لا صوت يعلو على صوت المَدافع في أفغانستان، حيث لا تهدأ المعارك التي تخوضها الدولة وطالبان لترسيخ وجودهما، فيما خريطة السيطرة في تغيّر مستمرّ.
وفي هذا السياق، أفاد مراسل "العربي" بوقوع انفجار في مخيم سراي الشمالي للنازحين في العاصمة الأفغانية كابل.
في غضون ذلك، سيطرت حركة طالبان على مدينة أيباك عاصمة ولاية سمنغان، كما هاجم مقاتلو الحركة مدينة مزار شريف أكبر المدن الأفغانية في الشمال حيث دارت معارك عنيفة على أطراف المدينة.
وباتت طالبان تسيطر على ست من عواصم الولايات الأفغانية البالغ عددها 34 بعد أن استولت السبت على شبرغان والجمعة على زرنج عاصمة ولاية نيمروز البعيدة في جنوب غرب البلاد على الحدود مع ايران.
وفاجأت سرعة تقدم طالبان قوات الأمن الأفغانية على الرغم من المساعدة التي تلقتها من القوات الجوية الأميركية.
خليل زاد يتوجه إلى الدوحة
في هذه الأثناء، أعلنت الخارجية الأميركية الإثنين أن المبعوث الأميركي الخاص الى أفغانستان زلماي خليل زاد يعتزم إجراء محادثات في الدوحة هذا الأسبوع من أجل "الضغط على طالبان لوقف هجومها العسكري"، وذلك بعد استيلاء الحركة على ست عواصم ولايات أفغانية.
وأضافت الخارجية في بيان: "سيتوجه السفير خليل زاد الى الدوحة للمساعدة في صياغة استجابة دولية مشتركة للوضع المتدهور بسرعة في أفغانستان".
وقال البيان: "إن الوتيرة المتزايدة للعمل العسكري لطالبان الذي نتج عنه سقوط إصابات في صفوف المدنيين في هذا النزاع المسلح بين الطرفين، والفظائع المزعومة لانتهاكات حقوق الإنسان، يشكلان مصدر قلق بالغ".
وأكد أن "التفاوض على حل سلمي هو السبيل الوحيد لإنهاء الحرب".
واشنطن "قلقة" من تدهور الوضع الأمني
وتصاعدت حدة القتال في أفغانستان بشكل كبير منذ مايو/ أيار عندما بدأ التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة المرحلة الأخيرة من سحب قواته المقرر أن تستكمل قبل نهاية الشهر الجاري.
وعبّرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن قلق الولايات المتحدة من تدهور الوضع الأمني في أفغانستان، مؤكدة تقدم حركة طالبان في البلاد.
وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي في إيجاز صحافي: "لا أحد ينكر تقدم قوات طالبان"، مشيرًا إلى أنّ الوضع الأمني في أفغانستان لا يسير في الاتجاه الصحيح حاليًا.
واعتبر المتحدث باسم البنتاغون أنّ سقوط 5 مراكز ولايات بأيدي طالبان خلال الساعات الـ72 الماضية "أمر مقلق للغاية".
هل تتدخل واشنطن في مجريات الأمور؟
وبحسب مراسل "العربي" في واشنطن زيد بنيامين، هناك قلق عميق في الولايات المتحدة من تطورات الوضع الأمني في أفغانستان.
لكنّه يشير إلى أنّ المسؤولين الأميركيين يؤكدون أنّ الولايات المتحدة تركّز على إتمام انسحابها من أفغانستان ولن تتدخل في مجريات الأمور العسكرية.
ويلفت إلى أنّ المتحدث باسم البنتاغون يقول: إنّ القوات الأفغانية تتفوق عدديًا على عناصر طالبان، وهي تمتلك قوات جوية لا تملكها طالبان، وبالتالي لا يوجد مبرّر لما يوصف في واشنطن بتراجع معنويات مقاتلي الحكومة الأفغانية.
ويخلص إلى أنّ منهج الولايات المتحدة لن يتغير في التعامل مع أفغانستان حتى إتمام الانسحاب نهاية الشهر الجاري، حتى إنّ كيربي لم يتطرق فعليًا إذا ما كانت الولايات المتحدة ستملك صلاحيات لتوجيه ضربات جوية في أفغانستان بعد هذا الموعد.
واشنطن تخرق اتفاق الدوحة
من جهته، يتحدّث رئيس مركز أفغانستان للدراسات والإعلام فضل الهادي وزين عن عدّة أسباب للانهيار الذي تشهده القوات الأمنية الأفغانية، أولها الضعف بالقيادة السياسية، إضافة إلى ضعف معنويات الجيش والقوات الأمنية.
ويوضح وزين، في حديث إلى "العربي"، من أنقرة، أنّ الحكومة منقسمة على نفسها ومتورطة بالفساد، كما أنّ الرئيس أشرف غني جمع كل السلطات بيده، والبرلمان سُلِبت منه الكثير من الصلاحيات.
ويلفت إلى وجود ما يصفها بـ"الزمرة الحاكمة" عبارة عن ثلاثة أو أربعة أشخاص جمعوا أغلب الصلاحيات بأيديهم.
ويشير إلى أنّ الحكومة لا تستطيع تلبية الاحتياجات اللوجستية للقوات الأمنية، لا سيما مع اتساع رقعة الحرب في أفغانستان.
ويعتبر أنّ ما صرّح به المتحدّث باسم البنتاغون جون كيربي هو للاستهلاك المحلي، لا سيما أنّ الوقائع تثبت خلاف كلامه، لافتًا إلى أنّ الولايات المتحدة بقصفها للأراضي الأفغانية بقاذفات B52 تخرق اتفاق الدوحة وتخالف جميع القوانين الدولية.