Skip to main content

شهداء ودمار وخراب.. لبنانيون يتفقدون ما خلفه العدوان الإسرائيلي

منذ 6 ساعات
تعرضت مدينة صور الساحلية في جنوب لبنان، لجولات من الغارات منذ فجر الإثنين- رويترز

فقد علي كنعان والدته وزوجة أخيه وأبناء شقيقيه الأطفال خلال فترة قصيرة بغارة إسرائيلية على قرية نائية في بعلبك في شرق لبنان أمس الإثنين، بعد يوم دام استشهد فيه سبعون شخصًا على الأقل جراء غارات هي الأعنف على المنطقة.

على أطلال منزل والدته وقف كنعان حزينًا. سويّ المنزل الواقع وسط سهل زراعي، بالأرض. ولم تبق منه إلا حجارة وحديد بعد القصف الإسرائيلي الذي استهدف قرية العلّاق مساء الإثنين، وأسفر عن استشهاد 16 شخصًا، وفق وزارة الصحة.

ويقول كنعان "حصلت مجزرة هنا". ويروي أنّ الغارات بدأت قبيل الساعة السابعة مساء حين "قصفوا منزلًا عند مدخل القرية وسقط فيه شهداء".

حينها، توجّه أشقاؤه إلى المنزل المستهدف للمساعدة في عملية الإنقاذ. بعد نصف ساعة فقط، "قصفوا منزلنا، توفيت والدتي وزوجة أخي وابن أخي البالغ من العمر ستّ سنوات، وابنة أخي البالغة عامًا واحدًا، وابن أخي الثاني الذي يبلغ من العمر سبع سنوات، والفتاة التي كانت تعاون والدتي في المنزل".

ويضيف الرجل: "هذا منزل مدنيين، فيه أطفال ونساء (...)، ولا شيء حولنا".

قصف شبه يومي

وكثّفت إسرائيل منذ الشهر الماضي غاراتها الجوّية على مناطق تزعم أنها معاقل لحزب الله قرب بيروت وفي جنوب البلاد وشرقها. وبدأت هجومًا بريًا في جنوب لبنان بعد تبادل للقصف على مدى سنة مع حزب الله عبر الحدود.

ومنذ شهر، تتعرض منطقة بعلبك لقصف شبه يومي. لكن غارات الإثنين كانت "الأعنف"، وفق ما كتب محافظ المنطقة بشير خضر في منشور على موقع "إكس".

وفاق عدد الغارات خلال 24 ساعة الثلاثين، وفق محافظ المنطقة النائية والحدودية مع سوريا. ويقول خضر لوكالة "فرانس برس": "ثلثا الضحايا هم من النساء والأطفال"، مضيفًا أن أعمال رفع الأنقاض لا تزال مستمرة.

وأوردت وزارة الصحة ليلًا أن الغارات الإسرائيلية المتتالية "على مدن وبلدات محافظتي بعلبك الهرمل والبقاع" شملت 12 قرية وبلدة، وأسفرت عن استشهاد ستّين شخصًا وإصابة 58 آخرين بجروح.

حاول سكان مدينة صور أن يعيدوا فتح الطرق المغلقة بسبب الركام- رويترز

وبين الشهداء ستة أشخاص قضوا بغارة استهدفت ثكنة غورو، وهي ثكنة عسكرية قديمة تعود لأيام الانتداب الفرنسي، وتقطنها منذ عقود عائلات فقيرة نازحة عند أطراف مدينة بعلبك.

وتعتبر بعلبك من كبريات مدن البقاع. وبعدما ظلت طيلة نحو عام بمنأى عن التصعيد بين حزب الله وإسرائيل، إلا أن غارات استهدفتها ومحيطها خلال الأسابيع القليلة الماضية. وغادر المدينة أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم 250 ألفًا.

"لا علاقة لهم بشيء"

وفي ثكنة غورو التي كانت أشبه بحي شعبي متواضع، تناثر الغبار والركام في كلّ مكان، بينما وقف سكان يتفقدون الحطام، منهم من كان يبحث عمّا يمكن إنقاذه. وتضرّرت سيارات عديدة في المحيط، وسويّت منازل بأكملها في الأرض، بينما تحطمت جدران مبان أخرى قريبة.

وتضرّر منزل محمّد الرفاعي الذي يعيش في حيّ مجاور. ويقول الرجل: "هذه ثكنة فرنسية قديمة، يعيش فيها مهجرون منذ السبعينيات، ليس فيها شيء آخر".

ويضيف: "ما يحصل في البلد كارثة.. الناس الذين قتلوا أبرياء، لا علاقة لهم بشيء، ولا بحزب الله".

وبموازاة الغارات على شرق لبنان، تعرضت مدينة صور الساحلية في جنوب لبنان، لجولات من الغارات منذ فجر الإثنين.

وفي شوارع المدينة التي تضم آثارًا رومانية مدرجة على قائمة التراث العالمي في منظمة العلم والثقافة والتربية، والمعروفة بشاطئها الرملي، شاهد مصور فيديو من وكالة "فرانس برس" الثلاثاء واجهات مبان منهارة وأخرى متضررة.

وفوق أحد المباني المنهارة، رُفعت لافتة صفراء كتب عليها "رغم المجازر سننتصر"، وأخرى كتب عليها بالإنكليزية "صنع في الولايات المتحدة".

وكان الدخان لا يزال يتصاعد من حطام مبنى تصاعد منه الدخان بالقرب من مقهى مدمّر، وسيارات نوافذها محطمة ومتضررة من تساقط الحطام.

وحاول سكان أن يعيدوا فتح الطرق المغلقة بسبب الركام. ويقول حسن فقيه الذي تضرّر متجر المتحف العائد لعائلته منذ أكثر من 50 عامًا "لقد فوجئنا، لا قوى أمن هنا ولا مقاومة".

ويضيف: "لم نتوقع أن تحصل الغارات في عمق المدينة السياحية، لا مبرر لذلك"، معتبرًا أنهم "يريدون محو التاريخ".

وجاء ربيع عطوي لتفقّد مطعم أحد أصدقائه على الواجهة البحرية في صور والذي تضرّر جراء الغارات الأخيرة.

ويقول عطوي: "هذا شارع اقتصادي، شريان الحياة الاقتصادية"، مضيفًا: "لا توجد أسلحة ولا صواريخ هنا، لا يوجد إلا مطاعم هذا شارع مطاعم".

ويتابع الرجل: "إسرائيل تريد تغيير معالم الحياة ويريدون إعادتنا إلى العصر الحجري كما يقولون لكننا صامدون وسنعيد إعمار" المدينة.

المصادر:
أ ف ب
شارك القصة