تشهد البورصات العالمية تراجعًا حادًا منذ الأسبوع الماضي، بعدما أدى تقرير الوظائف الأميركي المخيب للآمال إلى تفعيل "قاعدة ساهم"، وهو مؤشر موثوق عادة للركود الاقتصادي.
واليوم الإثنين، تراجعت مؤشرات الأسهم، وهبط كل من الدولار واليورو بنسبة 2% مقابل الين الياباني، مع تزايد قلق المستثمرين من ركود اقتصادي في الولايات المتحدة.
وعلق ستيفن إينيس، المحلل في شركة إدارة الأصول SPI Asset Management، بأن هذا التراجع "سببه تقرير الوظائف الأميركي الذي نُشر الجمعة وانعكس في انخفاض عوائد الأسهم والسندات" في بورصة وول ستريت في نيويورك.
ما هي "قاعدة ساهم"؟
أنشئت "قاعدة ساهم" على يد كلوديا ساهم، الخبيرة الاقتصادية السابقة في الاحتياطي الفدرالي الأميركي والبيت الأبيض.
وتنص هذه القاعدة على أن الاقتصاد الأميركي يدخل في حالة ركود عندما يكون متوسط معدل البطالة لمدة ثلاثة أشهر أعلى بمقدار 0,5% (50 نقطة أساس) أو أكثر من أدنى مستوى له في الأشهر الاثني عشر السابقة.
وهذا المؤشر "التجريبي البحت" والذي يفتقر إلى "أساس نظري"، كما يذكر رئيس قسم أبحاث الاقتصاد الكلي في شركة "لومبارد أودييه آي إم" فلوريان إيلبو، بلغ 0,53% في يوليو/ تموز 2024.
ويوضح الخبير أنه منذ نشر تقرير البطالة الأميركية الجمعة والتي ارتفعت أكثر من المتوقع إلى 4,3%، وهو أعلى معدل للبطالة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2021، فإن الأسواق "تستنتج بوضوح أننا سنشهد ركودًا" وتغرق في المنطقة الحمراء.
لا ركود بحسب كلوديا ساهم
ورغم هذه الأرقام، فإن كلوديا ساهم نفسها تشكك في انطباق مؤشرها هذه المرة، وتقول في مقابلة مع مجلة فورتشن الأميركية نشرت الجمعة: "لا أعتقد أننا حاليًا في حالة ركود".
وأضافت "لا ينبغي لأحد أن يشعر بالذعر الآن، حتى لو بدا الأمر كذلك للبعض"، لأن هناك مؤشرات رئيسية للاقتصاد "لا تزال تبدو جيدة للغاية".
وأشارت ساهم إلى أن دخل الأسر مستمر في النمو، في حين يظل الاستهلاك واستثمار الشركات مرنين.
وتابعت: "هذه المرة قد تكون مختلفة حقًا".
من جهتها، لفتت مجموعة الأبحاث "كابيتال إيكونوميكس" إلى أن ارتفاع معدل البطالة كان حتى الآن مدفوعًا بزيادة القوى العاملة وليس انخفاض التوظيف.
وقال نيل شيرينغ، كبير خبراء الاقتصاد في المجموعة، في مذكرة: "هذا يمثل فرقًا بالنسبة إلى الدورات السابقة"، مضيفًا أنه "من المرجح أن يكون إعصار بيريل قد ساهم في ضعف أرقام الرواتب في يوليو".
وسعى رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم باول أيضًا إلى طمأنة المستثمرين، قائلًا في مؤتمر صحافي الأربعاء: إن قاعدة ساهم هي "انتظام إحصائي" و"ليست قاعدة اقتصادية تؤكد أن شيئا ما سيحدث".
والأربعاء، قرر الاحتياطي الفدرالي إبقاء أسعار الفائدة عند أعلى مستوى لها منذ 20 عامًا، بينما أشار إلى احتمال خفضها في سبتمبر/ أيلول.
تأثير على أسعار الفائدة؟
إلى ذلك، زادت المخاوف من الركود الضغوط على الاحتياطي الفدرالي لخفض أسعار الفائدة أكثر من المتوقع، أو حتى قبل اجتماعه المقبل.
وأدلى جيروم باول بتصريحاته قبل نشر أرقام البطالة.
ويرى فلوريان إيلبو أنه "من الواضح أن هذا أمر سيثير قلق الاحتياطي الفدرالي".
ويضيف الخبير الاقتصادي: "هل من الممكن أن يقوم الاحتياطي الفدرالي بخفض أسعار الفائدة بشكل غير مبرمج؟ في الوقت الحالي، من غير المرجح أن يحدث ذلك".
ويتوقع بعض المحللين أن يخفض الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة بمقدار 0,5% في سبتمبر، أي بمقدار أعلى من التوقعات السابقة (0,25%).
ويقدّر إيلبو أن الاحتياطي الفدرالي قد يقوم بمثل هذا الخفض "لإبطاء التراجع في الأسواق، إذا استمر بالفعل حتى ذلك الحين".
وقال دويتشه بنك إن الأسواق باتت تتوقع خفضًا إجماليًا بمقدار نقطتين مئويتين على مدى الأشهر الاثني عشر المقبلة، "وهو ما لم نشهده من قبل إلا في حالة الركود".
لكن شيرينغ، الخبير الاقتصادي في كابيتال إيكونوميكس، توقع أن يقر الاحتياطي الفدرالي خفضا بنسبة 0,25% في كل من اجتماعاته الثلاثة المتبقية هذا العام.