"رسالة أمل" من البابا فرنسيس إلى اللبنانيين: لا للإحباط
وجه البابا فرنسيس، اليوم الخميس، رسالة أمل إلى اللبنانيين، داعيًا إياهم إلى ألا يحبطوا، وطالبًا من قادتهم السياسيين إيجاد "حلول عاجلة ومستقرة للأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الراهنة".
وعبّر البابا بعدما اجتمع خلال النهار مع تسعة من رؤساء الكنائس اللبنانيين خلال كلمة ألقاها في كاتدرائية القديس بطرس عن "قلقه الشديد" لرؤية هذا البلد الذي قال إنّه "يحمله في قلبه" ولديه الرغبة في زيارته، "يتجه بسرعة إلى أزمة خطرة".
وحضّ البابا فرنسيس قادة لبنان على "تنحية المصالح الحزبية جانبًا والعمل من أجل السلام والاستقرار". وقال: "سأكرر مدى أهمية أن يختار من هم في السلطة أخيرًا وبحسم، العمل من أجل سلام حقيقي وليس من أجل مصالحهم الخاصة"، مضيفًا: "لنضع حدًا لتربح القلة من معاناة الكثرة".
"يوم تأمل وصلاة من أجل لبنان"
ووصل رؤساء الكنائس التسعة صباح الخميس إلى دارة القديسة مارتا في الفاتيكان حيث يقيم البابا فرنسيس، تلبية لدعوة وجهها إليهم للمشاركة في "يوم التأمل والصلاة من أجل لبنان"، الغارق في أزمة اقتصادية صنّفها البنك الدولي على أنها من بين الأكثر شدة منذ عام 1850.
وتوجّه البابا بعد ذلك مع ضيوفه سيرًا إلى كنيسة القديس بطرس، حيث عقدت وقفة صلاة "من أجل عطية السلام في لبنان"، وفق ما نقلت وكالة أخبار الفاتيكان. وانتقلوا بعدها إلى القصر الرسولي حيث عقدت ثلاث جلسات مغلقة بإدارة السفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزف سبيتري.
وفي نهاية النهار، بعد صلاة مسكونية من "أجل السلام" تخللتها تلاوة نصوص بالعربية والسريانية والأرمنية والكلدانية، ألقى البابا فرنسيس كلمة ختامية بحضور دبلوماسيين متوجّهًا مباشرة إلى اللبنانيين وقادتهم السياسيين لكن أيضًا إلى "أعضاء الأسرة الدولية" ملتمسا منهم العمل كي تتوافر "الشروط عبر جهد مشترك حتى لا ينهار البلد، بل أن يسلك طريق النهوض".
"لبنان لا يمكن أن يُترَك لمصيره"
ولم يتردد البابا في توجيه بعض السهام. فقد وجّهها أولًا إلى الطبقة السياسية اللبنانية، مؤكّدًا أن لبنان "لا يمكن أن يُترَك لمصيره أو تحت رحمة هؤلاء الذين يسعون بدون ضمير إلى مصالحهم الشخصية"، وأنه "ليس هناك من سلام بدون عدالة".
لكنّه وجَّه كلماته أيضًا إلى دول أخرى متهمة بـ"تدخل تعسفي" في لبنان، قائلًا: "يجب الكف عن استخدام لبنان والشرق الأوسط لمصالح ومكاسب أجنبية".
وصلى البابا مرارًا من أجل لبنان، الذي يشهد منذ 2019 انهيارًا اقتصاديًا متسارعًا فاقمه انفجار مرفأ بيروت في أغسطس/آب الماضي الذي أودى بأكثر من 200 شخص ودمّر أجزاء كاملة من المدينة.
انهيار اقتصادي متمادٍ في لبنان
ويشهد لبنان منذ صيف 2019 انهيارًا اقتصاديًا متماديًا، فقدت معه العملة المحلية أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار.
وبات أكثر من 55% من السكان يعيشون تحت خط الفقر على وقع تدهور قدراتهم الشرائية. ولم توفر تداعيات الانهيار أي طبقة اجتماعية، وتفاقمت يومًا بعد يوم معاناة السكان الذين باتوا يكافحون من أجل تأمين لقمة العيش.
ولا تلوح في الأفق أي حلول جذرية لإنقاذ البلاد، ويغرق المسؤولون في خلافات سياسية حادة، حالت منذ انفجار المرفأ دون تشكيل حكومة قادرة على القيام بإصلاحات يضعها المجتمع الدولي شرطًا لحصول لبنان على دعم مالي.
وذكرت وكالة أنباء الفاتيكان أن زيارة رؤساء الكنائس "لا تهدف إلى إيجاد حلّ سياسي" للأزمة إنّما إلى "الرد على شكاوى الشعب ومعاناته".
ومن بين الشخصيات التي حضرت محادثات الفاتيكان البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي تحدث علنًا عن فساد الطبقة السياسية في لبنان.
ويضمّ لبنان 18 طائفة، وتتوزع مقاعد البرلمان الـ128 مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، في عرف فريد من نوعه في الدول العربية.