خوفًا من الغزو الفرنسي بعد الانفصال عن روما، أقام هنري الثامن خطًا من الحصون الساحلية الضخمة على طول القناة الإنكليزية، وكانت قلعة هيرست أكثرها قوّة. ومنذ عام 1544، صمدت القلعة، خلال حروب نابليون والحرب العالمية الثانية.
ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، انهار قسم كبير من القلعة في وقت سابق من العام الحالي. والجزء المنهار هو عبارة عن جناح شُيّد في منتصف القرن التاسع عشر من قبل أفضل المهندسين العسكريين في العالم، في مواجهة التيارات المائية السريعة في مياه مضيق سولنت.
وستفقد معظم الدول آثارها الثقافية نتيجة تغير المناخ، بما في ذلك الولايات المتحدة. لكن بريطانيا معرضة للخطر بشكل خاص، كونها تحتوي على مواقع أثرية كثيرة.
ويقوم القائمون على رعاية القلعة بواجبهم لحمايتها والمحافظة عليها، لكن من الصعب محاربة البحر على وجه التحديد، كما يقول القائمون على رعايتها، خاصّة مع ارتفاع منسوب المياه باطراد والعواصف الشتوية الشديدة، في عالم يزداد احترارًا.
انهيار كارثي
ويكافح دعاة الحفاظ على البيئة في بريطانيا لـ"حماية الماضي من أجل المستقبل"، لأنهم يُدركون أنه لا يمكن حفظ كل شيء، وستكون هناك خسارة.
الانهيار الكارثي للجناح الشرقي، بدا كما لو أن جدار القلعة قد أصيب بنيران مدفع من سفينة حربية. وهناك شقوق عميقة في حصون الجناح الغربي التي تعود إلى العصر الفيكتوري، التي يحيط بها الآن سياج، وممنوعة على الزوّار في المستقبل المنظور.
وقال روب وودسايد، مدير العقارات في منظمة الحفاظ على التراث الإنكليزي، التي تمتلك وتعتني بقلعة هيرست إلى جانب 400 موقع آخر: "تم تصميم هذا المكان ليتحمل أسوأ الأسوأ".
وبعبارة "أسوأ الأسوأ"، كان وودسايد يعني الحصار والقصف. وقال: "تمّ بناء هذه الهياكل التاريخية لتواجه المناخ في تلك العصور، وليس المناخ المتغيّر الذي نشهده اليوم".
تقويض أسس القلعة
وفي السنوات الأخيرة، فقدت قلعة هيرست شاطئها، على الأرجح نتيجة عقود من التطوير الساحلي. وارتفع منسوب المياه، وهبّت العواصف وانكشف البحر، ما قوّض أسس القلعة.
ولإصلاح الانهيار، والحفاظ على القلعة، استخدمت منظمة الحفاظ على التراث 5 آلاف طن من حصى الغرانيت و6 آلاف طن من حصى الشواطئ، لإنشاء دفاعات بحرية جديدة، بتكلفة تزيد عن 2 مليون دولار.
وشرح وودسايد أنه خلال الـ100 عام الماضية، ارتفع مستوى سطح البحر بمقدار خمس بوصات في هذه البقعة بالذات. وبحلول نهاية القرن، قد يصل الارتفاع إلى أكثر من ثلاثة أقدام.
وتقع القلعة على شريط رملي. وحذّر الصندوق الوطني في مارس/ آذار الماضي، من أنه في حين أن 5% من مواقع بريطانيا الأثرية، البالغ عددها 67،426، تواجه بالفعل "أعلى مستوى" من التهديد من تغيّر المناخ، فإن هذه النسبة قد ترتفع إلى 17% خلال السنوات الـ 40 المقبلة، اعتمادًا على الإجراءات التي يتخذها العالم للحدّ من الاحترار في المستقبل.