بعد مغادرة جبهات القتال، ينزل قادة طالبان إلى أرض السياسة لمخاطبة العالم والأفغان. وتبدو الحركة هذه المرة راغبة في إسماع صوتها للجميع.
كما تبدو طالبان أحرص على الصورة التي تقدم بها نفسها، فهي الآن محل اختبار.
المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد قال في أول مؤتمر صحافي للحركة كلامًا كثيرًا عن النهج الذي تغير، وعن العداوات التي يجب أن تُطوى وعن رؤية طالبان لتدبير شأن الحكم وشؤون الحريات.
وقبل أيام دخلت الحركة كابل من دون قتال. وهي تقول إنها بعد ذلك لن تستعدي الخارج ولن تُرهب الداخل.
ويُفهم من حديث قادة الحركة أن طالبان عادت لتحكم بصورة أخرى، وقد تقبل بالشراكة في السلطة.
صفحة جديدة
الباحث السياسي روح الله عمر يشير إلى أن الرسائل التي وجهتها طالبان خلال مؤتمر المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد كانت "إيجابية جدًا"، لافتًا إلى أن الحركة فتحت صفحة جديدة وطوت القديمة.
ويرى في حديث لـ"العربي" من أفغانستان أن رسالة الحركة بالنسبة لحقوق المرأة عبر السماح لها بالتعليم والعمل في مختلف المجالات ضمن أطر الشريعة "تحول إيجابي كبير".
ويشدد على أن العفو الشامل الذي أعلنته طالبان لم تشهده أفغانستان منذ سنوات.
كما تحدث عمر عن طمأنة الحركة للصحفيين بأنها لن تتعرض لهم، واصفًا الأمر بأنه "تحول إيجابي آخر".
الامتناع عن أي أعمال انتقامية
أستاذ العلوم السياسية في جامعة جون هوبكنز إدوارد جوزيف يتحدث عن ذهول أصاب الإدارة الأميركية جراء انهيار الجيش الأفغاني، معتبرًا أن هذا الجيش لم يكن يملك الثقة بتفوقه وقوته.
وقال جوزيف من واشنطن :"إن كانت طالبان تريد من الناس أن يصدقوا أنها تغيرت حقًا، عندها عليها الامتناع عن أي أعمال انتقامية".
ويرى أن مسألة تعاطي واشنطن مع طالبان ستتوقف على أفعال الحركة، وأشار في هذا الإطار إلى الشروط التي وضعها وزيرالخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، وهي احترام حقوق المواطنين بينها حقوق النساء، وعدم السماح لأن تكون البلاد ملاذًا للإرهاب مرة أخرى.
ويقول إن طالبان تحت ضغوط اقتصادية كبيرة في ظل تهاوي العملة الأفغانية، لافتًا إلى أنها لن تتلقى المعونات الاقتصادية التي كانت معتادة في السابق.
الموقف الأوروبي تجاه طالبان
ويعتبر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف حسن عبيدي أن الاتجاه الأوروبي العام تجاه التطورات في أفغانستان هو انتظار السياسات التي ستتخذها طالبان.
ويشير إلى أن العديد من الدول الأوروبية تعتبر طالبان "إرهابية، لافتًا إلى أن هذا الأمر يعتبر مشكلة في عملية التعامل السياسي مع الحركة.
ويتحدث عبيدي عن الموقف الفرنسي من هذا الملف، معتبرًا أنه موقف تقليدي أكثر تشددًا، "لكن هذا لا يعني أن فرنسا لا تراجع حساباتها وأنها مستعدة للتعاون إذا أبدت طالبان رغبة في هذا الأمر".