انتخب المجلس الأعلى للدولة في ليبيا محمد تكالة رئيسًا له، خلفًا لخالد المشري الذي شغل المنصب خمس دورات متتالية، وخسر المنافسة في هذه الدورة.
ويعد محمد تكالة مقرّبًا من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ولم تعرف له مواقف سياسية في معظم الملفات الساخنة التي شهدتها ليبيا.
وتركزت نشاطات تكالة في مجالات السياسات الاقتصادية والمحاسبية للدولة، وترشّح لمنصب رئيس ديوان المحاسبة إثر فتح مجلس الدولة باب الترشح للمناصب السيادية.
إلا أن تكالة أظهر مؤخرًا رفضه المصادقة على التعديل الدستوري داخل المجلس الأعلى للدولة، كما شارك في رفض تشكيل اللجنة المعنية بإقرار القوانين الانتخابية المعروفة بـ"6 + 6" المشتركة بين مجلسي الدولة والنواب. كما عارض تمرير خريطة طريق المسار التنفيذي للقوانين الانتخابية.
وملفات القوانين الانتخابية وخريطة الطريق والتعديل الدستوري تُعتبر أوراق خلافية بين المكونات السياسية المختلفة، وهناك احتمالات كبيرة أن يلقي موقف تكالة حيالها بظلاله وانعكاساته على الساحة الليبية.
أما أبرز التأثيرات المتوقعة، فتتمثل في تغيير الخط السياسي للمجلس الأعلى للدولة وعلاقته مع مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح من جهة وحكومة الدبيبة من جهة أخرى.
المجلس الأعلى للدولة في #ليبيا ينتخب محمد تكالة رئيسا له pic.twitter.com/apKNF2HVUH
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 6, 2023
هل كان اختيار تكالة مفاجئًا؟
متابعةً لهذا الملف، يرى الباحث في الشؤون السياسية والقانونية حمد الخراز أن انتخاب تكالة لم يكن "مفاجئًا"، إذ كانت كل المعطيات تتحدث عن خروج خالد المشري من المشهد السياسي أو على الأقل رئاسة مجلس الدولة بعد 5 دورات متتالية.
ووفق الخراز، كان المشري دائمًا هو المتصدر في المشهد السياسي وانفرد بعدة قرارات مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، مقدّرًا وفق تحليله الشخصي أن عبد الحميد الدبيبة وبعد وقوع جدل مع المشري هو من دعم سقوط هذا الأخير من رئاسة المجلس.
ويردف من بنغازي: "كل المصادر والتقارير تتحدث عن تقارب وعلاقة وطيدة بين الشخصين، وأعتقد أن محمد تكالة سيكون الورقة التي ستنسف كل الاتفاقات مع مجلس النواب وما يخص لجنة 6 + 6، وأيضًا تشكيل سلطة تنفيذية جديدة".
كيف فقد المشري ثقة المجلس الأعلى؟
بدورها، تتحدث عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ماجدة الفلاح عن أن اللائحة الداخلية للمجلس تقر التداول السلمي للسلطة بعد كل سنة لتغيير مكتب الرئاسة، بهدف تبادل المسؤولية.
وتقول الفلاح: إن المشري استطاع بأدائه المميز في الفترة السابقة، الحصول على ثقة الأعضاء داخل المجلس على مدى السنوات الـ5 الماضية، إلا أنه في السنة الأخيرة حرص على التوافق مع مجلس النواب وهو ما جعله يتجاوز في عدة محطات التشاور داخل المجلس الأعلى، "فكانت القرارات تتخذ سريعًا".
وتتابع عضو مجلس الأعلى للدولة من طرابلس: "شهدنا أول انقسام في المجلس الأعلى للدولة في التعديل الثاني عشر، نتيجة لمحاولة تجاوزه في تغيير الحكومة، وتقديم تذكية لحكومة فتحي باشاغا وكانت هذه أول محطة يحدث فيها اهتزاز داخل المجلس".
واستمر نهج عدم إشراك المجلس وفق الفلاح، ولم يكن هناك تشاور للوصول إلى أكبر قدر من التوافق داخل المجلس الأعلى للدولة على الخطوات.
كيف سيؤثر وصول تكالة على الجهود الأممية؟
ومن واشنطن، يعتقد الدبلوماسي الأميركي السابق ويليام لورنس أن وصول تكالة إيجابي بشكل عام، مشيرًا إلى أنه يجب الفصل بين الأسباب والنتائج.
فالأسباب التي أدت إلى وصول الرئيس الجديد هو أن المشري لم يكن يسير على النهج الديمقراطي داخليًا، فيما يتعلق بعودة غرب ليبيا إلى المسار الصحيح.
أما من حيث النتائج فمن الواضح بحسب لورنس، أنه على الرغم من أن تكالة كان ضمن الفئة التي تعارض مجموعة الـ 6 + 6 وله آراء أخرى حول كيفية السير قدمًا نحو الانتخابات، إلا أنه كان أكثر تأييدًا للانتخابات من المشري.
ويضيف الدبلوماسي الأميركي: "أول اتصال تهنئة كان من الدبيبة، الأمر الذي يظهر تقاربًا أكبر بين حكومة الوحدة الوطنية وبين البرلمان".
وستكون هذه الخطوة جيدة من حيث الجهود الدولية، ما دامت الحكومات الغربية تتصرف على نحو يدفع باتجاه الانتخابات، من دون عقد اتفاقات خلفية مع البرلمان، على حدّ قول لورنس.