ربعهم تحت خط الفقر.. رحى الحروب تطحن أطفال العالم
ألقت الحرب الروسية الأوكرانية بثقلها على أطفال العالم، وربع عددهم سيعاني من الفقر خلال العام الجاري إثر زيادة تكاليف الغذاء والطاقة، وذلك بحسب تقرير صادر عن منظمة حقوق الأطفال "كيدز رايتس".
فالفقر والحروب طرفان مترابطان، إذ إن الأول قد يؤدي إلى الثاني والعكس صحيح، أما النتيجة فهي واحدة: معاناة مستمرة خاصةً للأطفال.
315 ألف حالة انتهاك خطير
ووثّقت الأمم المتحدة في تقاريرها أكثر من 315 ألف حالة انتهاك خطير، تعرض لها الأطفال بسبب النزاعات، ومنها عمالة الأطفال، واستعبادهم، والاتجار بهم، واستغلالهم، وصولًا إلى اغتصابهم.
كلّ هذه الأشكال، هي مشاهد لحالات عنفٍ ترتكب في السودان، وتشاد، وأفغانستان، والنيجر، وأكرانيا، ودول أميركا اللاتينية.
هذا الأمر انعكاسٌ لتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية عالميًا، مع موجة تضخّمٍ هي الأسوأ منذ عقود، ووسط ارتفاع تكاليف المعيشة، وتزايد بؤر العنف في العالم.
أطفال أوكرانيا الأكثر تضرّرًا اليوم
أما في أوكرانيا، فهناك 7.5 ملايين طفل هم الأكثر تضرّرًا حاليًا من الحرب بحسب تقرير منظمة حقوق الأطفال، وسط مناشدات أممية ودولية تطالب بأولوية حماية الأطفال، وتذكّر العالم باتفاقية حقوق الطفل، واتفاقيات جنيف الأربعة التي تمثّل الأساس القانوني الدولي لحماية المدنيين في وقت الحرب.
في هذا الصدد، تتحدث بلقيس والي الباحثة في قسم الأزمات والنزاعات في "هيومن رايتس ووتش" عما شاهدته خلال متابعتها لهذه الحرب، مشيرةً إلى أنها رأت ضررًا مستمرًا ودمارًا للمدارس والمستشفيات.
وتستشهد والي في حديث مع "العربي" من كييف، بالتقارير الذي ذكرت أن القوات الروسية كانت مسؤولة عن القسم الأكبر من الضرر والهجمات على المدارس والمستشفيات، فضلًا عن الضرر الكبير من قبل القوات الأوكرانية في إطار النزاع.
وتتابع الباحثة في "هيومن رايتس ووتش": "نحن نتكلم أيضًا عن وقوع وفيات وإصابات لدى الأطفال، فهناك حوالي 650 ألف طفل أصيبوا أو قتلوا في هذه الحرب، وهناك أعداد كبيرة موثّقة من الهجمات الروسية وعدد مماثل من الهجمات الأوكرانية".
كذلك، تلفت والي إلى وجود صعوبة في إمكانية وصول باقي الأطفال في أوكرانيا إلى الخدمات الصحية والمدارس.
مستقبل "جيل النزاعات"
بدورها، تتطرق ألكسندرا سايه رئيسة السياسات الإنسانية بمنظمة "أنقذوا الأطفال" إلى أن هذا العام كان كارثيًا للغاية بالنسبة للأطفال سواء في أوكرانيا أو الدول الأخرى التي تعيش نزاعات، بحيث قدّرت أن حوالي مليونين و700 ألف شخص حول العالم من بينهم أطفال، بحاجة إلى مساعدة ضرورية وهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وتردف سايه من واشنطن: "هنالك 1 من بين 5 وفيات لدى الأطفال بسبب انعدام الأمن الغذائي، وليست الحرب في أوكرانيا فقط ما سبب هذا الوضع الكارثي للأطفال، إذ هناك تأثير للتعافي غير المتوازن بعد انتشار كورونا، والأزمة المناخية، فضلًا عن النزاعات الأخرى".
بالتالي، تشدد رئيسة السياسات الإنسانية بمنظمة "أنقذوا الأطفال" على أن كل هذه العوامل تخلق "عاصفة كاملة"، تهدد حياة ومستقبل الأطفال.
"حلقة مفرغة"
وأشار التقرير الأخير أيضًا إلى أوضاع الأطفال في السودان، والأزمة الإنسانية في سوريا وتركيا والاستجابة العالمية لمتضرري الزلزال، ما خلق مساحة للمقارنة بما تم تقديمه من الدول الغنية بشأن الأطفال في أوكرانيا.
حول هذا الأمر، يرى جهاد الحكيم أستاذ الاقتصاد والتمويل الدولي في الجامعة الأميركية ببيروت، أنه لا يمكن المقارنة بين الدول المتقدمة والدول التي فيها أصلًا نزاعات ومشاكل اقتصادية ومالية كبيرة، وذلك لأن الحرب تعدّ من الأسباب السبعة للفقر في العالم.
ووفق الحكيم، فهناك عوامل أخرى مثل غياب فرص العمل، وضعف البنى التحتية، وعدم الوصول إلى الطعام والغذاء المناسب، لأنه عندما نتكلم عن الأمن الغذائي، فيجب أن يتوفر بجودة وأسعار معقولة.
ويضيف من بيروت: "ارتفاع أسعار الغذاء وأزمة التضخم جراء جائحة كورونا، والحرب بين روسيا وأوكرانيا، فضلًا عن السياسات الانفلاتية التي كانت تنتهجها المصارف والحكومات في فترة الجائحة، أثّرت على بقية بلدان العالم وخصوصًا النامية والتي كانت تعاني أصلًا من أزمات اقتصادية ومالية".
ويصف أستاذ الاقتصاد والتمويل الدولي في الجامعة الأميركية ببيروت تأثير هذا الواقع على الأطفال بـ"الحلقة المفرغة" والتي تدور فيها البلدان التي تعاني من كل مسببات الفقر.