أفادت جامعة "نورث إيسترن يونيفرسيتي"، بإيقاف مئة من المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين صباح السبت في حرم جامعة في بوسطن وقامت الشرطة بفض اعتصامهم.
وقالت الجامعة عبر منصة إكس: "في إطار عملية الإخلاء هذه، أوقفت الشرطة نحو مئة شخص. تم الإفراج عن الطلاب الذين أظهروا بطاقات انتسابهم إلى جامعة نورث إيسترن (...) تم توقيف من رفضوا إثبات انتسابهم".
هذا المشهد الجديد من الحركة الداعمة للفلسطينيين والمناهضة للحرب التي تقودها إسرائيل في قطاع غزة، انطلق الأسبوع الماضي من جامعة كولومبيا في نيويورك ليمتد إلى عدد من الجامعات في مختلف الولايات الأميركية، من كاليفورنيا إلى نيوانغلاند (شمال شرق) مروراً بجنوب البلاد.
وقالت الجامعة: "ما بدأ قبل يومين كاحتجاج طلابي تم اختراقه من قبل منظمين محترفين لا علاقة لهم بجامعة نورث إيسترن" الواقعة في بوسطن، المدينة التاريخية الكبرى في شمال شرق الولايات المتحدة والتي تضم أيضًا جامعة هارفارد المرموقة.
وسيخضع الطلاب الذي تم توقيفهم في الحرم الجامعي "لإجراءات تأديبية" ولكن "من دون ملاحقة قضائية"، بحسب البيان.
وفي هذا السياق، أعلنت رئاسة جامعة كولومبيا حيث انطلقت الحركة الطلابية الغاضبة المؤيدة للفلسطينيين، أنها تخلت عن فضّ التجمع المقام في الحرم الجامعي على يد شرطة نيويورك، لكن أحد قادة الحراك مُنع من دخول حرم الجامعة في شمال مانهاتن بعد تصريحات أظهرها مقطع فيديو واعتبرت "معادية للصهيونية".
"1968: مواصلة القتال"
إلى ذلك، قبل أن يقيم الطلاب مخيم احتجاج مؤيد للفلسطينيين في حديقة جامعة كولومبيا الأسبوع الماضي، درس بعضهم مادة (كولومبيا 1968) الاختيارية المتعلقة بالاحتجاجات على حرب فيتنام والتي يرونها شبيهة لنشاطهم الاحتجاجي الحالي في الحرم الجامعي.
ووقف فرانك جوريدي، أستاذ التاريخ في جامعة كولومبيا الذي يقوم بتدريس هذه المادة منذ عام 2017، مع اثنين من طلابه بجوار المخيم المنصوب في حرم الجامعة الواقعة بمدينة نيويورك يوم الخميس لمناقشة أوجه التشابه بين الاحتجاجات على حرب فيتنام والاحتجاجات الحالية المؤيدة للفلسطينيين في ندوة بعنوان (1968: مواصلة القتال).
وكان المحتجون يستمعون وهم يجلسون على فرش على الأرض العشبية أمام خيامهم بينما يتناولون وجبات مجانية خفيفة.
وأوقفت إدارة الجامعة عشرات الطلبة المحتجين وسمحت بإلقاء القبض عليهم الأسبوع الماضي. ويقول بعضهم إنهم يطبقون ما تعلموه ودرسوه في الجامعة فيما يتعلق بمعارضة الحرب الإسرائيلية على غزة.
وقال بو تانغ، طالب التاريخ في السنة الثانية بالجامعة، إنه ضمن مجموعة بحثية للطلبة المحتجين تنظر في استراتيجيات وتكتيكات حركات العدالة الاجتماعية الماضية والحالية "لمحاولة تعلم الدروس منها".
وأضاف تانغ أن المجموعة أجرت مقابلات مع خريجين شاركوا في احتجاجات عام 1968 وإنهم توصلوا إلى بعضهم من خلال المادة التي يقوم جوريدي بتدريسها، مما جعلهم ينشرون دروسًا حول بناء الدعم لحركات الاحتجاج.
"مزاعم معاداة السامية"
ويقول تانغ وطلاب آخرون إن زملاء الدراسة والأساتذة الذين كانوا لا يعرفون شيئًا عن الاحتجاج ظهروا في موقع المخيم بعد استدعاء الشرطة، ومنهم أعضاء في هيئة التدريس ارتدوا سترات صفراء للمساعدة في الأمن والسلامة.
