كشفت تسجيلات ورسائل مسرّبة تفاصيل جديدة عن الاتصالات التي جمعت بين ولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين والشريف حسن بن زيد وباسم عوض الله، في ما بات يُعرف بـ"قضية الفتنة"، في الأردن.
وتأتي هذه التسريبات بعد الاتهامات التي طاولت الأمير حمزة، والرئيس الأسبق للديوان الملكي باسم عوض الله، والشريف حسن بن زيد، بـ"الضلوع في مخططات" بهدف "زعزعة أمن الأردن واستقراره".
وأظهرت التسجيلات الصوتية والمكتوبة طلب الأمير حمزة نصيحة عوض الله عقب أحداث مستشفى السلط في 13 مارس/ آذار الماضي، التي أودت بحياة عدد من المرضى المصابين بفيروس كورونا، بسبب انقطاع الأكسجين فيها.
واللافت في التسريبات، الإشارة إلى إبراهيم عوض الله في محادثات الرجلين بعبارة "No Lube".
ردود فعل مدروسة
تبدأ التسريبات المنسوبة للأمير حمزة والشريف بن زيد، والتي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، بتسجيل صوتي أرسله الأمير إلى بن زيد، بعد يوم من أحداث مستشفى السلط، أي بتاريخ 14 مارس، قال فيه: "القرارات تحتاج إلى ردود فعل مدروسة".
فيجيبه بن زيد، ناقلًا رسالة من عوض الله: "لا يمكن أن يقتصر العمل على كلمات، الأمر يحتاج للقيادة، فالأمور باتت واضحة الآن، وهذا هو زمن حمزة".
حينها، يقول الأمير إنه لن يتخذ أي خطوة، بل سيراقب وينتظر اللحظة المناسبة.
وتبدو العلاقة بين الأمير حمزة والشريف حسن، بحسب التسريبات المسربة التي تضمنت رسائل صوتية ونصية، وطيدة وشخصية، حيث تتخلل الاتصالات تفاصيل عن وجبات طعام ويوميات الطرفين. كما تظهر رسائل الشريف بن زيد طبيعة العلاقة التي تجمعه بعوض الله.
اللحظة المناسبة.. أحداث مستشفى السلط
عقب أحداث مستشفى السلط، أرسل بن زيد رسالة إلى الأمير قائلًا: "ما قلته لي بالأمس (حول انتظار اللحظة المناسبة) منطقي جدًا وأوافقك الرأي، وأنا متأكد من أن حادثة السلط لن تكون مشكلة فريدة، لأن الناس ضاق صدرها، وهذا يمكن أن يكون إشارة لبداية التحرك".
ويضيف الشريف بن زيد: لدي ثقة فيك وأنا معك مهما كان قرارك، وحاولت أخذ رأي آخر (في إشارة إلى عوض الله، بحسب ملاحظات مسجلة على المحضر المسرب لاتصالات الطرفين) لكن أظن أنه نائم، لذا القرار عندك.
وأظهر جانب من التسريبات، محادثة بتاريخ 15 مارس بين الشريف بن زيد وعوض الله، الذي اعتبر أن على الأمير حمزة التفكير جيدًا قبل التحدّث بأي شيء.
ويجيب الشريف حسن بن زيد: أنا من رأيك، لكن الأمير يفضّل ألا يبقى صامتًا، فالوضع يتفاقم "أسرع مما كنا نتوقع".
فيرد عوض الله: أظن أن ما قاله الأمير قبل عامين لا زال صداه موجودًا إلى الآن.
من ثم ينقل الشريف بن زيد المحادثة إلى الأمير حمزة ويقول له: أنا أوافق عوض الله بأن "الأمور تتسارع أكثر مما توقعنا"، وبقي 10 أيام حتى 24 مارس (ذكرى التحركات عام 2011 في الأردن تزامنًا مع الثورات العربية).
"يحاولون ليّ ذراعي"
وبعد ساعات، وأثناء إلقاء التحية وتبادل دعوات الغداء بين الشريف بن زيد والأمير حمزة، يقول الأخير: "أحتاج الآن إلى نصيحة حول أفضل طريقة للتحرك".
فيجيبه بن زيد: ممن تريد النصيحة؟ من عوض الله؟ قل لي متى تريد لقاءً معه؟
فيردّ الأمير: كما ترى هناك الكثير من النصائح وكلها مختلفة، وهذا ما يصعّب الأمور عليّ، لأن قرارًا كهذا يحتاج إلى ردود فعل مدروسة أو تكون مبنية على أساليب مدروسة.
ويشدد الشريف بن زيد على أنه "لا يجب الإنصات لأحد، بل عليك أن تكون عارفًا بما تريده". ويضيف: أريد أن أكررها لك، أنا وعوض الله متأكدان من أن "الوقت الحالي هو وقت حمزة".
