ربط تحقيق استقصائي لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية بين اغتيال رئيس هايتي جوفينيل مويز في يوليو/ تموز الماضي بوثيقة كان قد أعدّها تشمل أسماء عدد من المسؤولين ورجال الأعمال المرتبطين بتجارة المخدرات في بلاده.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين حكوميين في هايتي، كانوا مكلّفين بصياغة الوثيقة، قولهم: إن مويز كان يعتزم تزويد الحكومة الأميركية بأسماء هؤلاء المتورّطين.
وأضاف هؤلاء أن مويز أمرهم بعدم إغفال أي متورّط، وحتى السياسيين الذين ساعدوه في الوصول إلى منصبه، الأمر الذي يُمكن أن يكون مؤشرًا إلى أسباب الاغتيال.
الوثيقة أولوية قصوى
وفي أول مقابلة لها، ذكرت مارتين مويز، أرملة الرئيس التي ادعت أنها ميتة لدى دخول المسلّحين إلى غرفة نومهم وقتلوا زوجها، أن المسلّحين فتّشوا الغرفة بحثُا عن الملفات، إلى أن قال أحدهم: "هذه هي"، مشيرة إلى أنها لا تعرف ما الذي أخذه المسلحون.
واعتقلت السلطات في هايتي 45 شخصًا، لكنها لم توجه اتهامات لأي شخص بارتكاب الجريمة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين هايتيين رفيعي المستوى، على دراية بالتحقيق، قولهم إن بعض الذين تمّ القبض عليهم اعترفوا بأن استعادة القائمة بأسماء مهرّبي المخدرات المشتبه بهم كانت أولوية قصوى.
وقال أحد مساعدي الرئيس الراحل إن الوثيقة "كانت جزءًا من سلسلة أوسع من الاشتباكات التي خاضها مويز مع شخصيات سياسية وتجارية قوية، وبعضهم يشتبه في تهريبهم المخدرات والأسلحة"، مضيفًا أن موزي كان يعرف "العديد منهم منذ سنوات، وأنهم شعروا بالخيانة بسبب الوثيقة".
ووفقًا للصحيفة، في الأشهر التي سبقت وفاته اتخذ مويز خطوات لتنظيف إدارة الجمارك في هايتي، وتأميم ميناء بحري ذي تاريخ من التهريب، وتدمير مهبط للطائرات يستخدمه تجار المخدرات، والتحقيق في تجارة ثعبان السمك المربحة، والتي تمّ تحديدها مؤخرًا على أنها وسيلة لغسيل الأموال.
وأجرت الصحيفة مقابلات مع أكثر من 70 شخصًا في ثماني مقاطعات أو ولايات في هايتي من أصل 10 لإجراء مقابلات مع سياسيين وأصدقاء طفولة للرئيس الراحل، وضباط شرطة وصيادين ومشاركين في تجارة المخدرات لفهم ما حدث في الأشهر السبعة الأخيرة من حياة الرئيس التي ربما ساهمت في وفاته.
وأشارت الصحيفة إلى أن كثيرًا من هؤلاء يخشى على حياته.
مشتبه بهم دوليون
وقال دانيال فوت، الذي شغل منصب المبعوث الأميركي الخاص إلى هايتي قبل أن يتنحى الشهر الماضي: "سأكون أحمق إذا اعتقدت أن تهريب المخدرات وتهريب الأسلحة لم يلعبوا دورًا في الاغتيال".
بينما قال اثنان من المسؤولين الهايتيين المكلّفين بالمساعدة في صياغة الوثيقة: إن الشخصية المركزية في قائمة مويز كان تشارلز سان ريمي، المعروف باسم "كيكو"، والذي لطالما اشتبهت إدارة مكافحة المخدرات في الولايات المتحدة في تورّطه بتجارة المخدرات.
وذكرت الصحيفة أن المسؤولين الأميركيين يبحثون عن كثب في أن جهود مويز لتعطيل تجارة المخدرات وتحدّي العائلات القوية كانت دوافع في الاغتيال، مضيفة أن الأميركيين لاحظوا أن ريمي ظهر كمشتبه به محتمل في وقت مبكر من التحقيق، لكنهم أشاروا أيضًا إلى أن مويز كان مصدر تهديد للعديد من النخبة الاقتصادية، بما في ذلك عدد من الأشخاص الذين تربطهم صلات إجرامية عميقة.
وأبدى المسؤولون الأميركيون خشيتهم من أن التحقيق في مقتل مويز قد توقف، وأنه إذا لم يتم كشف سبب الاغتيال، فإن العديد من الهايتيين يخشون من أن تنضمّ القضية إلى مجموعة من القضايا التي تندرج في إطار سياسة الإفلات من العقاب، الأمر الذي يزيد جرأة الشبكات الإجرامية التي استولت على الدولة.
تورّط رجال شرطة ومخبرين لواشنطن
وقال المسؤولون الأميركيون: إن أجهزة إنفاذ القانون الأميركية "غير قادرة" على إدارة برنامج للتنصّت على المكالمات الهاتفية في البلاد، أو حتى التعاون بشكل كامل مع نظرائها الهايتيين، لأن الفساد في الشرطة والقضاء متأصّل.
وقال كومبير دانيال، مفوض الشرطة في المقاطعة الشمالية الغربية لهايتي، وهو ممر رئيس لتهريب المخدرات لصحيفة "نيويورك تايمز": "أي شخص متورّط في تهريب المخدرات هنا، لديه على الأقل ضابط شرطة واحد في فريقه".
كما تعرّضت إدارة مكافحة المخدرات الأميركية لانتقادات بعدما تبيّن أن اثنين على الأقل من المشتبه في تورّطهم باغتيال رئيس هايتي، قد عملوا سابقًا مخبرين لديها.