر العشرة من فوج الإطفاء الذين هرعوا الى المرفأ لإطفاء الحريق مجهول المصدر، الذي اندلع قبل دقائق من وقوع الانفجار.
بدورها، قالت ريتا حتّي التي خسرت ابنها نجيب حتي وزوج ابنتها شربل كرم وقريبها شربل حتي، والثلاثة من عناصر فوج الإطفاء، لوكالة الأنباء الفرنسية خلال الاعتصام: "القضاء اليوم أمام الامتحان الأخير. فإما أن ينتفض ويقول كلمته بتجرّد من أي ضغط سياسي أو تكون نهايته".
تدخلات سياسية في التحقيق
أما التحقيق في الانفجار الذي نجم عن تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية إثر اندلاع حريق لم تُعرف أسبابه، فمعلّق منذ أكثر من عام.
وبيّنت التحقيقات الأولية، أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكنًا.
وبعد نحو خمسة أشهر من تسلّمه الملف إثر تنّحي قاض سابق بسبب ضغوط سياسية، أعلن القاضي بيطار عزمه استجواب مسؤولين سياسيين بينهم رئيس حكومة سابق ونواب مدعى عليهم، كما طلب منحه الإذن لملاحقة مسؤولين أمنيين.
لكن البيطار اصطدم بتدخلات سياسية حالت دون إتمام عمله، مع اعتراض قوى سياسية رئيسية على عمله واتهامه بـ"تسييس" الملف، وصولاً الى المطالبة بتنحيه.
في هذا الخصوص، غرّدت نائبة المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا آية مجذوب اليوم السبت: "يظهر اعتقال وليام نون بوضوح أن القضاء اللبناني يهتم بحماية من هم في السلطة والمسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت أكثر من اهتمامه بحماية المصلحة العامة".