الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

بين القوانين والذهنية السياسية.. حرية الصحافة تتراجع في العالم العربي

بين القوانين والذهنية السياسية.. حرية الصحافة تتراجع في العالم العربي

شارك القصة

يسلّط برنامج "للخبر بقية" الضوء على واقع الصحافة في الدول العربية في يوم الصحافة العالمي (الصورة: غيتي)
يؤكد التقرير الأخير لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، أن منطقة الشرق الأوسط ما تزال بعيدة كل البعد من أن تكون منطقة مثالية لممارسة مهنة الصحافة في ضوء تراجع الحريات.

تأبى الدول العربية أن تفارق مواقعها في قوائم التصنيفات العالمية لحرية الصحافة، فالتقرير الأخير لمنظمة "مراسلون بلا حدود" تحدث عن آثار كارثية لفوضى المعلومات حول العالم، ويؤكد أن منطقة الشرق الأوسط ما تزال بعيدة كل البعد عن أن تكون منطقة مثالية لممارسة مهنة توصف بأنها "مهنة المتاعب". 

وفي ضوء خلاصات تقرير "مراسلون بلا حدود"، فإن المتاعب هي التي تبحث عن الصحافيين في العالم العربي، بل ويسهل عليها العثور عليهم.

وتؤكد تونس، التي استبشر كثيرون بتقديمها نموذجًا عربيًا متفردًا في التعامل مع الصحافة، هذا التشخيص، إذ تراجع تصنيفها من المرتبة 73 العام الماضي إلى المرتبة 94 هذا العام.

وتشير "مراسلون بلا حدود" إلى أن ترهيب الصحافيين أصبح أمرًا شائعًا في الصحافة التونسية، مع تزايد المخاوف على مستقبل الصحافة في ضوء الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد.

تراجع ترتيب الدول العربية

كما سلّط التقرير الضوء أيضًا على ما وصفه بالتراجع الخطير لحرية الصحافة في كل من المغرب والجزائر وليبيا والسودان.

أمّا الدولة العربية التي تبوأت أسوأ مرتبة فهي العراق، حيث تراجع ترتيبها من المرتبة 163 العام الماضي إلى المرتبة 172 هذا العام، مع تهديدات تحيط بالصحافيين في العراق من كل حدب وصوب.

كذلك احتل لبنان المرتبة 130 في التصنيف، مع تعرض العاملين في الحقل الصحافي إلى ضغوط ومضايقات أكبر وأشد من أي وقت مضى.

وفي فلسطين، أشار تقرير المنظمة إلى ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، مع حديث عن ثمن باهظ دفعه الصحافيون الفلسطينيون خلال الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو/ أيار من العام الماضي.

أزمة عالمية

في هذا السياق، أشار نائب الرئيس التنفيذي لمنظمة "مراسلون بلا حدود" كلايتون ويمرز إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بمنطقة الشرق الأوسط، "لكن بتردي أوضاع الصحافيين في العالم، حيث سلطت الأمم المتحدة الضوء على أحد المشاكل وهي ثقافة الإفلات من العقاب، لا سيما الاعتداءات على الصحافيين".

وقال في حديثة إلى "العربي" من واشنطن: "السلطات اعتادت أن تنجو من المحاسبة عما تقترفه بحق الصحافيين، فثمة مناخ إزاء كل صحافي يحاول أن يقدم تقارير في أنحاء العالم". 

وحول آلية تعزيز حرية الصحافة على المستوى الدولي، لفت ويمرز إلى أن إحدى النقاط التي كانت "مراسلون بلا حدود" تطالب بها من خلال مبعوث الأمم المتحدة لحرية الصحافة، هي إنشاء مكتب مركزي في الأمم المتحدة يتعاطى مع مسائل حماية الصحافيين وأمنهم.

أمّا على المستوى المحلي، فقال ويمرز: "نحن بحاجة لأن نرى أن حرية الصحافة تعزز في القوانين، وأن نرى ضمانات لسلامة الصحافيين ولحماية استقلالهم".

الإطار القانوني

من جهته، اعتبر المسؤول الإعلامي لمؤسسة "سكايز ميديا" جاد شحرور أن جميع الدول تعاني من ظاهرة الإفلات من العقاب في ما يتعلق بالشأن الإعلامي. لكنه أشار إلى أن الإطار القانوني في دول المشرق العربي مثل سوريا والأردن وفلسطين ولبنان يشكل السبب الأكبر لهذا القمع.

ولفت في حديثه إلى "العربي" من بيروت، إلى أن القوانين قديمة ولا تراعي حرية الإنسان والصحافة والتعبير، مشيرًا إلى وجود قوانين منذ عام 2017 تجرم المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي في فلسطين مثلًا.

كما أشار إلى أن قوانين الإعلام التي تطبق في لبنان تعود للتسعينيات ولم يُصر إلى تعديلها، مؤكدًا أن الإطار القانوني هو جزء من آلية القمع التي تستخدمها الدولة ضد الصحافيين.

وأشار شحرور إلى عدم وجود مؤسسة إعلامية متلفزة مستقلة تمامًا في لبنان رغم وجود إعلام معارض، حيث تنحصر المؤسسات الإعلامية الكلاسيكية في عائلات لبنانية بشكل مباشر أو غير مباشر، ما يؤثر على الرسائل الإعلامية التي تصل إلى الناس.

انتكاسة كبرى في تونس

وحول واقع الصحافيين في تونس، يرى رئيس تحرير موقع "الكتيبة" محمد اليوسفي أن هناك أسبابا واضحة للعيان لتراجع الحريات الإعلامية في تونس، معتبرًا أن ما يحدث هو "نكسة حقيقية وانتكاسة كبرى".

وقال في حديث إلى "العربي" من تونس: "المكسب الحقيقي الوحيد الذي تحقق منذ الثورة حتى اليوم هو هامش حرية التعبير والصحافة والإعلام، ولا يمكن الحديث عن ديمقراطية ودولة المواطنة دون إعلام حر يعمل من أجل المجتمع". وأكد أن الإعلام الحر والشفاف والمهني هو ضمير المجتمع الديمقراطي.

ولفت اليوسفي إلى أن الأسباب السياسية ومنعرج 25 يوليو/ تموز الأخير ساهم بشكل أو بآخر في هذا التقهقر من خلال المحاكمات العسكرية لعدد من الصحافيين، والملاحقات الأمنية والاعتداءات، وعدم احترام قانون النفاذ إلى المعلومة، وعدم احترام الفصلين 31 و32 من الدستور، اللذين يضمنان حرية الصحافة في تونس.

وأضاف: "يتحمل سعيد مسؤولية أساسية في ما يجري حاليًا على اعتبار أنه لا يحترم قانون النفاذ إلى المعلومة ولا يجري حوارات مع الصحافيين".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close