بعد نحو شهر من كارثة الزلزال، تواترت التساؤلات بشأن التعافي من تبعاته في كل من تركيا وسوريا، وإعادة الإعمار واستخلاص الدروس.
فهائلة وكبيرة هي تبعات خسائر الكارثة الطبيعية التي خلفت في البلدين أكثر من 50 ألف قتيل، إلى جانب دمار أتى على الممتلكات وسوى مدنًا بأكملها بالأرض.
تباين بين سوريا وتركيا
حجم الكارثة استوجب تقديم المساعدة اللوجستية والإنسانية والطبية للمناطق المنكوبة في البلدين، لكن التعافي من الآثار الاقتصادية والاجتماعية، يعتمد على مخططات طويلة الأمد.
ووفق خبراء، فإن ذلك يحتاج إلى البدء في إعادة إعمار هذه المناطق المتضررة، والعودة إلى الأسباب التي فاقمت من حجم الكارثة.
فتركيا التي تواجه تحديات اقتصادية، بحاجة إلى تقييم مؤسساتها ومراقبة تطبيق قوانينها التي وضعت قبل سنوات لمواجهة الكوارث الطبيعية، أهمها ملفات معايير البناء وتحديث بنيتها التحتية، ومحاسبة المسؤولين عن أي تقصير.
تفاقم الأزمة الإنسانية في المناطق المنكوبة من الزلزال وتأخر المساعدات عن الشمال السوري 👇#زلزال_سوريا_تركيا #قضايا pic.twitter.com/rnSEJLxM7S
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 25, 2023
يختلف المشهد في شمالي سوريا، حيث لا وجود لمؤسسات حكومية، فبالكاد يكافح السوريون هناك لتجاوز تبعات الحرب واللجوء، ليجدوا أنفسهم في مواجهة مباشرة مع تداعيات كارثة الزلزال وصعوبة وصول المساعدات الضرورية.
وتتباين معايير إدارة الأزمة اقتصاديًا في المناطق المنكوبة، باختلاف الانتماء الجغرافي، لكن التعافي التام من تبعات كارثة طبيعية، يحتاج أيضًا إلى إعادة الترميم اجتماعيًا ونفسيًا؛ فبقدر حجم الدمار العمراني، تحتاج هذه المجتمعات إلى بناء بيئات كاملة لتجاوز هذه الكارثة الإنسانية.
تحويل الأزمة إلى فرصة
في هذا السياق، يرى أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور ساري حنفي أن "الكارثة ضخمة جدًا، وتحديدًا في الشمال السوري الذي يعاني أساسًا من كارثة إنسانية".
ويشير حنفي، في حديث إلى "العربي" من بيروت، إلى أن "بعض العائلات السورية الموجودة في غازي عنتاب، كانت قد هاجرت أكثر من مرة للوصول إلى تلك المنطقة بسبب الحرب، وبالتالي تعيش تلك الأسر صدمة كبيرة".
ويقول: "الأزمة الحقيقية في الشمال السوري أن العائلات هناك تشكل المجتمع المحلي للمنطقة".
في المقابل، يعتبر حنفي أن "الكوارث يمكن أن تكون فرصة لتشكل نخب جديدة، حيث إن إعادة الإعمار يمكن أن تُساعد في تنظيم سياسي واجتماعي جديد".
ويضيف: "تركيا دولة قوية فيها مجتمع قوي، وهي بدأت بالفعل بخطة لإعادة الإعمار".
ويتابع قائلًا: "الخوف يكمن في سوريا، التي تفتقد للسلطة، كما أن المساعدات الإنسانية تأتي لمناطق معينة دون أخرى".