ويسأل الشريف حسن إن كان الأمير حمزة يريد اجتماعًا مع عوض الله، فيجبيه الأخير بالنفي قائلًا: "المرسال عندي الآن، وأظن أنهم يحاولون ليّ ذراعي".
رائحة الخوف
في اليوم التالي لهذه المحادثة، أي في 16 مارس، يسأل الأمير حمزة الشريف بن زيد إن كان لديه وقت فراغ خلال نهاره، وبعد توضيح من الشريف بن زيد حول جدول أعماله، يقول: "أشم رائحة جميلة، هل هذا "نيبالم" (مادة مشتعلة) أم غاز؟".
فيجيب الأمير حمزة: لا أشم سوى "رائحة الخوف"، لكن دعنا نلتقي اليوم ونقوم بما تحدّثنا عنه بالأمس.
فيرد الشريف: "بالتأكيد يمكنني أن أرتّب لقاءً مع عوض الله، لكن فهمت منك بالأمس أنك غيّرت رأيك وتراجعت عن قرارك".
"لا أتراجع عن قراراتي"
ويرد الأمير حمزة بانفعال: "عن ماذا أتراجع يا رجل؟ أنا لم أتراجع عن قرار في أي يوم؛ أنا أراقب الآن في انتظار اللحظة المناسبة للقيام بالعمل الصحيح".
ويضيف: "عندما قلت لك بالأمس إنهم يحاولون ليّ ذراعي، كنت أقصد الضغط عليّ للتحرك في وقت أقرب بسبب التهديد الذي أتعرّض له، لكن مرّ عليّ "LC" وهدّأني، فوجدت أنني أمتلك المزيد من الوقت".
وفي 17 مارس، ينصح الشريف بن زيد الأمير حمزة: "لا يجب أن تفكّر بعاطفة، كل شخص لديه دور هنا، وعوض الله لا يعرف كيف يقوم بالموضوع، لهذا السبب أنا لم أسلّمه الملف لأنه ليس عسكريًا".
ويضيف: "قال لي عوض الله أن هذا الشخص (أي الملك عبد الله، بحسب ملاحظات الأوراق المسربة) لم يعد يملك مستقبلًا في البلاد، وهو يلتقط أنفاسه الأخيرة، لذا أتمنى أن يكون ما يحصل في التاج وإربد وعجلون والسلط هو بداية هذا الكلام".
ويتابع: "عليك أن تركب الموجة في أي وقت، لقد اقترب الموعد أكثر من أي وقت مضى، صدّقني".
تسريبات جديدة صادمة للأمير حمزة بن الحسين 👇#الأردن pic.twitter.com/Hveq4lbgMf
— أنا العربي - Ana Alaraby (@AnaAlarabytv) June 18, 2021
"زعزعة أمن البلاد واستقراره"
واتهمت الحكومة في الرابع من أبريل/ نيسان ولي العهد السابق الأمير حمزة (41 عامًا) وأشخاصًا آخرين بالضلوع في "مخططات آثمة" هدفها "زعزعة أمن البلاد واستقراره"، وأوقفت نحو 20 شخصًا.
ووجهت إلى عوض الله وحسن تهمتي جناية التحريض على مناهضة نظام الحكم السياسي القائم في المملكة بالاشتراك، وجناية القيام بأعمال من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وإحداث الفتنة، وتهمة حيازة مادة مخدرة بقصد تعاطيها وتعاطي المواد المخدرة.
وكان رئيس مجلس الأعيان الأردني فيصل الفايز قد أشار في وقت سابق إلى أن هذه القضية شهدت تحقيقًا أوليًا ومن ثم تحقيقًا جزائيًا من قبل النيابة العامة، لافتًا إلى أنّ الملك الأردني اطلع على كافة جوانب القضية قبل اتخاذ قراره.
وقال الأمير حمزة في رسالة نشرها الديوان الملكي في الخامس من أبريل: "أضع نفسي بين يديّ جلالة الملك، مؤكّدًا أنّني سأبقى على عهد الآباء والأجداد، وفيًا لإرثهم، سائرًا على دربهم، مخلصًا لمسيرتهم ورسالتهم ولجلالة الملك".
وأكد الملك عبد الله الثاني في السابع من أبريل في رسالة بثها التلفزيون الرسمي أن "الفتنة وئدت"، وأن "الأمير حمزة مع عائلته في قصره وتحت رعايتي".
ثم ظهر الملك مع شخصيات عدة بينها الأمير حمزة في 11 أبريل في احتفال في الذكرى المئوية لتأسيس الأردن.