تواصلت الولايات المتحدة دبلوماسيًا مع الصين من أجل خفض مشترياتها من النفط الخام الإيراني، بحسب ما ذكر مسؤولون أميركيون وأوروبيون أمس الثلاثاء، في وقت تسعى فيه واشنطن لإقناع طهران باستئناف المحادثات الرامية لإحياء الاتفاق النووي.
وثمة اعتقاد بأن شراء الشركات الصينية للنفط الإيراني ساعد اقتصاد الجمهورية الإسلامية على الصمود في مواجهة العقوبات الأميركية التي تستهدف وقف هذه المبيعات للضغط على طهران كي تحد من برنامجها النووي.
وقال مسؤول أميركي لوكالة "رويترز": "نحن على علم بمشتريات الشركات الصينية من النفط الإيراني".
وأوضح: "نستخدم عقوباتنا للرد على التهرب من العقوبات المفروضة على إيران، بما في ذلك من يتعاملون مع الصين، وسنواصل فعل ذلك إذا لزم الأمر".
وأضاف: "غير أننا نتواصل دبلوماسيًا بشأن ذلك مع الصينيين في إطار حوارنا بخصوص السياسة المتعلقة بإيران وأعتقد بشكل عام أن هذا مسار أكثر فعالية للتصدي لهذه المخاوف".
وفي إطار آخر، قال مسؤول أوروبي: إن هذه إحدى القضايا التي أثارتها ويندي شيرمان نائبة وزير الخارجية الأميركي، عندما زارت الصين في أواخر يوليو/ تموز الماضي.
ونقلت "رويترز" عن المسؤول قوله: "الصين تحمي إيران"، لافتًا إلى أن واحدة من القضايا الرئيسية بالنسبة للغرب، هي حجم النفط الذي تشتريه بكين من طهران.
وتقدر شركة "كبلر" لتحليلات السلع، بأن واردات النفط الصينية من إيران بلغت في المتوسط 553 ألف برميل يوميًا منذ بداية العام حتى أغسطس/ آب.
ولم تتضح بعد كيفية رد الصين على الجانب الأميركي، إذ تراجعت العلاقات الصينية الأميركية إلى أدنى مستوى لها في عقود هذا العام، في ظل عدم تحقيق تقدم يذكر بشأن قضايا تتراوح من حقوق الإنسان إلى الشفافية بخصوص منشأ فيروس كورونا.
وفي مؤتمر صحفي في 24 سبتمبر/ أيلول، ألقى متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية بالمسؤولية على الولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي.
وقال: "لأن الولايات المتحدة هي التي بدأت الجولة الجديدة من التوتر في المسألة النووية الإيرانية، فلا بد لها من تصحيح سياستها الخاطئة المتمثلة في ممارسة الضغوط القصوى على إيران ورفع جميع العقوبات غير القانونية المفروضة على طهران والولاية القضائية عن أطراف ثالثة والعمل على استئناف المفاوضات وتحقيق نتائج سريعًا".
"الضغط على إيران"
وفي يونيو/ حزيران الماضي، تم إرجاء المحادثات الأميركية الإيرانية غير المباشرة بشأن إحياء الاتفاق المبرم عام 2015، التي بدأت في أبريل/ نيسان، بعد يومين من انتخاب إبراهيم رئيسي رئيسًا جديدًا لإيران، ليحل محل حسن روحاني الذي تفاوضت إدارته على الاتفاق.
ووافقت إيران بموجب الاتفاق على الحد من برنامجها لتخصيب اليورانيوم، وهو سبيل محتمل لتطوير مادة انشطارية لصنع سلاح نووي، مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب قد انسحب من الاتفاق عام 2018 وفرض عقوبات اقتصادية شلت الاقتصاد الإيراني، لكن طهران واصلت مبيعات النفط المحظورة للعملاء، ومن بينهم شركات صينية.
وبعد انتظار لنحو عام، ردت إيران على انسحاب ترمب من الاتفاق بممارسة أنشطة نووية وافقت على الحد منها بموجب الاتفاق، الذي يُعرف رسميًا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة".
ومنذ فترة، قال الرئيس الأميركي جو بايدن، إنه يضع "الدبلوماسية أولاً" مع إيران، لكنه أكد استعداده للتحول إلى خيارات أخرى لم يحددها في حال فشلت المفاوضات.
في غضون ذلك، أشار مسؤول بالرئاسة الفرنسية الثلاثاء، إلى أنه يتعين على إيران استئناف محادثات فيينا من أجل تجنب تصعيد دبلوماسي يمكن أن يقوض المفاوضات.
وقال المسؤول: "ينبغي لنا في هذه المرحلة البقاء على اتصال وثيق... مع جميع أطراف خطة العمل الشاملة المشتركة بمن فيهم الروس والصينيون".
وأضاف: "نتوقع على الأخص أن يعبّر الصينيون عن أنفسهم ويتصرفوا بطريقة أكثر حزمًا. يتعين علينا ممارسة الضغط على إيران، فهو لا غنى عنه".
من جهته، أعلن وزير الخارجية الإيرانية أمير عبد اللهيان يوم الجمعة الماضي، عودة بلاده للمحادثات "قريبًا جدًا"، لكنه لم يعطِ موعدًا محددًا.