حذّرت دراسة جديدة من أن الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا، تتقلّص بسرعة أكبر بكثير من الأنهار الجليدية في أماكن أخرى من العالم، مما يهدد إمدادات المياه لملايين الأشخاص في آسيا.
وتعّد جبال الهيمالايا موطنًا لثالث أكبر كمية من الجليد في العالم بعد القارة القطبية الجنوبية والقطب الشمالي، وغالبًا ما يُشار إليها باسم "القطب الثالث" في العالم.
ووجدت الدراسة، التي قادها علماء من جامعة ليدز ونُشرت في مجلة "التقارير العلمية" (Scientific Reports)، أنه في العقود الأخيرة، فقدت الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا جليدًا أسرع بـ 10 مرات مما كانت عليه في المتوسط، منذ العصر الجليدي الصغير، عندما توسّعت الأنهار الجليدية، قبل حوالي 400 إلى 700 عام.
وقال الباحثون إن فقدان الجليد يحدث "بسرعة كبيرة، وبمعدل استثنائي".
فقدان مساحة وتقلّص
واستعان الباحثون بصور من الأقمار الاصطناعية ونماذج رقمية لـ 14789 نهرًا جليديًا بالهيمالايا، في محاولة لتحديد حجم الأنهار الجليدية، والسطح الجليدي قبل مئات السنوات.
وكشف النموذج أن الأنهار الجليدية المعروفة اليوم، فقدت حوالي 40% من مساحتها، وتقلّصت من 28 ألف كيلومتر مربع كحد أقصى، إلى حوالي 19600 كيلومتر مربع في الوقت الحالي.
وخلال تلك الفترة، يُعتقد أن الأنهار فقدت نحو 586 كيلومترًا مكعبًا من الجليد، وهو ما يعادل الجليد الموجود في جبال الألب والقوقاز والدول الإسكندنافية مجتمعة.
كما كشفت صور الأقمار الصناعية أن الأنهار الجليدية في الهيمالايا تنتهي عند اليابسة بدل أن تنتهي عند البحيرات.
تداعيات كبيرة
وقال العالم جوناثان كارفيك، أحد مؤلفي الدراسة ونائب رئيس كلية الجغرافيا بجامعة ليدز: "تظهر نتائجنا بوضوح أن الجليد يضيع الآن من الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا بمعدل أعلى بعشر مرات على الأقل من المتوسط، على مدى القرون الماضية".
وأضاف أن "هذا التسارع في معدل الخسارة ظهر فقط خلال العقود القليلة الماضية، ويتزامن مع تغيّر المناخ الذي يُسبّبه الإنسان".
وحذّر الباحثون من أن تسارع ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا له "آثار كبيرة" على مئات الملايين من الأشخاص الذين يعتمدون على أنظمة الأنهار الرئيسية في آسيا للحصول على الغذاء والطاقة.
وتشمل هذه الأنهار نهري براهمابوترا والغانج في الهند، ونهر إندوس في باكستان.
وقال المؤلف المشارك في الدراسة الدكتور سايمون كوك، وهو كبير المحاضرين في الجغرافيا وعلوم البيئة في جامعة دندي: "الناس في آسيا يشهدون بالفعل تغيرات تفوق أي شيء شهدناه منذ قرون. وهذا البحث هو مجرد أحدث تأكيد على أن هذه التغييرات تتسارع، وأنه سيكون لها تأثير كبير على دول ومناطق بأكملها".