تتعثّر مهمة الأمم المتحدة في ليبيا، مع فشلها في الوصول إلى حل ينهي الصراع بين الأطراف المتناحرة على السلطة في البلاد، خصوصًا بعد أحداث العاصمة طرابلس الدامية.
وفي هذا السياق، أعربت الأمم المتحدة خلال جلسة لمجلس الأمن، عن خشيتها من تجدد أعمال العنف في ليبيا، حيث لم يتمّ إحراز أي تقدم لإجراء الانتخابات.
وجاءت هذه التحذيرات في مقابل حراك دبلوماسي "إقليمي" شرع به أطراف أزمة ممتدة كان آخر مظاهرها سقوط عشرات الليبيين قتلى وجرحى.
هل فشلت الأمم المتحدة؟
وقد أقرّت الأمم المتحدة بتعثّر مهمّتها في ليبيا، وفشلها في إنجاح جهود تنفيذ عملية انتخابية تفضي إلى تسليم السلطة لجهة شرعية في ليبيا، وذلك على لسان وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة روزوماري ديكارلو.
ووصفت ديكاررلو المشهد في البلاد بـ"المأزق". كما جدّدت دعوتها لحكومتي عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا لاستكمال عمل اللجنة الدستورية المشتركة للوصول إلى اتفاق يحدّد إطارًا زمنيًا لانتخابات تمكّن الشعب الليبي من اختيار قادته.
في السياق ذاته، انتقد مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة الطاهر السني تقاعس مجلس الأمن في وضع حد للتدخل الخارجي في البلاد، داعيًا في الوقت نفسه إلى الإسراع في اعتماد ممثل للأمين العام في ليبيا، بهدف إنهاء المرحلة الانتقالية.
حراك إقليمي لأطراف الأزمة
ويتزامن الضغط الدولي مع حراك إقليمي لأطراف الأزمة، حيث اجتمع فيه رئيس مجلس النواب عقيلة صالح برئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري في القاهرة لبحث سبل تحريك الحل السياسي والتوافق على قاعدة دستورية تفضي إلى انتخابات نيابية ورئاسية.
تزامنًا، أجرى رئيس الحكومة المكلف من المجلس فتحي باشاغا محادثات في أنقرة، عوّل عليها كثيرون لإحداث "خرق ما" في المشهد السياسي، نظرًا للدور التركي المحتمل.
وعلى الطرف الآخر، وصل رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة في زيارة إلى مالطا، مرفوقًا بوفد وزاري، تقول دوائره الرسمية إنّ الهدف منها تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
هدوء نسبي يسود #طرابلس بعد اشتباكات عنيفة راح ضحيتها 32 ليبيًّا#ليبيا تقرير: عبد الناصر خالد pic.twitter.com/VGtA31LjZV
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 28, 2022
أي خدمة تقدّمها أنقرة لحكومة باشاغا؟
يرى الكاتب السياسي عصام العصاوي أن اللقاءات التي تحصل اليوم في القاهرة وفي إسطنبول غير منفصلة عن بعضها، ملمّحًا إلى وجود تشاور وتوافق بين أنقرة والقاهرة على ضم الفرقاء السياسيين ومحاولة إيجاد مخرج قريب للأزمة، خصوصًا بعد اشتداد الاشتباكات وتطورها إلى معارك مسلحة في العاصمة طرابلس.
ويشير في حديث إلى "العربي"، من مصراتة، إلى أنّه "إذا كانت هناك خدمة ستقدّمها أنقرة لحكومة باشاغا، فهي البحث عن حكومة بديلة، كون الحكومة التي يرأسها باشاغا ويدعمها عقيلة صالح، استنفدت أوراقها، خصوصًا بعد الهزيمة التي لحقت بها، عبر انسحاب قواتها من العاصمة طرابلس".
ويرى أنّ الحديث عن انتخابات قريبة صعب جدًا إذا لم يكن مستحيلًا، في ظلّ العديد من العوائق، معتبرًا أنّ بقاء الدبيبة في السلطة إلى أجل غير مسمّى قد لا يكون مقبولًا في ظل الحديث عن أن الدبيبة لا يريد التنازل عن السلطة.
ويوضح أنّ حالة الرضا التي يحظى بها الدبيبة داخل العاصمة طرابلس اليوم هي حالة مؤقتة قد تصطدم ربما برفض شعبي إذا بقي الدبيبة لفترة طويلة في الحكم، مشدّدًا على أن "لا حل سوى بحكومة ثالثة تعمل على إنهاء هذا الخلاف".