أعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، أمس السبت، أنه من المهم الوصول إلى حلول مرضية في قضية "سد النهضة" الإثيوبي.
وجاء حديث لعمامرة خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري سامح شكري، بعد اجتماع عقد بينهما فور وصوله إلى القاهرة عقب زيارتين لإثيوبيا، الأربعاء، والسودان الجمعة لمدة يومين.
وتستمر زيارة الوزير الجزائري في القاهرة ليومين، يلتقي خلالهما إلى جانب الوزير المصري سامح شكري، عددًا من المسؤولين المصريين أبرزهم الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط للتباحث حول ملفات ذات الاهتمام، أبرزها ملف سد النهضة.
الوساطة الجزائرية
والسبت، كشفت وزيرة الخارجية السودانية مريم المهدي، التي التقاها لعمامرة قبل وصوله مصر، أن هناك مبادرة جزائرية تدعو إلى عقد لقاء مباشر بين أطراف السد لحل الخلافات، مؤكدة أن بلادها ترحب بها، وفق بيان لمجلس السيادة.
وتهدف إذًا جولة لعمامرة الإفريقية إلى عرض وساطة جزائرية بين جميع الأطراف تفتح أفاقًا جديدة للتفاوض.
وقال لعمامرة، خلال المؤتمر بعد وصوله إلى مصر، إن علاقات أطراف السد مصر وإثيوبيا والسودان "تمر بمرحلة دقيقة".
وأضاف أنه "من الأهمية الوصول لحلول مرضية لكل طرف، ما له من حقوق، وما يجب أن يتخذ من واجبات".
وأكد أن الجزائر "مهتمة بقضية السد، وحريصة ألا تعرض العلاقات العربية والإفريقية لمخاطر نحن في غنى عنها".
وأوضح لعمامرة، أنه استمع من أطراف السد إلى "معلومات وتطلعات"، وأشار إلى رغبة بلاده "في توفر الشروط والمناخ لأن تكون جزءًا من الحل في الملفات الوجودية التي تهم الأشقاء".
الموقف الإثيوبي واستكمال الملء الثاني
من جانبها، طالبت إثيوبيا الجزائر بلعب دورٍ بناءٍ "في تصحيح التصورات الخاطئة لجامعة الدول العربية بشأن سد النهضة"، وفقًا لوزير خارجية نائب رئيس الوزراء الإثيوبي.
أما السودان، فيجد أن الاتفاق القانوني الملزم لملء سد النهضة وتشغيله هو المخرج للأزمة بحسب وزيرة خارجيته، التي أملت "أن تعود إثيوبيا إلى رشدها في التعاطي مع الموقف السوداني بمسؤولية وإرادة".
وعقب الملء الثاني للسد في 19 يوليو/ تموز، دعت كل من الخرطوم والقاهرة أديس أبابا إلى العودة للتفاوض لإتمام اتفاق ملزم، دون إعلان من الدول الثلاث حتى الآن بشأن تلك الخطوة، رغم دعوة مجلس الأمن لها في 8 من الشهر نفسه للعودة إلى المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الإفريقي.
وفي ظل كل هذه التطورات، يعتبر البعض أن جولة وزير الخارجية الجزائري محاولة إثيوبية للتمسك بإبقاء الوساطة بيد الاتحاد الافريقي، في ظل انتقادات دولية لفشل الاتحاد في التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث.
"إثيوبيا قلقة من موقف الدول العربية"
ومن بروكسل، يتحدث وليد درويش المستشار السابق في المفوضية الأوروبية لـ"العربي" عن أبرز التطورات في ملف سد النهضة والنقاط اللافتة في كلمة وزير الخارجية الجزائري أثناء زيارته إلى القاهرة.
ويرى درويش أن إثيوبيا "قلقة من موقف الدول العربية مجتمعة ومن ما وصلت إليها من قرارات في جامعة الدول العربية"، لا سيما أن إثيوبيا تعتمد بشكل كبير على الاستثمارات العربية الخليجية في كل مشاريعها المتعلقة بسد النهضة.
ويقول المستشار السابق بالمفوضية الأوروبية، إن الدول العربية مجتمعة لديها القدرة على أن تمارس ضغطًا على دول أخرى لتقليل استثماراتها في إثيوبيا، والأخيرة بحسب درويش تريد أن تبدو متعاونة في الملف التفاوضي بالرغم من تعتنها.
وفي الوقت عينه تسعى إلى أن تحرك الملف بشكل "يبدو أفضل" كي لا تتعرض لضغوط دولية وعربية.
تحريك جديد للأمور
أما عن دور العمامرة، فيقول درويش إن وزير الخارجية الجزائري "رجل سياسي محنك وصاحب خبرة في السياسة الإفريقية واجتماعه المطول مع المفوض العام للقضايا السياسية والأمن الإفريقي قبل أن يستهل جولته الإفريقية يؤكد أن الجزائر ستضع ثقلها لاستخلاص حل ضمن الإطار الإفريقي".
ويردف درويش:" وجود شخصية كالعمامرة يزيد من إمكانية التوصل إلى تحريك جديد للأمور"، إنما استبعد التوصل إلى حل جذري من خلال الوساطة الجزائرية.