يعيش لبنان على وقع أزمة اقتصادية ومالية أثارت جدلًا حول آلية مساعدة الأسر الأكثر فقرًا في البلاد، مع قرب وقف الدعم الحكومي للسلع الأساسية من دون أي خطة حكومية بديلة.
وقالت عزة الحاج حسن، الباحثة في الشأن الاقتصادي لـ"العربي: إن البلاد تشهد تقليصًا تدريجيًا وتوقّفًا غير مُعلن للدعم، مشيرة إلى أن مسار البطاقة التموينية "لا يزال طويلًا".
وكانت اللجان البرلمانية عقدت اجتماعًا لدراسة مشروع قانون البطاقة التموينية التي يُفترض بها أن تُشكّل بديلًا محتملًا لسياسة دعم السلع.
ولا تزال البطاقة التموينية، التي ستشمل أكثر من 850 ألف أسرة في حال أُقرّت، محط جدل؛ بينما تبحث الدولة عن تمويل لها.
وقال النائب بلال عبد الله: إن البطاقة "مؤشر على عجز السلطة السياسية بأكملها عن إيجاد حلول أخرى للأزمة التي يُعانيها لينان".
وأضاف عبد الله لـ"العربي" أن الدولة "تهرب نحو هذه الوسائل التي تعتبر بديلًا عن رفع الدعم".
ووفقًا لعدد من النواب، يُخفي عدم إقرار البطاقة التموينية حسابات سياسية مرهونة بتأليف الحكومة.
وينتهي الاعتماد المفتوح لدعم المحروقات والأدوية نهاية الشهر الحالي. ووفقًا لخبراء، أصبح اللبنانيون أقرب إلى خيارين أحلاهما مرّ: إمّا فقدان السلع الأساسية، وإمّا الدفع بالدولار بما يوازيه في السوق السوداء.
وفي السياق نفسه، قال جبران باسيل، رئيس "التيار الوطني الحر"، إنه "لا يجوز بقاء الدعم بشكل 'انتقائي' في البلاد، فيما يتمّ تهريب الوقود عبر الحدود بمشاركة القوى الأمنية".
مخاطر بطاقات الدعم المقترحة
وينبه الخبير المالي والاقتصادي نيكولا شيخاني من خطورة الوضع الاقتصادي في لبنان، حيث بدأت مرحلة فقدان المواد الأساسية من الأسواق.
ويقول شيخاني، في حديث إلى "العربي" من بيروت: إن مصرف لبنان "مُجبر" على رفع الدعم عن السلع الأساسية، لأنه "لم يعد يمتلك النقود الكافية للاستمرار في سياسة الدعم الحالية".
ويشرح أن تهريب السلع من لبنان عبر الحدود كلّف نحو ملياري دولار سنويًا، وهو مستمرّ منذ أكثر من 20 سنة، معتبرًا أن ربط إقرار البطاقة التموينية بوقف التهريب على الحدود "مجرد حجّة".
ويضيف أن السلطة اقترحت بطاقتين تموينية وتمويلية، وكلاهما تحملان أخطارًا. ويرى أن البطاقة الأولى تُشجّع على التهريب، بحيث يشتري المستفيد السلع ويعيد تهريبها، أما الثانية، وعلى الرغم من أنها أفضل من البطاقة الأولى، فيمكن استخدامها على اعتبارها "رشوة انتخابية" مع اقتراب الانتخابات النيابية في لبنان.
ويعتبر شيخاني أن إقرار البطاقة التمويلية يجب أن يرتبط بشرط توزيعها من قبل الجهات المانحة، عبر الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر.
ويؤكد أن الحل الحقيقي للأزمة يكمن في إقرار الإصلاحات المطلوبة، بالحد الأدنى، وإقرار قانون "الكابيتول كونترول"، من أجل تحريك ملف المساعدات من البنك الدولي لضخّ القليل من السيولة؛ ومساعدة لبنان على إعادة هيكلة القطاع المالي والمصرفي.
وإذ يشير إلى أن المنظومة السياسية في لبنان لم تُقدم على أي خطوة لإنقاذ الوضع الاقتصادي في البلاد منذ بدء الأزمة قبل 18 شهرًا، يشدّد شيخاني على ضرورة إجراء تغيير سياسي جذري، حيث يزيد تعثّر تشكيل الحكومة من سوء الأوضاع الاقتصادية.