سمح لسفراء غربيون لدى الخرطوم بلقاء رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، في مقر إقامته التي تشبه نوعًا ما من الإقامة الجبرية، والذي أكد التزامه بالتحول الديمقراطي في البلاد، في وقت بات فيه الجيش السوداني أمام شبح العزلة الدولية وفرض عقوبات جديدة على السودان، عقب قرارات مفاجئة اتخذها قائد الجيش، الفريق عبد الفتاح البرهان وصفت بـ "الانقلاب".
وأكدت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، عبر حسابها بـ"تويتر"، أن رئيسها فولكر بيرتس وسفراء ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والنرويج والاتحاد الأوروبي والقائم بالأعمال الأميركي التقوا حمدوك في مقر إقامته بالخرطوم أمس الأربعاء.
ودعت البعثة إلى الاستعادة الكاملة لحرية حمدوك، في وقت علّق على اللقاء، ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، بقوله: إن بيرتس التقى حمدوك "حيث يقيم حاليًا في مكان يحيط به الحرس".
وأضاف دوجاريك، خلال مؤتمر صحافي: "نريد أن نرى إطلاق سراح كامل لحمدوك. هو لا يزال تحت نوع ما من الإقامة الجبرية، ولم يطلق سراحه بشكل كامل. حمدوك لا يملك حرية الحركة، وينبغي أن يتمتع بها".
وعقب اللقاء نقلت وكالة رويترز عن مصدر مقرب من حمدوك قوله: إنه "لا يزال ملتزمًا بالتحول المدني الديمقراطي في البلاد، وشدّد أيضًا على التزامه بأهداف الثورة المناهضة للرئيس السابق عمر البشير عام 2019، محذرًا من استخدام العنف ضد المحتجين".
ولفت حمدوك إلى أن "التراجع عن المسار الديمقراطي هو تهديد للأمن والاستقرار في السودان".
"منجيات البرهان"
واتخذ البرهان خطوة جديدة شملت إعفاء 6 سفراء للسودان من مناصبهم، أكدوا رفضهم لقرارات البرهان الأخيرة؛ ووصفوا ما حدث بـ"الانقلاب الغاشم".
وشمل قرر الإعفاء سفراء السودان لدى الولايات المتحدة نور الدين ساتي، والصين جعفر كرار، وفرنسا عمر بشير مانيس، وبلجيكا والاتحاد الأوروبي عبد الرحيم أحمد خليل، وسويسرا ومكتب الأمم المتحدة بجنيف علي بن أبي طالب عبد الرحمن، وقطر عبد الرحيم صديق.
وفي هذا السياق، اعتبر خالد الفكي وهو صحافي سوداني، أن "إجراء إعفاء السفراء هو أمر طبيعي في ظل إجراءات البرهان لتصحيح مسار الثورة كما يقول"، مرجحًا لمزيد من الإجراءات بحق السفراء.
وأضاف الفكي، في حديث إلى "العربي" من الخرطوم، أن المجتمع الدولي ينظر إلى ما حدث في السودان بأنه انقلاب كامل من قبل البرهان.
وأمام حالة الترقب التي قد يقدم عليها المجتمع الدولي كنوع من الضغط على الجيش السوداني، رأى الفكي أن كل المواقف الدولية تبنى على المواقف الإقليمية "وأقصد هنا الاتحاد الإفريقي"، واستدرك قائلًا: وهو ما يصب في احتمال فرض مزيد من العقوبات الدولية على السودان من قبل مجلس الأمن.
وقال: إن الحفاظ على حقوق الإنسان والبعد عن الانتهاكات؛ هي الخارطة التي يمكن أن يتبعها البرهان للخروج من المأزق الحاصل بالبلاد، وكذلك تشكيل حكومة مدنية بأسرع وقت، مما ربما يعطل فرض عقوبات على البلاد.
وزاد الفكي بالقول: "إن استكمال هياكل الفترة الانتقالية وإعادة المواد التي انتزعها البرهان وتفعيل الشراكة، ربما تكون بمثابة مساعدة للبرهان للخروج من العزلة الدولية.
وفجر الإثنين، اعتقل الجيش السوداني قيادات حزبية ووزراء وحمدوك وزوجته (أطلق سراحهما الثلاثاء)، وأعلن البرهان حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وتعهد بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة، كما أعلن حالة الطوارئ وإقالة الولاة وعدم الالتزام ببعض بنود الوثيقة الدستورية الخاصة بإدارة المرحلة الانتقالية.
ورفضًا لما أقدم عليه الجيش، قرر الاتحاد الإفريقي، أمس الأربعاء، تعليق مشاركة السودان في أنشطه، وجمد البنك الدولي مساعداته للبلاد، ودعت دول ومنظمات إقليمية ودولية إلى ضرورة استكمال عملية الانتقال الديمقراطي.
وقبل إجراءات البرهان، كان السودان يعيش، منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر 53 شهرًا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام عام 2020.