الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

زيارة بيلوسي لتايوان تثير غضب بكين.. هل هناك مخاطر اندلاع نزاع مسلح؟

زيارة بيلوسي لتايوان تثير غضب بكين.. هل هناك مخاطر اندلاع نزاع مسلح؟

شارك القصة

ناقش الكاتب الصحافي عزيز فهمي ردود الفعل الصينية على زيارة بيلوسي لتايوان (الصورة: غيتي)
تنظر بكين إلى التواصل الأميركي الرسمي مع تايوان تشجيعًا لجعل استقلال الجزيرة الفعلي دائمًا، وهي خطوة يقول قادة الولايات المتحدة إنهم لا يدعمونها.

غادرت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، اليوم الأربعاء، تايوان بعد أن أصبحت أعلى مسؤولة أميركية تزور الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي منذ 25 عامًا.

غير أن هذه الزيارة التي بدأت أمس الثلاثاء، ووصفها مسؤولون أميركيون بـ"الرمزية"، أثارت غضب الصين التي هدّدت بردّ عسكري غير محدّد، بخاصة وأن بكين تنظر إلى زيارات المسؤولين الحكوميين الأجانب إلى الجزيرة على أنها اعتراف بسيادة الجزيرة التي تطالب بضمّها إلى أراضيها.

وسعى الرئيس جو بايدن إلى تهدئة الغضب الصيني، مصرًا على أن "مبدأ الصين الواحدة" الذي تنتهجه واشنطن لن يتغيّر.

وتقوم سياسة الولايات المتحدة على الإعتراف ببكين، ولكنها تسمح بعلاقات غير رسمية وعلاقات دفاعية مع تايبيه.

لماذا زارت بيلوسي تايوان؟

على مدى عقود، أظهرت بيلوسي دعمها للحركات الديمقراطية المحاصرة، من بينها زيارة إلى مدينة تيانانمين عام 1991، حيث رفعت هي وغيرها من المشرّعين لافتة صغيرة تدعم الديمقراطية، بينما حاول ضباط الأمن الصينيون منعهم من ذلك.

وأعلنت بيلوسي أن رحلتها إلى تايوان جزء من التزام الولايات المتحدة بالوقوف مع الديمقراطيات ضد الدول الاستبدادية، ومع تايوان الديمقراطية ضد الصين. كما ترأست وفدًا من الكونغرس إلى العاصمة الأوكرانية كييف في مايو/ أيار الماضي، دعمًا لأوكرانيا في الحرب الروسية عليها.

ولدى وصولها إلى تايوان، كتبت في مقال رأي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية: "يجب أن نقف إلى جانب تايوان"، واستشهدت بالتزام الولايات المتحدة بتايوان ديمقراطية بموجب قانون عام 1979.

وأضافت: "من الضروري أن توضح أميركا وحلفاؤها أننا لا نستسلم أبدًا للحكام المستبدين".

ما موقف الولايات المتحدة تجاه تايوان؟

تؤكد إدارة بايدن وبيلوسي أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة "بسياسة صين واحدة".

وانقسمت تايوان والبر الرئيس للصين خلال حرب أهلية عام 1949. لكن الصين تدعي أن الجزيرة هي ضمن أراضيها، ولم تستبعد استخدام القوة العسكرية للاستيلاء عليها.

وفي السنوات الأخيرة، زادت الصين من ضغوطها الدبلوماسية والعسكرية على الجزيرة، حيث قطعت جميع الاتصالات مع حكومة تايوان عام 2016، بعد أن رفض الرئيس تساي إنغ وين تأييد زعمها بأن الجزيرة والبر الرئيس يشكّلان معًا أمة صينية واحدة، مع كون بكين الشيوعية الحكومة الشرعية الوحيدة.

وتنظر بكين إلى التواصل الأميركي الرسمي مع تايوان تشجيعًا لجعل استقلال الجزيرة الفعلي الذي دام عقودًا من الزمن، دائمًا، وهي خطوة يقول قادة الولايات المتحدة إنهم لا يدعمونها.

