تكثر التساؤلات حول السياسة الخارجية التي سيتّبعها الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، وكيف سيتعاطى مع القضايا الخارجية التي كان للرئيس دونالد ترمب بصمة خاصة فيها.
من بين هذه القضايا مثلاً، القرار الذي اتّخذه أخيرًا في ما يتعلق بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، المنطقة المتنازع عليها في المغرب العربي، مقابل مضيّ الرباط في تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
لكنّ الإنجاز الذي سارع المغرب لوصفه بـ "التاريخي" قد لا يكون نهائيًا، وفقاً لمقالٍ نُشر في موقع "فورين بوليسي"، تحدّث عن أسبابٍ عدّة تدفع للاعتقاد بأنّ بايدن قد يتراجع عن هذا الموقف.
جدل في #المغرب حيال استئناف تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل اعتراف واشنطن بسيادة #الرباط على الصحراء الغربية pic.twitter.com/GgruFEkNsf
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) December 11, 2020
"سابقة إشكاليّة"
في العاشر من ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب اعتراف بلاده بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، في موقفٍ بدا مفاجئًا لكثيرين، وشكّل "انقلابًا على ما يقرب من نصف قرن من الأعراف الدبلوماسية المتبعة"، وفقاً لمقال "فورين بوليسي".
وإذ يشير الموقع الأميركي إلى أنّ هذا الإعلان الأميركي جاء مقابل انتزاع ترمب موافقة الرباط على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، يلفت إلى أنّ "حملة الضغط الدبلوماسي المغربية الطويلة قد أتت أخيراً بثمارها على ما يبدو".
وبحسب المقال، تشكل خطوة ترمب "سابقة إشكالية للغاية، من خلال الاعتراف بسيادة قوة محتلة - المغرب - على أرض مستعمرة - الصحراء الغربية، لكن الطبيعة الرمزية للغاية للقرار تجعله أحد القرارات الرئيسية التي سيتراجع عنها الرئيس المنتخب عندما يتولى منصبه في يناير/كانون الثاني، وذلك للحد من أضرار السياسة الخارجية".
تحوّل في السياسة
ويفند المقال ثلاثة أسباب تجعل اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية بمثابة تحوّل غريب للسياسة، أولها أنّ التغيير في الموقف الأميركي وجب اتباعه، ليس لمصلحة الولايات المتحدة، ولكن كـ "ثمن" لإقناع المملكة المغربية بالموافقة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
أما السبب الثاني لمثل هذا الاعتقاد، فيكمن بأنّ القرار جاء في. أوج النزاع المسلح الذي ينخرط فيه المغرب من جهة، وجبهة التحرير الشعبي الصحراوية (بوليساريو) من جهة ثانية، بعد وقف العمل باتفاق وقف إطلاق النار السائد منذ 29 عاماً.
الصراع الأقدم في القارة السمراء.. المغرب توافق على التفاوض لحل النزاع حول الصحراء الغربية مع الجزائر وموريتانيا، وسط تشاؤم من إمكانية تحقيق نتائج إيجابية لتباعد وجهات النظر pic.twitter.com/lAXVnyU760
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) October 6, 2018
وجود غير قانوني
أما السبب الثالث والأهم، وفقًا لتصنيف "فورين بوليسي"، فيكمن في أنّ الوجود المغربي في الصحراء الغربية غير قانوني، وهو ما أكدته الأمم المتحدة والعديد من قرارات المحاكم الدولية منذ فترة طويلة، إذ تعتبر الأمم المتحدة الصحراء الغربية منطقة غير متمتعة بالحكم الذاتي، مما يجعل "المسيرة الخضراء" عام 1975 - عندما استقر 300 ألف مدني مغربي في الإقليم - عملاً استعماريًا متعمدًا. وهذا يعني أن نشطاء تقرير المصير الصحراويين - وجبهة البوليساريو - ليسوا "انفصاليين" ، كما ذكرت كل من واشنطن بوست ونيويورك تايمز، لكنهم حركة لإنهاء الاستعمار.
ووفقاً للمقال، فإنّ هذا التمييز مهم للغاية في تحديد التغييرات التي يمكن أن تؤثرها الولايات المتحدة من جانب واحد في الصحراء الغربية - وما هي آثارها بالنسبة للصراعات الأخرى.
يذكر أنّ المغرب يعتبر الصحراء الغربية جزءاً لا يتجزّأ من ترابه الوطني ويسيطر على 80 في المئة من أراضيها، ويقترح منحها حكماً ذاتياً موسّعاً تحت سيادته، في حين تطالب جبهة "بوليساريو" منذ سنوات بإجراء استفتاء تقرير مصير بموجب اتفاق وقف إطلاق نار وُقّع في العام 1991 برعاية الأمم المتحدة بعد حرب استمرت 16 عاماً.
وتمتد الصحراء الغربية على مساحة 266 ألف كيلومتر مربع على ساحل المحيط الأطلسي بين المغرب وموريتانيا والجزائر، يخترقها جدار دفاعي"، كما تسميه السلطات المغربية، من الشمال نحو الجنوب على طول 2700 كيلومتر. ويقطن المنطقة، الغنية بثروة فوسفاطية، أكثر من نصف مليون شخص، بينما تعد سواحلها غنية بالسمك.