أفادت تقارير حقوقية ومنظمة العفو الدولية بأن الحكومة المصرية تسيء استخدام قوانين مكافحة الإرهاب بهدف احتجاز رجل الأعمال صفوان ثابت ونجله، في ظروف ترقى إلى التعذيب انتقامًا منهما لرفضهما تسليم أصول شركة جهينة، التي أسسها صفوان ثابت، إلى السلطة.
وثابت هو مؤسس لأكبر شركة للألبان والأجبان في مصر ويمتلك غالبية أسهمها، وُضع رهن الحبس الانفرادي المطوّل منذ القبض عليه قبل 10 أشهر.
في ديسمبر/ كانون الأول عام 2020 دهمت قوة مسلحة منزل ثابت في القاهرة وقبضت عليه وبعد 4 أيام أُحيل إلى محكمة أمن الدولة العليا، وأبلغه محققوها بأنه متهم بالانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها استنادًا إلى تقرير تحرّيات سير من الأمن الوطني ولم يُسمح لثابت ولا لمحاميه بالاطّلاع عليه.
وفي 31 يناير/ كانون الثاني تلقى ابنه سيف ثابت أمر استدعاء إلى قطاع الأمن الوطني ولم يُسمح له باصطحاب محاميه، وأمره المحقق بالتنازل عن كل أسهم عائلته في شركة جهينة وإلا فإنه سيواجه مصيرًا مماثلًا لمصير والده.
في الثاني من فبراير/ شباط استُدعي سيف ثابت مرة ثانية إلى قطاع الأمن الوطني لكنه لم يخرج، وفي بادئ الأمر رفضت السلطات الإفصاح عن مكانه إلى أن تمكنت العائلة أخيرًا بعد 12 يومًا من معرفة مكان وجوده في سجن العقرب.
دأب محققو محكمة أمن الدولة العليا ومن بعدهم القضاة المختصون بمكافحة الإرهاب في المحاكم الجنائية بتمديد حبس صفوان وسيف ثابت مرارًا على ذمة التحقيق في غياب الرجلين ووكيليْ الدفاع عنهما، وذلك من دون السماح لهما في أي مرحلة من مراحل التحقيق بالطعن في قانونية احتجازهما.
رغم أن صفوان ثابت يعاني من قرح في المعدة وارتفاع الكوليسترول في الدم ومن مرض الكبد الدهني فضلًا عن استبدال ركبتي مفصليْه وإصابات في الكتف، فإن الرجل محتجز في زنزانة انفرادية وهي ظروف احتجاز نجله ذاتها.
تضييق على موظفي الشركة أيضًا
وفي تصريح لمنظمة العفو الدولية ذكر مصدر على علم بأعمال شركة جهينة أن أفراد الشرطة المتمركزين أمام بعض منشآت الشركة، دأبوا على إيقاف سائقي الشركة ومصادرة سياراتهم أو رخص القيادة الخاصة بهم وكذلك على احتجاز بعضهم أحيانًا فترات وجيزة قبل عمليات التوزيع الواسع.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أصدر توجيهات بتوسيع وتطوير قدرات مصر في تجميع الألبان خلال العام الحالي، نشرت وسائل الإعلام مقربة من الحكومة مقالات تدعو إلى وضع شركات الألبان بيد الدولة وتتهم صفوان ثابت ونجله بالإرهاب.
ولفت مدير المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان شريف هلالي من المرات القليلة التي تتطرق منظمة العفو الدولية إلى رجل أعمال، مشيرًا إلى أن التقرير الصادر عنها تناول الانتهاكات القانونية التي ارتكبت بحقه وحق ابنه وتحدث عن دوافع اقتصادية.
مخالفات قانونية بذريعة قانون الطوارئ
وأكد هلالي خلال حديث من إسطنبول إلى "العربي"، أن الاحتجاز رهن المحاكمة هو استثنائي ولا ينطبق على حالة ثابت وابنه، لافتًا إلى أنه ولو طُبّق هذا الاستثناء فإنه لا يمكن أن يتجاوز ستة أشهر وإلا يُعتبر حجزًا تعسفيًا بحسب المعايير الدولية لحقوق الإنسان واللجنة الدولية لحقوق الإنسان.
وانتقد هلالي الإساءة إلى ضمانات المحاكمة العادلة التي تبدأ من منع المحامين من الحضور في كل مراحل التحقيق والاطّلاع على تقارير التحريّات، ولا تنتهي باحتجازه في أسوأ سجن في مصر هو سجن العقرب ورفض إدخال الأدوية إليه رغم كبر سنه وتأكيد إصابته بعدد من الأمراض.
وقال الهلالي إن مصر تشهد مناخًا استثنائيًا من تقييد حقوق الإنسان الموجودة في الدساتير والاتفاقات الدولية التي وقعت عليها، وأبدى استغرابه من الحديث عن استراتيجية حقوق الإنسان التي أطلقها السيسي.
وشدد الهلالي على استمرار خرق القوانين عبر المحاكمات أمام محكمة أمن الدولة العليا التي تصدر القرارات المبرمة والنهائية غير القابلة للاستئناف بموجب قانون الطوارئ.
سير المحاكمات في محكمة أمن الدولة
يُعرض على النيابة فترة 150 يومًا ثم يُحال بعدها إلى لجنة قضائية أو دائرة قضائية بعد مرور هذه المدة موضحًا أن قانون الحبس الاحتياطي يتيح توقيف المتهم مدة عامين، ويمكن أن تُلفق له قضية ثانية ويُجدد لحبسه عامين آخريْنِ.
وأشار هلالي إلى استمرار منظمته في رصد الانتهاكات القانونية والتشريعات الاستثنائية التي يتم فرضها كقانون الطوارئ ودور نيابات أمن الدولة.
وذكر بأنها تواصل وضع توصيات باستقلالية القضاء وتجاهل السلطات القضائية الأخرى للمخالفات القانونية والحؤول دون أن تحوز النيابة العامّة على أكثر من سلطة.