كما ظهرت خيام احتجاجية في جامعات بأنحاء الولايات المتحدة وخارجها تضامنًا مع طلبة جامعة كولومبيا، مما أثار انتقادات من البيت الأبيض والعديد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذين اتهموا المحتجين بـ"معاداة السامية وترهيب أقرانهم اليهود".
غير أن العديد من الطلاب اليهود، وبعضهم من المنظمين للاحتجاج، عبروا عن غضبهم من مزاعم معاداة السامية. وعلى مدى ساعات طويلة أمضوها في المخيم هذا الأسبوع، شاهد صحفيو رويترز الطلاب وهم يتحدثون بشكل سلمي وودي ويقرأون ويأكلون ويقيمون الصلوات اليهودية والإسلامية.
كما نُظمت عروض لموسيقى الجاز ومحاضرات ودورات في الإسعافات الأولية وعروض لأناشيد ثورية مؤيدة للفلسطينيين وورش عمل في الكتابة. وفي بعض الأحيان تدور مناقشات ساخنة لكنها تخلو من العنف بين يهود مناهضين للصهيونية وطلبة مؤيدين لإسرائيل يزورون المخيم.
"لا نتعامل مع المحرضين"
ورُفعت في المكان لافتة تنبه الموجودين في المخيم إلى توخي الحذر في تعاملاتهم مع المعارضين للاحتجاج بعبارة "نحن لا نتعامل مع المحرضين".
أقام الطلبة المحتجون المخيم فجر يوم 17 أبريل/ نيسان دون الحصول على إذن من إدارة جامعة كولومبيا مطالبين إياها بسحب استثماراتها من شركات تصنيع الأسلحة وغيرها من الشركات التي تدعم الحكومة والجيش الإسرائيليين.
وقاد الاحتجاجات، التي نظمت بالتحالف مع العشرات من المجموعات الطلابية الأخرى، فرعا مجموعتي (طلاب من أجل العدالة في فلسطين) و(الصوت اليهودي من أجل السلام) في جامعة كولومبيا. وسبق أن أوقفت الجامعة حضور الطلبة المنتمين لكلا المجموعتين في نوفمبر/ تشرين الثاني بسبب احتجاج سابق غير مصرح به مؤيد للفلسطينيين.
وفي اليوم التالي لنصب المخيم استدعت رئيسة الجامعة نعمت مينوش شفيق الشرطة التي اعتقلت 108 من الطلاب بتهمة التعدي على ممتلكات الغير، مما أثار غضب بعض أعضاء هيئة التدريس. ومنذ ذلك الحين، أعاد الطلبة بناء المخيم الذي صار أكثر نشاطا من ذي قبل.
وخلال الندوة أبلغ جوريدي والطالبان معه المحتجين كيف غضب أسلافهم في عام 1968 من إجراءات تأديبية اتخذتها جامعة كولومبيا بحق ستة طلاب احتجوا على علاقات الجامعة بأبحاث الأسلحة وخططها لبناء صالة ألعاب رياضية تكرس الفصل العنصري.
"مخيم تدريبي للثورة"
واحتل محتجون في عام 1968 عددًا من المباني في الحرم الجامعي واحتجزوا القائم بأعمال العميد رهينة لمدة يوم. وأنهت الشرطة هذا الاحتجاج بشكل عنيف بعد أسبوع وألقت القبض على نحو 700 طالب.
لكن المحتجين في عام 2024 قرروا احتلال حديقة واحدة في الحرم الرئيسي لجامعة كولومبيا، مع الإشارة إلى أن مدراء الجامعة خصصوا هذه المساحة لتنظيم الاحتجاجات لكن بموافقة مسبقة.
وقالت مريم علوان، وهي طالبة أميركية من أصل فلسطيني في السنة الثالثة كانت من بين الذين ألقت الشرطة القبض عليهم ومُنعت من دخول الجامعة الأسبوع الماضي، إن الحديقة المحاطة بالسياج التي يسهل تخطيها تم اختيارها بحيث لا يتهمهم المسؤولون بتعطيل الفصول الدراسية.
وأضافت: "اطلعنا على بعض صور احتجاجات عام 68". هناك صورة شهيرة لاحتجاجات عام 1968 يظهر فيها الطلبة وهم يحملون لافتة كبيرة كتب عليها "منطقة محررة". ويرفع المحتجون حاليًا لافتة مماثلة فوق مخيمهم، وعبرت مريم علوان عن سعادتها بانتشار هذه اللافتة في جامعات أخرى.
وقال جوريدي في مقابلة بعد الندوة: "هذا ليس مخيمًا تدريبيًا للثورة... هذه دراسة للتاريخ".