كيف تعامل الجيش الصيني مع الزيارة؟

بعد فترة وجيزة من وصول بيلوسي إلى تايوان، أعلنت الصين عن سلسلة من العمليات والتدريبات العسكرية، التي جاءت عقب وعودها بـ "إجراءات حازمة وقوية" إذا مضت بيلوسي بزيارتها.

وقال جيش التحرير الشعبي الصيني إن المناورات ستجري في المياه والسماء بالقرب من تايوان، وستشمل إطلاق ذخيرة بعيدة المدى في مضيق تايوان.

وأوضحت وكالة أنباء "شينخوا" الصينية الرسمية أن الجيش يعتزم إجراء تدريبات بالذخيرة الحية من الخميس إلى الأحد عبر مواقع متعدّدة. وأشارت صورة نشرتها وكالة الأنباء إلى أن التدريبات ستجري في ست مناطق مختلفة في المياه المحيطة بتايوان.

وفي وقت مبكر من اليوم الأربعاء، أفادت وزارة الدفاع التايوانية بأن الصين أرسلت 21 طائرة في اتجاه تايوان، 18 منها مقاتلة. وشملت البقية طائرة إنذار مبكر، وطائرة حرب إلكترونية.

كيف استجابت الإدارة الأميركية للزيارة؟

وبينما أعرب بايدن عن بعض الحذر بشأن رحلة بيلوسي، لم تعارض إدارته الزيارة علنًا، معتبرة أن الأمر متروك لبيلوسي لتقرّر الذهاب من عدمه.

لكن قبل زيارة بيلوسي، زاد الجيش الأميركي تحركاته في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وأكد مسؤولون أميركيون أن حاملة الطائرات "يو إس إس رونالد ريغان" ومجموعتها الضاربة وصلت إلى بحر الفلبين الاثنين.

كما غادرت حاملة الطائرات "ريغان" والطراد "يو إس إس أنتيتام" والمدمّرة "يو إس إس هيغينز" سنغافورة بعد زيارة الميناء، واتجهوا شمالًا نحو الميناء الأميركي في اليابان. وتضمّ حاملة الطائرات "ريغان" مجموعة من الطائرات، بما في ذلك طائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر من طراز "F / A-18"، فضلًا عن أنظمة رادار متطوّرة وأسلحة أخرى.

ما مخاطر اندلاع نزاع مسلّح؟

أوضح الرئيسان الصيني شي جين بينغ والأميركي جو بايدن أنهما لا يريدان ذلك. وفي مكالمة مع بايدن الأسبوع الماضي، حيث أكد جين بينغ لبايدن أنه يجب أن يتعاون بلداهما في المجالات التي يمكنهما فيها ذلك.

وأشار الكاتب الصحافي عزيز فهمي، في حديث سابق إلى "العربي"، إلى أن واشنطن وبكين تتبادلان التصريحات "الاستفزازية" لكنهما تحرصان على عدم التصعيد والوصول إلى مواجهة عسكرية.

وأضاف أن الدليل على ذلك هو المكالمة الهاتفية بين الرئيسين، واتفاقهما على الحفاظ على الاستقرار والأمن في المنطقة، مستبعدًا حدوث ردّ فعل عسكري صيني.

من جهتها، اعتبرت وكالة "اسوشييتد برس" أن الخطر الأكبر يكمن في وقوع حادث، إذا حاولت الصين القيام بنوع من المناورة "الاستفزازية" التي تنفّذها بشكل متزايد مع جيوش أخرى حول بحر الصين الجنوبي. وتشمل تلك المناورت تحليقًا عن قرب من الطائرات الأخرى أو مواجهة السفن في البحر.

ومع ذلك، قال يو جي، زميل أبحاث في مركز "تشاتهام هاوس" لوكالة "اسوشييتد برس": "عندما يتعلق الأمر بالولايات المتحدة، مع أقوى جيش في العالم، وعلى الرغم من جوقة الخطاب القومي، فإن الصين ستكون حريصة على عدم الوقوع في صراع مع أضرار جسيمة على جميع الجبهات".

وأضاف جي أن أفضل نهج بالنسبة للصين "هو الصبر والوقت، والتطلّع إلى اليوم الذي قد يكون فيه اقتصادها وجيشها أكبر لتتحدّى الولايات المتحدة".

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
Close