بعد أشهر من احتجاجات عنيفة في بعض الأحيان في شوارع فرنسا، ومناقشات حادة في الجمعية الوطنية، يمكن أن يحسم المجلس الدستوري الجمعة مسلسل إصلاح نظام التقاعد الذي لا يلقى شعبية، ويعد المشروع الأساسي في ولاية إيمانويل ماكرون الثانية.
ويقضي الإصلاح خصوصًا برفع سن التقاعد القانوني من 62 عامًا إلى 64.
وينتظر الفرنسيون بفارغ الصبر القرار الذي ستصدره هذه الهيئة القضائية العليا المتمركزة في مبنى الباليه رويال العريق بوسط باريس، الذي أطلق "وطنيون" منه في 12 يوليو/ تموز 1789 العصيان الذي أدى إلى سقوط الباستيل.
وأمام المجلس الذي نادرًا ما أثارت أنشطته اهتمامًا إلى هذا الحد في العقود الأخيرة، ثلاثة خيارات: إما المصادقة على الإصلاح أو رفضه بالكامل أو جزئيًا.
ويبدو من غير المرجح أن تلغي هذه الهيئة المخولة بالتحقق من مطابقة القوانين للدستور، الإصلاح بأكمله. لكن يمكنها تشذيب النص إلى حد كبير وتعزيز حجج النقابات المؤيدة لسحبه أو تعليقه.
ويتوقع مؤيدو الإصلاح ومعارضوه تعليق بعض المواد، لا سيما اختبار عقد جديد للعمل لفترة غير محدودة.
وقالت أستاذة القانون الدستوري لوريلين فونتين: إن هذا التعديل الجزئي الذي سيكون الأقل ضررًا للسلطة التنفيذية "يسير في الاتجاه الذي اتبعه (المجلس) دائمًا" أي "عدم اعتراض الإصلاحات الاجتماعية أو المجتمعية الكبرى".
من جهته، حذر الأمين العام للكونفدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل (سي أف دي تي) لوران بيرجيه من أنه "إذا شطبت بعض النقاط ... ولم يكن منها سن 64 عامًا، فهذا لن يعالج بأي شكل من الأشكال النزاع الاجتماعي".
وعلى الورق، قد تصادق المحكمة على مشروع القانون بأكمله بدون أي تغيير، لكن هذا ليس محتملًا على حد قول عدد كبير من الخبراء الدستوريين. كما من غير المرجح أن ترفضه رفضًا كاملًا
"إجراء غير عادي"
ويفترض أن تنظر المحكمة الدستورية أيضًا في إجراء "استفتاء مبادرة مشتركة" طلبه اليسار الذي يريد عرض اقتراح قانون لا يسمح بتجاوز سن التقاعد 62 عامًا على الاستفتاء.
ويبقى بعد ذلك معرفة رد فعل معارضي الإصلاح وهم مئات الآلاف ممن يتظاهرون بانتظام منذ منتصف يناير/ كانون الثاني.
وأدى تبني النص في 20 مارس/ آذار، قسرًا من قبل الحكومة من دون تصويت في الجمعية الوطنية مستندة في ذلك إلى نص دستوري يسمح بذلك، إلى موجة تعبئة كبيرة شهدت أعمال العنف الأولى التي تكررت بعد ذلك.
لكن التراجع كان واضحًا الخميس في يوم التعبئة الثاني عشر. فللأسبوع الثالث على التوالي انخفض عدد المتظاهرين إلى 380 ألفًا حسب السلطات، لكنه بلغ "أكثر من 1,5 مليونًا" حسب الاتحاد العام للعمال (سي جي تي).
احتجاجات ضد مشروع إصلاح نظام التقاعد في #فرنسا وسط تعزيزات أمنية كبيرة.. تفاصيل أكثر مع مراسلنا pic.twitter.com/oR5jPu2Vjk
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 13, 2023
وتراجع مستوى العنف الخميس، لكن المجلس الدستوري شهد محاولة قصيرة لتعطيل عمله قام بها متظاهرون فرقتهم قوات الأمن.
وحذر رئيس نقابة "الكونفدرالية الفرنسية للعمال المسيحيين" سيريل شابانييه من أنه "إذا لم نحصل على الأقل على استفتاء المبادرة المشتركة، فسيكون الغضب الاجتماعي شديدًا جدًا".
والخميس، التقى المسؤولون النقابيون لصياغة ردهم المشترك على السيناريوهات المختلفة.
وكشفت مذكرة صادرة عن الاستخبارات اطلعت عليها وكالة "فرانس برس" أن هناك 131 تحركًا متوقعة بعد قرار المجلس.
وتعتمد فرنسا سن تقاعد من الأدنى في الدول الأوروبية.
وتبرر السلطة التنفيذية مشروعها بالحاجة إلى معالجة التدهور المالي لصناديق التقاعد وشيخوخة السكان.