فيما ينتظر العالم بأسره لقاحات كورونا "الواعدة"، عساها تنجح في إنقاذه من "الكابوس" الذي قلب حياة سكّانه رأساً على عقب، تعوّل عليها قطاعاتٌ أخرى لعلّها تُسهِم في تعافيها من الأضرار التي نجمت عن الوباء، خصوصاً على المستوى الاقتصادي.
يتقدّم هذه القطاعات قطاع الطيران الذي تضرّر بشدّة من الجائحة، مع تقلّص حركة السفر حول العالم إلى مستوياتها الدُنيا خلال العام الماضي، الأمر الذي عزّزته إجراءات الإقفال والعزل التي اتّخذتها العديد من دول العالم في محاولةٍ لمواجهة الوباء.
لكنّ هذه الشركات تستعدّ اليوم للعب أدوارٍ أساسيّة على خطّ اللقاحات، من خلال شحنها وتوزيعها، ما يبشّر بإعطاء دفعة فوريّة لقطاع الطيران بشكل عام ولتعافيه ونجاته من الأزمة، بحسب ما يقول خبراء، وفقاً لتقريرٍ نشرته وكالة "رويترز".
تحديات ضخمة
وبحسب التقرير، هناك تحديات ضخمة أمام شركات الطيران التي ستتولى النقل الجوي وأمام شركات الأدوية والإمدادات اللوجستية والحكومات والوكالات الدولية التي تخطط حالياً لنشر اللقاحات عبر شبكات تعاني كلها من أثر الجائحة.
ويقول خبراء إن الجهود الهائلة لنقل اللقاح من شأنها أن تساعد شركات الطيران التي ستنفذها على تقليص خسائرها بسبب الأزمة، وستأتي كذلك بفوائد إضافية للقطاع بشكل عام من خلال دعم تسعير عمليات الشحن وعائداتها واستعادة المسارات الجوية التي توقفت.
وتقول مديرة اللقاحات في منظمة الصحة العالمية كيت أوبراين إن تطوير اللقاحات في وقت قياسي كان الجزء السهل من المهمة، مشيرةً إلى أن ما تحقق حتى الآن هو البداية فحسب. وتشير إلى أنّ إيصال تلك اللقاحات أساسيّ "للوصول للهدف النهائيّ".
شركات تتأهّب
ووفقاً للتقرير، فإنّ الشركات التي تتأهب لتكون لها أدوار كبرى في هذا الصدد هي شركات الطيران المتخصصة في الشحن وتلك التي لها أذرع كبيرة في مجال الشحن مثل "لوفتهانزا" الألمانية، و"إير فرانس - كيه. إل. إم"، و"كاثاي باسيفيك" ومقرها هونغ كونغ. وعادة ما يجرى التعاقد معها من قبل شركات شحن كبرى مثل "يو. بي. إس" و"فيدكس" و"دي. إتش. إل".
إلا أنّ الاستفادة لن تكون حكراً على هذه الشركات، بل ستصل إلى شركات في الشرق الأوسط تضرّرت من انهيار الطلب على رحلات الركاب الطويلة، مثل الخطوط الجوية القطرية وشركة طيران الإمارات والخطوط الجوية التركية. وسيكون بمقدورها الآن الاستفادة من مراكز عملياتها التي تُستخدم كنقاط للربط بين أنحاء مختلفة من العالم.
وبدأت الخطوط التركية بالفعل في نقل لقاح شركة "سينوفاك" الصينية إلى البرازيل، كما عززت شركات طيران أخرى قدرتها على التخزين في درجات حرارة منخفضة بشدة لتتمكن من نقل اللقاحات.
مخاطر تتعلق بالسمعة
في المقابل، مراقبون أن شركات الشحن الجوي قد تواجه مخاطر تتعلق بسمعتها العالمية إذا استغلت نفوذها الحالي لفرض الأسعار حيث سينظر إليها على أنها تتربح وتستغل الفرصة.
من جهته، يحذر الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، الذي يمثل 290 شركة طيران، من أن نقل اللقاحات سيتضرر ما لم يتم تخفيف قيود السفر والحجر الصحي التي يعارضها الاتحاد منذ فترة طويلة. ويقول مدير الشحن في "إياتا" جلين هيوز، إنّ "هناك أجزاء من العالم لا تكون لديها عمليات شحن جوي طالما كانت شبكات نقل الركاب متوقفة".
يذكر أنّ العام 2020 يصنَّف على أنّه "أسوأ عام" شهده قطاع الطيران على الإطلاق، بعدما قدّر الاتحاد الدولي، الشهر الماضي، أن تتراجع إيراداته مع حلول نهاية العام بنسبة تفوق 60 في المئة، مقارنة بالعام 2019 لتبلغ 328 مليار دولار، مقابل خسائر "صافية" وصلت إلى 118.5 مليار دولار.
وأجبرت القيود على السفر التي فرضت في الموجة الأولى من الوباء العديد من شركات الطيران على وقف حركة أساطيل بأكملها. وتدخلت العديد من الحكومات لتقدّم أشكالاً مختلفة من الدعم كالقروض أو ضخ النقود ودعم الموظفين الذين أجبروا على التوقف عن العمل.