Skip to main content

جسر للتواصل.. مدرسة باكستانية للصمّ تعيد لتلاميذها الأمل بحياتهم

الثلاثاء 28 مايو 2024
يقوم برنامج "ديف ريتش" الخاص بتدريس لغة الإشارة بالإنكليزية والأردية لأكثر من 200 تلميذ في مدينة لاهور الباكستانية - غيتي

يتعلّم تلاميذ في مدرسة باكستانية مخصصة للصمّ كيفية التواصل لإضفاء معنى لحياتهم، فيحركون أياديهم وكأنهم يؤدون رقصة باليه فيما تظهر الابتسامات على وجوههم.

ومن بين أكثر من مليون باكستاني أصمّ في سن الدراسة، يذهب أقل من 5% إلى المدرسة، وتنخفض هذه النسبة لدى الفتيات. وفي غياب أي لغة للتعبير عن أنفسهم، يتعرّض كثيرون للتهميش من المجتمع أو حتى من عائلاتهم.

ويقوم برنامج "ديف ريتش" الخاص بتدريس لغة الإشارة بالإنكليزية والأردية لأكثر من 200 تلميذ في مدينة لاهور (شمال)، يتحدّر معظمهم من بيئات مهمشة.

وفي حديث إلى وكالة "فرانس برس"، تقول قرة العين، وهي تلميذة صماء تبلغ 18 سنة دخلت المدرسة قبل عام: "ثمة خلل كبير في التواصل (في باكستان)، إذ لا يُدرك الناس عمومًا لغة الإشارة".

وتضيف: "أنا سعيدة جدًا هنا. لدي أصدقاء، نتواصل معًا ونمزح ونتشارك قصصنا وندعم بعضنا (...) من الجيّد أن نكون قادرين على التعبير عن مشاعرنا وأفكارنا".

ربط الكلمة بصور ما

وداخل صفوف أبوابها مفتوحة، تسود أجواء من الأمل بالحياة. وتتخلل التفاعلات مع المدرّسين، وكثير منهم صمّ أيضًا، ابتسامات عريضة. ولكل شخص حاضر اسم بلغة الإشارة، غالبًا ما يرتبط بإحدى سمات مظهره الخارجي.

ويتعلّم التلاميذ الأصغر سنًّا باستخدام العناصر المرئية، إذ يتم ربط كلمة وإشارة بصورة ما. وعندما يصعد كل تلميذ إلى اللوح، يوجّه الحاضرون إبهامهم إلى الأسفل عندما تكون إجابته خاطئة، بينما يقومون بإشارة التصفيق التي تتمثل في دوران الأيادي حول نفسها، عند الإفادة بإجابة صحيحة.

ويُحرَم الصمّ من اللغة في عدد كبير من البلدان. ويشير اتحاد الصمّ العالمي إلى أنّ 80% من 70 مليون أصمّ في العالم لا يحصلون على التعليم.

وفي باكستان التي تصل نسبة الأمية فيها إلى نحو 40%، يُتاح التعليم للصمّ بشكل محدود.

وقد يتعرّض هؤلاء في المدارس العادية للتنمّر والمضايقة وسرعان ما يُصابون بالإحباط. وفي المدارس الرسمية المخصصة للصمّ، لا يُفرَض تدريس لغة الإشارة الباكستانية الموحّدة في البلاد. وتختلف لغة الإشارة بين بلدة وأخرى، إذ لكلّ منها ثقافة واختلافات معيّنة.

يشير اتحاد الصمّ العالمي إلى أنّ 80% من 70 مليون أصمّ في العالم لا يحصلون على التعليم- غيتي

ونجح البرنامج الذي يغطي الرسوم الدراسية بالكامل لـ98% من مجموع التلاميذ بينما يدفع الآخرون تكاليفه بحسب إمكاناتهم، في إيجاد فرص عمل لأكثر من ألفي شخص أصمّ في نحو خمسين شركة.

تسهيل عملية التواصل

ويقول حذيفة (26 عامًا)، الذي فقد سمعه في سن مبكرة بعدما أصيب بالحمى: "لو لم يدعمني والداي في تعليمي لكنت أعمل كمياوم أو عامل نظافة أو بناء".

وغالبية التلاميذ متحدرون من عائلات لا تاريخ لها مع المشاكل السمعية، وقد سهّلت لغة الإشارة التي يعلّمها برنامج "ديف ريتش" للآباء أيضًا، عملية التواصل بين الصمّ وأفراد عائلاتهم.

وراهنًا، يتعلّم بفضل "ديف ريتش" الذي وُضع عام 1998 نحو ألفي تلميذ في ثماني مدارس. ويستخدم البرنامج التكنولوجيا على نطاق واسع ويقدّم قاموسًا عبر الإنترنت وتطبيقًا هاتفيًا.

وفي باكستان قوانين ضد التمييز المرتبط بالإعاقات. ويقول مدير العمليات في المؤسسة التي وضعت برنامج "ديف ريتش" دانيال مارك لانثير: "شهدنا على مر السنين تغيرًا كبيرًا في العقلية".

المصادر:
أ ف ب
شارك القصة