استقطب سوق العملات الافتراضية في الآونة الأخيرة اهتمام العديد من المستثمرين الخليجيين، لا سيما بعدما بلغ سعر البتكوين وغيرها مستويات خرافية اقتربت من 50 ألف دولار للوحدة الرقمية.
وإذا كان ذلك يشكّل دوامة لا تقاوم لمن يحلم بالربح السريع، إلا أنّه ينطوي في الوقت نفسه على حركية أقلقت الحكومات الخليجية التي ترى في هذه العملة المجهولة المصدر تهديدًا بعدما تضاعف الطلب عليها.
إزاء ذلك، تُطرَح العديد من علامات الاستفهام، فلماذا يتضاعف عدد المنخرطين في سوق العملات الرقمية؟ وما هي تداعيات هذه الظاهرة على الاقتصادات الخليجية؟
هل هي فقاعات افتراضية أم أنها تشكّل فرصًا حقيقية للربح والاستثمار؟ ولماذا تتردد الحكومات الخليجية في تعاملها مع العملات الرقمية بين الحظر التام والانفتاح الحذر؟
كيف انتعشت تداولات العملات المشفرة؟
مع بداية العقد الثاني من عمرها، انتعشت تداولات العملات المشفرة بعد أن دخلت كبرى الشركات العالمية على خط الاستثمارات الرقمية وساهمت في توسّع انتشارها.
وقد فتح هذا الصعود الذي وُصِف بالجامح للعملات المشفرة وأبرزها عملة البتكوين، شهيّة المستثمرين في دول مجلس التعاون الخليجي الستّ الغنيّة بالنفط.
وأقبلت رؤوس أموالها على شراء هذه العملية التي فرضت نفسها بوصفها أكبر العملات الرقمية المشفرة من بين قرابة ستة آلاف عملة.
مخاوف من مخاطر الاستثمارات غير التقليدية
لكنّ تداولات الأموال الرقمية نافست قطاعات أخرى في الخليج لطالما اعتُبِرت ملاذًا آمنًا خلال الأزمات الاقتصادية مثل الذهب والعقارات، وأبدت البنوك المركزية مخاوفها من مخاطر الاستثمارات غير التقليدية.
وحذرت دول الخليج من استعمالها وتداولها لغموض بشأن أمنها وسريتها، ولاحتمالات دخول مبيّضي الأموال والمخالفين للقانون على الخط.
لكنّ هذا الإقبال على العملات الرقمية دفع ببعض دول الخليج إلى التفكير في إصدار منصات تداول رقمية ووضعها تحت الرقابة.
فقد أطلقت دولة قطر أول منصّة إلكترونية إسلامية لتبادل العملات الرقمية المدعومة بالذهب، فيما عقد البنك المركزي السعودي شراكة مع شركة مدفوعات رقمية، وأصدر المصرف المركزي البحريني بورصة للعملات المشفّرة، فيما برزت الإمارات كأقوى الدول لمبيعات العملات الرقمية.
عملة خاصة بالتداولات الإلكترونية
يلفت الخبير المالي الكويتي علي العنيزي إلى أنّ البتكوين بدأت كمشروع عام 1998 لطالب دراسات عليا ياباني.
ويشير في حديث إلى "العربي"، إلى أنّ الفكرة تقوم على أن تكون هناك عملة خاصة بالتداولات الإلكترونية دون أن تكون مرتبطة بالبنوك المركزية.
ويقول: "تأتي هذه العملة بشكل أكواد أي أنها تعتمد على تشفير"، لافتًا إلى أنها انتشرت في بداية 2010 ثم توسّعت على مستوى العالم وبدأ الناس يقتنونها.
ويلاحظ أنّها تختلف كثيرًا عن العملات التقليدية التي تصدر من بنوك مركزية تتبع حكومات ودولًا، كما أنّ لها نظام تسعير أيضًا.
"هوس عالمي" بالعملات الرقمية
من جهته، يتحدّث رئيس قسم الاقتصاد في صحيفة "العربي الجديد" مصطفى عبد السلام عن حالة هوس بالعملات الرقمية، التي ليست خليجية فقط بل عالمية.
ويقول في حديث إلى "العربي": هناك إقبال شديد على العملات المشفرة في كل دول العالم على سبيل المثال بدليل أن إيلوك ماسك أعلن عن ضخ استثمار 1.5 مليار دولار في عملة البتكوين في الفترة الأخيرة وكذلك هناك مؤسسات مالية كبرى شجّعت أو حبّذت الاستثمار في هذه العملات مثل ماستركارد".
ويعتبر أنّ هذا الهوس العالمي له عدة أسباب أهمّها تهاوي أسعار الفائدة على العملات الرئيسية في ظل جائحة كورونا، "وبالتالي أقبل أباطرة وول ستريت على البحث عن أدوات تعوّضهم عن الخسائر الضخمة التي لحقت بها ووجد كل هؤلاء ضالتهم في العملات المشفرة بشكل عام".