على حين غفلة من العالم، ودون مقدّمات، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن تحوّل استراتيجيّ، من البيت الأبيض، وإلى جانبيه على الشاشات رئيس الوزراء البريطاني ونظيره الأسترالي.
وفي التفاصيل، أعلنت واشنطن تشكيل تحالف أمني استراتيجي في منطقة المحيطين الهندي والهادي، يضمّ كلًا من الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، ويهدّد بتقويض الطموحات الصينية.
وفيما سارعت بكين إلى الرد، محذرة من أنّ المشروع الجديد يزعزع بشكل خطير السلام والاستقرار الإقليميَّين، فقد أثار الاتفاق أيضًا استياء فرنسا خصوصًا بسبب إلغاء كانبيرا صفقة شراء غواصات من باريس كان قد تم الاتفاق بشأنها في وقت سابق.
وبين الخفيّ والمُعلَن الذي تكشف مثل هذه التحالفات الجديدة عن بعضه، يستمرّ الغموض عنوان منطقة ملتهبة، تخبئ في باطنها صراعًا متواريًا قد لا يبقى كذلك زمنًا طويلًا.
أستراليا "الرابح الأكبر"
للوهلة الأولى يظهر أنّ عين واشنطن على الصين، فيما تعتبره بريطانيا نصرًا دبلوماسيًا كبيرًا يجنّبها عزلة دولية بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
ويهدف المشروع في الباطن إلى لجم الطموحات الإقليمية لبكين ووجوب حماية المصالح المشتركة هناك والاستثمار في التحالفات.
لكنّ سباق الكبار هذا جعل أستراليا الرابح الأكبر، فقد حصلت على أسطول من الغواصات التي تعمل بالدفع النووي، تشاركها أميركا لأول مرة مع دولة أخرى غير بريطانيا، فضلًا عن صواريخ كروز أميركية من طراز توماهوك.
"أكبر الخاسرين"
وتبقى فرنسا أكبر الخاسرين بعد أن طارت من بين أيديها صفقة القرن كما أسمتها، حيث كانت تقدَّر بحوالي 90 مليار دولار أميركي.
وقالت إنّ بايدن سحق الحلفاء وسلك طريق سلفه دونالد ترمب في اتخاذ القرارات الفردية، ما تسبّب في الضرر لها، مع فسخ أستراليا عقد شراء الغواصات الفرنسية، وهو ما وصفه وزير الخارجية الفرنسي بالخيانة والطعنة في الظهر.
أما الصين فوصفت على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تعاون الغواصات الثلاثي بأنه يزعزع بشكل خطر السلام والاستقرار الإقليميين ويكثّف سباق التسلح النووي.
هل يتعزّز التحالف؟
ويرى خبير العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية حسن المومني أن ما حصل تطور آخر في سياق ما يسمى بالنزعة التغييرية التي تعصف بالعالم.
ويشير المومني، في حديث إلى "العربي"، من عمّان، إلى وجود حالة تنافسية ما بين قوى صاعدة على رأسها الصين وقوى تريد أن تحافظ على الوضع الراهن، وفي مقدمها الولايات المتحدة والمعسكر الغربي.
ويلفت إلى أنّ احتواء الصين أولوية في هذا الجانب وهو يتطلب استراتيجيات متنوعة من بينها إقامة التحالفات بين القوى المختلفة.
ويعتبر أنّ أستراليا قد تكون الدولة الأكثر خوفًا من الصعود الصيني وهي الآن ستنضم إلى النادي النووي.
ويخلص إلى أنّ هذا سيدفع الصين ربما لاتخاذ خطوات أخرى وقد نشهد سباق تسلح في هذا الأمر. ويرجّح أن يتعزز هذا التحالف وقد يشمل أطرافًا أخرى.